أعلن مجموعة من علماء الفلك مقترحا يقتضي إعادة صياغة التعريف الفلكي الحالي المعتمد من قبل الاتحاد الفلكي الدولي حول تصنيف الكواكب، والذي يشوبه الغموض والقصور على حد تعبيرهم، إذ أنه يقصي جميع الكواكب الأخرى خارج المجموعة الشمسية ولا يشملها على حسب نص التعريف.
ويظهر المقترح ضمن ورقة بحثية حملت عنوان “المعايير الكمية لتعريف الكواكب” وتركز على جانبين مهمين: أحدهما لغوي والآخر الجانب العلمي، وهذا من شأنه وضع الأمور في نصابها الصحيح أثناء عمليات التنقيب في الفضاء الشاسع والبحث في العوالم الأخرى.
تبنى الاتحاد الفلكي الدولي على أعقاب اجتماع شهير عُقِد عام 2006 للبحث في مسألة تحديد مصير الكوكب القزم بلوتو، وقد أسفر عن الاجتماع استبعاده بناء على المعايير الثلاثة التي وُضِعت آنذاك، وهي على النحو الآتي:
- أن يدور الجرم السماوي حول الشمس.
- أن يمتلك الجرم السماوي كتلة كافية تسمح له بالتكوّر (يصبح كروي الشكل) حول نفسه بفعل الجاذبية المركزية، مما يُعرف بالتوازن الهيدروستاتيكي.
- أن يهيمن الجسم بكتلته على مداره، فلا يكون هناك جسم آخر ذو كتلة متقاربة في نفس المدار.
وقد تمكن بلوتو من استيفاء الشرطين الأولين، وفشل في الثالث، إذ إنه لم يكن قادرا على الهيمنة بجاذبيته بشكل كاف في مداره بسبب وجود القمر شارون الذي يمتلك نصف كتلة بلوتو تقريبا، مما جعل مداره غير مستقر.
وبالنظر إلى المعايير الثلاثة، يتضح أنّ ثمّة محدودية في نطاق التعريف وأنّه غير قابل للتطبيق معظم الأوقات، وخاصةً مع الكواكب الخارجية التي تقع بعيدا عن المجموعة الشمسية، كما أنّ المعايير يعتريها شيء من الغموض وتفقد بعض الدقّة كما أشار إليه الباحثون.
فقالوا إن المعيار الأول -بإشارة واضحة- يقتصر على الكواكب التي تدور حول شمسنا بالتحديد، وهذا يعني أنّ ثمّة إقصاء مباشرا لجميع الكواكب الخارجية الأخرى التي تملأ الكون.
كما أن المعيار الثالث يفتقد للدقة في الوصف، فيشير إلى وجوب “هيمنة الجسم بكتلته على المدار” وهو أمر غير ممكن قياسه ولا يمكن تطبيقه حسابيا، وعليه فإنّ المقترح الجديد يشمل معايير أكثر دقة وصلابة تعالج هذه المشاكل.
يقترح هذا الفريق أن التعريف الجديد ليس بعيدا عن إطار التعريف القديم، إلا أنّه دقيق الوصف ويمكن استخدامه لإدراج وتمييز الأجرام السماوية في المجموعات الفلكية الصحيحة، ولا يكون الجرم السماوي كوكبا إلا إذا حقق الشروط الآتية:
- أن يدور حول نجم أو أكثر، أو أن يدور حول قزم بنّي أو بقايا نجم.
- أن تتجاوز كتلته 100 سكستليون كيلوغرام. (السكستليون هو عبارة عن عدد يكون فيه الرقم واحد وأمامه 21 صفرا)
- ألا تتجاوز كتلته 13 ضعف كتلة كوكب المشتري.
وتحافظ المعايير الجديدة على طبيعة الكواكب مع الإشارة إلى خصائصها الفيزيائية بشكل رياضي محكم، مع الوضع بعين الاعتبار استثناء الأجرام السماوية التي تقع في مرتبة ما دون النجوم ولا تندرج تحت التصنيف الكوكبي، مثل الأجرام التي تفوق كتلتها 13 ضعف كتلة المشتري، لأنّه في ذلك الحين تبدأ عمليات الاندماج النووية الحرارية بالحدوث فتكون أقرب للأقزام البنية.
وأما بالنسبة لسمة الشكل الظاهري للكوكب، بأن يكون كروي الشكل، وفقا لمعايير التعريف الحالي، فإنّ الباحثين لا يجدون أنّ هذا المعيار يمكن تطبيقه أو الاستدلال به على الأجرام السماوية البعيدة لانعدام الأدلة على وجه الدقة، لذا يعد شرطا غير مجد، علمًا بأنّ جميع الكواكب كروية -بيضاوية- بشكل عام.
وعلى أيّة حال، فإن الباحثين وجدوا أن جميع الكواكب في المجموعة الشمسية تتجاوز كتلتها سكستليون كيلوغرام، وأنها تبدو جميعها كروية الشكل، لذا يستوفي الحد الرياضي الذي وضعه الباحثون تلقائيا الشكل الفيزيائي للكوكب.
وأخيرا يأمل الباحثون أن يؤخذ مقترحهم على محمل الجد والأهمية حينما يجري تقديمه إلى المجتمع العلمي في أغسطس/آب المقبل.