نشرت BBC تقريرا مطولا عن الصراع الأميركي الإيراني داخل الأراضي العراقية الذي وصفته بأنه “حرب ظل” شهدت تغييرا في “قواعد اللعبة” مؤخرا، فيما أشارت إلى أن العراقيين لا يتفقون مع ضباط الجيوش الأجنبية عندما يعدون الفصائل المسلحة مجرد وسيلة إلهاء.

نص التقرير:

استخدمت الطائرة بدون طيار، المحملة بالمتفجرات لمهاجمة مستودعات لوكالة المخابرات المركزية في القاعدة الجوية الأميركية بجانب المطار المدني في أربيل، في شهر نيسان.

وقال قائد أميركي “كانوا يعرفون ما يضربونه لكنهم لم يعرفوا ما بداخله”.

يذكر أنه خلال العام ونصف العام الماضيين وقع نحو 300 هجوم على المصالح الأميركية في العراق معظمها بالصواريخ وعبوات ناسفة بدائية الصنع استهدفت قوافل الإمدادات.

وقال القائد إن “هذا يغير قواعد اللعبة”.

“تصعيد كبير”

كانت الطائرة إيرانية الصنع من الدرجة العسكرية، ودقتها تشكل تهديدا أكبر، كما يصعب إيقاف الطائرات من دون طيار. وتنفي ايران تورطها في هذه الاعتداءات.

منذ أن اغتالت الولايات المتحدة الجنرال الإيراني قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، في غارة بطائرة من دون طيار في بغداد في كانون الثاني 2020، اندلعت حرب الظل بين الولايات المتحدة وإيران على الأراضي العراقية.

وتتمركز القوات الأميركية التي تشكل حاليا لواء من الحرس الوطني في لويزيانا في قاعدة أربيل في شمال إقليم كردستان. وهم جزء من التحالف الدولي، الذي يضم قوات بريطانية أيضا، لدعم القوات الكردية العراقية والسورية في المراحل الأخيرة من الحرب ضد تنظيم داعش. لكنهم لا يشاركون في عمليات قتالية، وأكبر تهديد يواجهونه هو من الجماعات المدعومة من إيران.

لا يوجد سوى 2500 جندي أميركي على الأرض في العراق وشمال شرق سوريا الآن، وهو رقم حدده الرئيس السابق دونالد ترامب، ولم يغيره خليفته جو بايدن. وفي قرار غير ملزم صدر بعد مقتل سليماني والمهندس، دعا البرلمان العراقي القوات الأجنبية إلى المغادرة.

بعد شهر من هجوم أربيل، تم اعتراض طائرة ثانية إيرانية الصنع أثناء استهدافها قاعدة الأسد الجوية في محافظة الأنبار غرب العراق.

ووصف العميد ريتشارد بيل، نائب القائد البريطاني لحملة التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش، المعروف باسم “عملية العزم المتأصل”، هجمات الطائرات من دون طيار بأنها “تصعيد كبير”.

وقال القائد البريطاني عن الفصائل المدعومة من إيران “إننا نأخذهم على محمل الجد كائتلاف. لدينا قدرات دفاعية كبيرة لن أخوض فيها، ومع ذلك، ما أود قوله هو أننا نحتفظ بالحق الأصيل في الدفاع عن النفس، كما تفعل أي منظمة على حدة”.

 

حسابات خاصة

الولايات المتحدة لم ترد بعد على الهجمات، فهي تركز حاليا على المفاوضات النووية مع إيران، كما أنها قلقة من أن الرد من شأنه أن يمكن المتشددين المرشحين للانتخابات الرئاسية الإيرانية الأسبوع المقبل.

وقال القائد البريطاني إن “الكاظمي رئيس الوزراء العراقي هو الذي يصفها بأنها مجموعات خارجة عن القانون. وأعتقد أن هذه طريقة عادلة جدا لوصفهم… إنهم تحد لنا، لكن ما أود قوله هو أنهم ليسوا أكثر من إلهاء. المهمة الرئيسة هي مساعدة الشعبين العراقي والسوري على الحفاظ على الهزيمة الدائمة لداعش”.

ولكن بالنسبة للشعب العراقي، فإن الفصائل المسلحة أكثر من مجرد إلهاء، وإنما تمثل تهديدا مميتا.

تم طي تلك الفصائل في قوات الأمن العراقية تحت اسم قوات الحشد الشعبي، بعد أن ساعدوا في هزيمة تنظيم داعش في عام 2017. لكنهم متهمون بارتكاب عمليات قتل إضافية، وهم متهمون بقتل المتظاهرين الذين خرجوا إلى الشوارع في تشرين الأول 2019، مطالبين، من بين أمور أخرى، بحكومة جديدة ووضع حد للتدخل الأجنبي في بلادهم.

وقتل أكثر من 500 شخص أثناء الاحتجاجات، واغتيل ما لا يقل عن 34 ناشطا وصحفيا.

 

“تحقيق مسرحي”

في الشهر الماضي، خرج الشبان مرة أخرى إلى الشوارع، وطالبوا هذه المرة بمعرفة “من قتلني؟”. وقتل اثنان آخران على الأقل على يد قوات مكافحة الشغب في بغداد.

علي كاظم محمد رجل هادئ. يرتدي ملابس سوداء ويجلس إلى جانب صورة لشقيقه أمجد الدهامات، الناشط الذي قتل بالرصاص في ميسان، جنوب بغداد. لا يثق علي كثيرا في التحقيق الرسمي الذي تجريه الحكومة في مقتل المتظاهرين.

وقال “إنه تحقيق مسرحي أكثر منه كتحقيق واقعي، وأستطيع أن أقول إن القضاة يتعرضون لضغوط حتى لا يحققوا بشكل صحيح”.

وأضاف “توقف التحقيق في قتل أخي وسجلت القضية ضد مجهول، وعلى الرغم من أن المكان الذي اغتيل فيه أمجد هو منطقة حكومية مجهزة بكاميرات مراقبة، إلا أنهم لم يتمكنوا من الوصول إلى أي شيء”.

وهو يلقي باللوم على تفكك الدولة العراقية في وفاة أخيه.

“إن انحلال الحكومة هو الذي يؤدي إلى انتشار الأسلحة في كل شارع وفي كل مربع. وحتى في الإدارات الحكومية ستجد رجالا مسلحين”.

 

أكثر من ديكتاتور

من المقرر إجراء الانتخابات البرلمانية في تشرين الأول من هذا العام، لكن المحتجين يطالبون بالفعل بالمقاطعة. لقد فقدوا الثقة في قدرة الحكومة على الحفاظ على سلامتهم أو تحقيق التغيير.

وقد نجا موسى رحمة الله مرتين من محاولات قتل واضطر إلى الفرار من العراق لفترة من الوقت. وقد شارك في حركة الاحتجاج منذ بدايتها.

وقال “كنا نأمل في انتخابات ديمقراطية وشفافة ومهنية، لكن ذلك لن يحدث بهذه الطريقة، ولن تستنسخ الطبقة السياسية نفسها إلا من خلال تنظيمها مسرحيا وجعل الشعب يشارك فيها”.

ويضيف “صدام حسين كان ديكتاتورا واحدا، ولكن الآن لديك ديكتاتور في كل زاوية وجميعهم شموليون يريدون أن يعيش الناس وفقا لمعاييرهم. أحدهم يريد نمط حياة دينية، والآخر يتبع أيديولوجيا، والثالث يريد أسلوب حياة بدائية محافظة. لذا يجب على المرء أن يتبعهم عن طيب خاطر أو تحت تهديد السلاح”.