وصف باحثون سوريا بـ “نهر عظيم” شكلت بعض روافده منجزات البشرية وساهم في صناعة الحضارات الإنسانية منذ قدم التاريخ.

ووفقاً لمؤرخين سوريين فقد وجد الإنسان في البيئة السورية منذ أقدم العصور ولاءم حياته في الكهوف وجبال القلمون والشمال والساحل وتدمر والبادية وحوضي العاصي والفرات واكتشفت في هذه المناطق أقدم الأدوات الصُوّانية.في السياق ذكر الباحث الدكتور علي القيم، معاون وزير الثقافة الأسبق، في تصريح خاص لـ “سبوتنيك”، أن “سوريا عبر التاريخ كانت منفتحة على الآخر وأغنت التجارب الإنسانية وقد ظهرت فيها أقدم معاهدة سلام بين الدول وأقدم أنشودة حب وأقدم نوتة موسيقية وأقدم قاموس وأقدم أبجدية في التاريخ”. في التفاصيل، أوضح الباحث القيم: “ظهرت في سوريا أقدم أنشودة حب وهي عبارة عن رقيم مسماري عثر عليه في إيبلا يروي قصة أحد العشاق الذي كان يحب فتاة لم تكن تبادله الحب فقام بتدوين هذه الأنشودة عساها تحن إليه وتبادله نفس المشاعر وهي قصيدة بكل ما يعنيه شعر التفعيلة”.وتقول بعض الترجمات الآثارية السورية أن (أنشودة النجوم) المكتوبة بـ (اللغة المسارية)، تقول: “أيتها المرأة المنقوش اسمها على فؤوس المحاربين.. عندما أحببتك. أيقنت أن النور سيكتب على باب بيتي عبارات التمجيد.. وسيكتب اسمي على أذيال الشمس.. فماذا أفعل حبيبتي.. كي أكون جديرا بك.. هل أنشر الأبيض على أبواب المدينة وأسوارها.. أعاهد نفسي ألا أحزنك يوما”.بين القيم أن “أقدم نوتة موسيقية ظهرت في مدينة أوغاريت على الساحل السوري وهي عبارة عن رقيم مسماري فيها لازمة وقد أجرى أكثر من فنان قديم وحديث ودراسات كثيرة عنها، وهي الأبجدية الموسيقية وكتبت على هذا الرقيم “أنشودة الحب” وعلى الوجه الثاني نجد التدوين الموسيقي وفق السلم السباعي الذي ينسب خطأ إلى فيثاغورث عام 500 قبل الميلاد بينما تعود هذه الأنشودة تعود إلى عام 2400 قبل الميلاد”.

وقال الباحث القيم أن “أقدم معاهدة سلام” ظهرت في سوريا كتبت على رقيم مسماري في تل مرديخ بمدينة إيبلا جنوب مدينة حلب بحوالي 60 كيلومترا باتجاه محافظة إدلب عقدت بين مملكة إيبلا ومملكة أبارسال التي تقع في أعالي منطقة الجزيرة السورية على الحدود السورية العراقية بالقرب من نهر دجلة، وتعود إلى عام 2400 قبل الميلاد، ودوّن عليها نصوص حول الدفاع والتعاون والإخاء والمشاركة في كثير من الأمور وهي أقدم معاهدة سلام بين الدول في التاريخ.

وتابع: “القواميس ظهرت أيضاً في إيبلا وفي ماري وأوغاريت وأقدم هذه القواميس هو الذي ظهر في القصر الملكي في مدينة إيبلا في تل مرديخ حيث كان يدرس للطلاب باللغة الإبلاوية واللغة الأكادية وهي من أقدم القواميس في العالم”.

وأردف: “أقدم أبجدية معروفة “أبجدية أوغاريت” والتي تعود إلى عام 1400 قبل الميلاد وهي أقدم أبجدية معروفة في العالم حتى الآن حيث قام الفنان والعالم الأوغاريتي باختصار الإشارات المسمارية من 800 إلى 600 إشارة إلى 30 حرفاً، ومنها تطورت الأبجدية الفينيقية ووصلت إلى الصين شرقاً وأقاصي البحر المتوسط”، وأنا سميتها “ثورة المعلوماتية الأولى”، لأنها اختصرت الكثير من الإشارات وهي تشبه الأبجدية العربية مع إضافة حرفين لتصبح 30 حرفاً، وباعتقادي إنها كانت ثورة في عالم الكتابة والتدوين، وهنا لابد من الإشارة إلى أن مدينة أوغاريت كانت تضم أكثر من 8 لغات وكانت “ملتقى الحضارات والشعوب”، وهو عنوان “كتاب لي لم يصدر بعد يقدم معلومات جديدة في غاية الأهمية عن حضارة أوغاريت”.