ليست زيارة البابا فرنسيس فريدة من نوعها لأنها رحلة للكرسي الرسولي يمر فيها في أرض ابراهيم، في أرض سومر وبابل وأشور فحسب.
إنها لحظة تاريخية لأن العالم يراكم، أيها العراقيون، كما أنتم، لأول مرة.
إنها لحظة تاريخية لأن العالم لا يراكم من عدسة الإعلام الدولي أو العربي، لا يراكم في الصور النمطية لفوكس نيوز أو سي إن أن، أو الجزيرة أو العربية.
إنها لحظة تاريخية لأنها تستعيد هويتكم الحقيقية التي غطاها رماد الزمن.
إنها لحظة تاريخية، لأن العالم يتطلع إليكم من جديد، خارج عدسة الفشل والحرب والنزاع، خارج مكانكم المختزل كزاوية مستباحة، معدومة السيادة تعبث بها التنظيمات الإرهابية والمافيات والميليشيات فسادا وفوضى.
إنها لحظة هاربة يتذكر فيها المجتمع الدولي حجم عمقكم الحضاري والروحي.
لحظة يستكشف فيها انطلاقة الإيمان من أرضكم، يحتفي بإبراهيمكم كأب للأنبياء، وبأوركم كأرض الرسالات.
توقفوا عن التعامل مع الزيارة كمنصة لنشر السلبيات واستعيدوا من خلالها ثقتكم بهويتكم وأرضكم، ثقتكم بعراقكم الذي هو عاصمة التنوع ومنطلق حوار الأديان وموطن الحضارات.
لا تدعو لحظة الفخر الوحيدة منذ أعوام تفلت من بين أيديكم، لأنكم لم تروا أبعد من واقع سياسي محبط كاتم للأنفاس
احتفوا بعراقكم من خلال الزيارة ما دام قداسة البابا هو سفيركم هذه المرة
الصورة مع السفير البابوي في بغداد، في لقاء كان أشبه بمحاضرة عن عمق التنوع الرافديني، على نحو يربك أي شخص تنمطت في ذهنه صورة العراق في مجرد مكان قلق ومميت.

الباحث العراقي المختص بشؤون الأقليات د. سعد سلوم