UTV – بغداد

خلال ساعات الظهيرة في بغداد، تتجاوز درجات الحرارة حاجز الـ50 مئوية، في ظل تحذيرات طبية متكررة بعدم التعرض المباشر لأشعة الشمس بين الساعة الواحدة والرابعة بعد الظهر.

لكن هذه التحذيرات تصطدم بواقع آخر على الأرض، حيث تزدحم شوارع العاصمة بالباعة المتجولين والعاملين اليوميين ممن لا يملكون رفاهية البقاء في منازلهم.

في ذروة موجة حر تضرب البلاد كل صيف، يتصاعد حجم التحديات التي تواجه المواطنين، خصوصا الفئات الأكثر هشاشة، كالأطفال والنساء والعاملين تحت أشعة الشمس المباشرة، ومع غياب الخطط الحكومية الحقيقية لحمايتهم، تصبح الحياة اليومية اختبارا قاسيا لقوة التحمل.

سجاد، وهو سائق توصيل، يقول: “كما ترى، الحر يقتلنا. لا يوجد عمل، ولكننا مضطرون للخروج. أنا أعمل في التوصيل، وهذا الجو ينهك الجميع. عمّال البناء وسائقو التوصيل يعانون بشكل يومي”.

أما عبد الله، وهو عامل بأجر يومي، فيضيف: “العاملون في الأسواق والمحال يعتمدون على الأجر اليومي. لا يملكون مصدر دخل ثابت، وإذا لم يخرجوا للعمل، فلن يحصلوا على شيء. لا خيار أمامهم”.

وتتفاقم معاناة العراقيين في الصيف بسبب هشاشة البنية التحتية وضعف القوانين التي تنظم توقيتات العمل، وفي ظل الفقر وغياب الضمانات الاجتماعية، يُضطر الملايين لخوض معركة يومية ضد أشعة الشمس الحارقة، خصوصا في ظل ركود اقتصادي أثّر سلبا على النشاط التجاري، ولاسيما خلال ساعات النهار.

محمد، صاحب بسطة صغيرة، يصف تأثير الحرارة قائلا: “درجات الحرارة أثّرت على السوق بشكل كبير. كانت الحركة في هذا الشارع لا تتوقف طوال اليوم، أما الآن فانخفض الإقبال. كنا نبيع عشرات الحاجات، أما اليوم فنبيع حاجة أو اثنتين فقط”.

علي، وهو بائع متجول، يواجه ظروفا أصعب، ويقول: “نعمل على الرغم من كل الظروف. الحرارة مرتفعة، ولا توجد كهرباء. حتى المولدات لا تعمل كما ينبغي. الأجواء لا تطاق، ولكننا مضطرون للاستمرار”.

وما تزال المعالجات الحكومية محدودة، إذ تقتصر في الغالب على منح عطلات رسمية في أيام الذروة الحرارية، أو تقليص ساعات الدوام الرسمي، غير أن تلك الإجراءات لا تمسّ قطاع العمل غير الرسمي، الذي يضم شريحة واسعة من العاملين اليوميين.

وفي بلد يتصدر قائمة دول العالم من حيث ارتفاع درجات الحرارة، تزداد صعوبة الحياة مع كل صيف جديد، فيما لا تزال البنية التحتية المتهالكة من أبرز العوامل التي تعقّد الاستجابة للظروف المناخية القاسية.

وعلى الرغم من التحذيرات الطبية المتكررة من التعرض المباشر لأشعة الشمس في ساعات الذروة، فإن ضغط الحاجة الاقتصادية يدفع الآلاف إلى تجاوز تلك التحذيرات يوميا، في محاولة لتأمين قوت يومهم.

هؤلاء لا يملكون ترف الاختيار بين الراحة أو العمل، فالحياة في العراق لا تمنح وقتا كافيا للاحتماء من شمس تحرق حتى الإسفلت.

تقرير: علي أسد