اكتشف فريق بحثي كوكبا يحمل مواصفات قد تجعله صالحا للحياة، على بعد 35 سنة ضوئية من الأرض، في خطوة قد تقربنا من حل أحد أعظم ألغاز العلم.

وتمكن الفريق من معهد تروتييه لأبحاث الكواكب الخارجية، باستخدام تلسكوب “تيس” الفضائي التابع لناسا، من رصد الكوكب الذي أطلق عليه اسم “L 98-59 f”، وهو واحد من خمسة كواكب تدور حول نجم قزم أحمر.

ويقع الكوكب في “المنطقة الصالحة للحياة” حيث يمكن للماء أن يبقى سائلا، ويتلقى كمية طاقة نجمية مشابهة لتلك التي تحصل عليها الأرض من الشمس، وهو يشكل جزءا من نظام كوكبي مدمج ومتنوع بشكل لافت.

وكان النظام النجمي L 98-59 معروفا سابقا باحتضانه أربعة كواكب فقط، لكن التحليل الدقيق للبيانات من التلسكوبات الأرضية والفضائية كشف عن وجود الكوكب الخامس.

وعلى عكس الكواكب الأخرى في النظام، فإن هذا الكوكب لا يمر مباشرة بين نجمه والأرض، بل تم اكتشافه من خلال دراسة التغيرات الطفيفة في حركة النجم المضيف.

وفي هذا النظام الكوكبي المذهل، يقدم كل عالم قصة مختلفة تثير فضول العلماء، فأقرب الكواكب إلى النجم يشبه الأرض إلى حد كبير، لكنه أصغر قليلا، حيث يبلغ حجمه نحو 84% من حجم كوكبنا، وهذا التشابه يجعله هدفا مثيرا للدراسة، خاصة مع وجود احتمالية أن يكون له خصائص مشابهة للأرض.

أما الكوكبان التاليان في المسافة من النجم، فيحملان مفاجأة أخرى. ويشبه هذان العالمان البركانيان قمر “آيو” التابع للمشتري، المعروف بنشاطه البركاني الهائل، يمكن تخيل هذين الكوكبين كعالمين ملتهبين تغطيهما البراكين النشطة التي تثور باستمرار، ما يجعلهما مختبرا طبيعيا لدراسة الظروف الجيولوجية القاسية.

وفي منتصف هذا النظام الكوكبي، يطفو عالم غامض آخر قد يكون أغربها على الإطلاق، ويعتقد العلماء أن هذا الكوكب الرابع قد يكون “عالما مائيا” بالكامل، حيث تغطي المحيطات الشاسعة معظم سطحه، إن لم يكن كله، ومثل هذا العالم المائي قد يحوي أسرارا عن أشكال الحياة التي يمكن أن توجد في بيئات مختلفة عن أرضنا.

وهذا التنوع الكوكبي الاستثنائي يجعل من نظام L 98-59 بمثابة كنز ثمين للعلماء، كل كوكب في هذا النظام يروي قصة مختلفة عن كيفية تشكل العوالم وتطورها، ما يوفر فرصا غير مسبوقة لفهم تنوع الكواكب في مجرتنا، كما أن القرب النسبي لهذا النظام (35 سنة ضوئية فقط) يجعل دراسته أكثر سهولة مقارنة بالعديد من الأنظمة الكوكبية الأخرى التي اكتشفت حتى الآن.

ويعتزم الفريق استخدام تلسكوب جيمس ويب الفضائي لدراسة هذا النظام بمزيد من التفصيل، للإجابة عن أسئلة جوهرية حول تكوين الكواكب الصخرية وإمكانية احتفاظها بالغلاف الجوي حول النجوم القزمة الحمراء.