تسبب العدوى والأمراض التنكسية العصبية التهابا في الدماغ. غير أنه ولأسباب غير معروفة غالبا ما يعاني المرضى الذين لديهم التهاب في الدماغ من مشاكل عضلية يبدو أنها غير مرتبطة بالجهاز العصبي المركزي.
وكشفت دراسة حديثة كيف يُطلق التهاب الدماغ بروتينا محددا ينتقل من الدماغ إلى العضلات ويسبب فقدانا في وظيفة العضلات.
أُجريت الدراسة -التي أجراها باحثون من كلية الطب بجامعة واشنطن في سانت لويس ونُشرت في 12 تموز الحالي بمجلة علم المناعة- على ذباب الفاكهة والفئران، وحددت أيضا طرقا لمنع هذه العملية، مما يمكن أن يكون له آثار في علاج أو منع الهزال العضلي المرتبط أحيانا بالأمراض الالتهابية، بما في ذلك العدوى البكتيرية ومرض ألزهايمر وكوفيد الطويل.
ووفقا لموقع يوريك أليرت، يقول الباحث الرئيسي آرون جونسون الأستاذ المشارك في كلية الطب بجامعة واشنطن في سانت لويس: “نحن مهتمون بفهم التعب العضلي العميق المرتبط ببعض الأمراض الشائعة”.
وأضاف: “تشير دراستنا إلى أنه عندما نصاب بالمرض، تنتقل بروتينات مرسلة من الدماغ عبر مجرى الدم وتقلل من مستويات الطاقة في العضلات الهيكلية. هذا أكثر من مجرد نقص في الدافع للتحرك لأننا لا نشعر بالراحة. هذه العمليات تقلل من مستويات الطاقة في العضلات الهيكلية، مما يقلل من القدرة على التحرك والعمل بشكل طبيعي”.
وللتحقيق في تأثيرات التهاب الدماغ في وظيفة العضلات، استخدم الباحثون ثلاثة أنواع مختلفة من الأمراض: عدوى بكتيريا الإشركية القولونية، وعدوى فيروسية بسارس كوف2 (فيروس كوفيد 19) وألزهايمر.
عندما يتعرض الدماغ للبروتينات الالتهابية المميزة لهذه الأمراض، تتراكم المواد الكيميائية الضارة المعروفة بالأنواع التفاعلية للأكسجين، وتتسبب الأنواع التفاعلية للأكسجين بإنتاج خلايا الدماغ لجزيء مناعي يسمى إنترلوكين 6، والذي ينتقل في جميع أنحاء الجسم عبر مجرى الدم.
وجد الباحثون أن إنترلوكين 6 في الفئران والبروتين المقابل له في ذباب الفاكهة، يقللان من إنتاج الطاقة في ميتوكوندريا العضلات، والميتوكوندريا هي مصانع الطاقة في الخلايا.
قال جونسون: “أظهرت الفئران وذباب الفاكهة التي كان لديها بروتينات مرتبطة بكوفيد في الدماغ؛ انخفاضا في الوظيفة الحركية. لم يتسلق ذباب الفاكهة كما ينبغي، ولم تركض الفئران كما يجب أو بقدر ما ركضت الفئران في المجموعة الضابطة التي لم تعانِ من المرض”.
وأضاف: “رأينا تأثيرات مماثلة في وظيفة العضلات عندما تعرض الدماغ لبروتينات مرتبطة بالبكتيريا وبروتينات ألزهايمر أميلويد بيتا. ونرى أيضا دليلا على أن هذا التأثير يمكن أن يصبح مزمنا، حتى إذا تمت إزالة العدوى بسرعة، يبقى انخفاض أداء العضلات لعدة أيام أطول في تجاربنا”.
ويجادل جونسون، جنبا إلى جنب مع الباحثين في جامعة فلوريدا والباحث الأول الدكتور شوو يانغ -الذي قام بهذا العمل كباحث في مرحلة ما بعد الدكتوراه في مختبر جونسون- بأن العمليات نفسها من المحتمل أن تكون ذات صلة لدى البشر. فمن المعروف أن التهاب السحايا البكتيري يزيد من مستويات إنترلوكين 6 ويمكن أن يرتبط بمشاكل عضلية لدى بعض المرضى.
من بين مرضى كوفيد 19، عُثر على بروتينات سارس كوف 2 الالتهابية في الدماغ خلال التشريح، وأبلغ عدد من مرضى كوفيد الطويل عن تعب شديد وضعف عضلي حتى بعد فترة طويلة من إزالة العدوى الأولية. وأظهر مرضى ألزهايمر أيضا مستويات مرتفعة من إنترلوكين 6 في الدم وكذلك ضعفا عضليا.
وحددت الدراسة أهدافا محتملة لمنع أو علاج ضعف العضلات المرتبط بالتهاب الدماغ، ووجد الباحثون أن إنترلوكين 6 يُنشّط ما يسمى بمسار جاك ستات في العضلات، وهذا ما يسبب انخفاض إنتاج الطاقة في ميتوكوندريا. وهناك عدة علاجات معتمدة من إدارة الغذاء والدواء لعلاج أمراض أخرى يمكنها أن تمنع نشاط هذا المسار.