عندما يفقد الإنسان كرامته الاجتماعية وتهدر سنين عمره وراء القضبان ربما لا يجد سوى الانتقام سبيلا لاسترداد بعض مما سلب منه، لكن الفيلم الجزائري (أرض الانتقام) يسير عبر طريق مختلف لتصفية حسابات الماضي والوصول إلى عدالة ربما تتحقق وربما لا.
الفيلم من بطولة سمير الحكيم ومحمد موفق ومحمد تكيرات وزهرة فيضي وحميد كريم، ومن تأليف وإخراج أنيس جعاد.
وهو ثاني الأفلام الروائية الطويلة للمخرج الذي يملك أيضا في رصيده مجموعة من الأفلام القصيرة، وينافس الفيلم ضمن مسابقة (آفاق السينما العربية) في الدورة الخامسة والأربعين لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي الذي يختتم فعالياته الليلة.
يسرد الفيلم في 96 دقيقة قصة جمال الذي خرج من السجن عاقدا آماله على تلقي مبلغ من المال من رئيسه السابق في العمل مقابل دخول السجن بدلا منه، لكنه يتلقى الصدمة الأولى حينما يعود إلى منزله فيجد زوجته مريم قد هجرته واستولت على حساباته البنكية واختفت مع ابنهما عادل بلا أثر.
لا يجد جمال خيارا إلا التوجه إلى بيت أخته يامنة للعيش معها حتى يحل أزمته، ويتوجه بالفعل إلى رئيسه في العمل الذي يعده بسداد ما عليه من المال، إلا أنه لا يفي بوعده.
تنصحه يامنة بالتخلي عن هذا المال لأنه “مال حرام” لكنه يقرر ترك حياة المدينة والعودة إلى قريته الريفية التي نشأ فيها للبحث عن زوجته وكذلك لتصفية حسابات قديمة مع أشخاص من قريته.
وعن فكرة الفيلم، قال المخرج أنيس جعاد قبل العرض إن الفيلم “تجربة أخرى عن الانتقام، ليس الانتقام العنيف… نوع آخر من الانتقام”.
وذكر باللغة الفرنسية في حلقة نقاشية عقب الفيلم أنه يكتب استنادا إلى الموسيقى التي يستمع إليها وأنها “المحرك” الرئيسي لتفكيره في القصة والأحداث في أفلامه، وذلك عند سؤاله عما إذا كان هناك تماس بين هذا الفيلم والفيلم الأمريكي الشهير “الأب الروحي” (ذا جاد فاذر) لاستخدامه موسيقى الفيلم التي وضعها نينو روتا.
أما عن أسلوب جعاد في الاعتماد على الكاميرا الثابتة (ستيدي كام) في تصوير معظم المشاهد، فقال إنه متأثر بالمدارس السينمائية الإيرانية والروسية وإن هذا الأسلوب مستخدم في معظم أفلامه، وإنه يدري أن البشر يتحركون في المطلق “لكننا كمشاهدين في حالة أكثر ثباتا”.
وأضاف أنه يفضل هذا الأسلوب لأنه يتيح للممثلين فرصة ومساحة للتصرف بطبيعية وراحة أكثر للتعبير عما يشعرون به أمام الكاميرا، لأن كثرة الحركة قد تلهيهم عن التركيز على الإحساس والدور.
وتحدث الممثل سمير الحكيم الذي جسد شخصية البطل قائلا قبل عرض الفيلم إن الدور “عنده مكان عزيز في قلبي لأنه أول دور رئيسي… في الكاريير تاعي (مسيرتي المهنية)”.
وأضاف أن شخصية جمال “معقدة كتير لأنه لما خرج من السجن خرج من أجل تحقيق أهداف… فقد مكانته في المجتمع… بالتالي خرج باش (من أجل) يحقق أهداف، لكن أهداف ما قدرش يحققها، بالتالي إحنا في حلقة مغلقة. جمال لما انتهى الفيلم بدأ من البداية”.