عرضت دور السينما عام 2015 فيلم “قلبا وقالبا” (Inside Out) الذي حقق نجاحا كبيرا وشاهده ملايين الأطفال في العالم، وهذا الصيف صدر الجزء الثاني من الفيلم بعد مرور ما يقارب عقدا من الزمان، وتحول عدد كبير من هؤلاء الصغار إلى مراهقين أو في بدايات الشباب، غير أنهم لم يسأموا من الانتظار بل أثبتوا إخلاصهم بتوجههم إلى دور العرض لمشاهدة “قلبا وقالبا 2”.
عاد الجزء الثاني من الفيلم بمخرج جديد هو كيلسي مان في أول أفلامه الطويلة، والمؤلفة نفسها ميج ليفوف والشخصيات القديمة مع أخرى جديدة زادت من المتعة، وخلال مدة قصيرة من عرضه حقق مليار دولار ليصبح أعلى أفلام 2024 إيرادا حتى الآن، فضلا عن مراجعات إيجابية من النقاد والمشاهدين على حد سواء، فما أسباب هذا النجاح؟
وصدر الجزء الثاني معتمدا اعتمادا كبيرا على القاعدة الجماهيرية العريضة التي كوّنها الجزء الأول سواء عند عرضه أو على مدار السنوات التسع بعد استمرار عرضه على الشاشات الصغيرة ومنصة ديزني بلس.
تلك ليست المرة الأولى التي تقدم فيها ديزني وبيكسار أجزاء أخرى من فيلم ناجح، فقد دأبت على ذلك مستغلة نجاح الأجزاء السابقة لتصيب مرة وتخيب مرات. فبعض هذه الأجزاء الثانية والثالثة أفلح لأنه لم يكن مجرد استغلال للنجاح بل قدم الجديد ونضج بنضوج المشاهدين، وأفلام أخرى سجنها صناعها في إطار النسخة القديمة معتقدين أنهم إن قدموا الشيء نفسه سيلاقون النجاح ذاته، فكانت النتيجة أفلاما متواضعة مثل الجزئين الثاني والثالث من “سيارات” (Cars).
قدم الجزء الأول من “قلبا وقالبا” قصة ذكية حول الطفلة الصغيرة “رايلي” التي تعرف الحزن لأول مرة عندما تنتقل من مدينتها إلى مدينة جديدة فتفتقد أصدقاءها والبيئة التي اعتادتها، وهي قصة تبدو تقليدية لولا التناول المختلف، فقد دارت الأحداث بداخل رأس الطفلة، حيث يتعرف المشاهد على الصراع الدائر بين المشاعر الأساسية لدى أي إنسان من بهجة وحزن وخوف واشمئزاز وغضب.
الجزء الثاني يبدأ برايلي وهي مراهقة، بما يعنيه ذلك من مشاعر متضاربة بين القلق والإحراج والملل والحنين التي تظهر من وقت إلى آخر، في إشارة ذكية لما يقدمه الفيلم ذاته من استغلال لحنين المشاهدين إلى الماضي، وقد أضاف صنّاعه شخصيات جديدة.
يدور الصراع في الجزء الأول بين مشاعر البهجة والحزن (جوي وسادنيس)، لأن الأولى ترى أن من واجبها جعل الطفلة سعيدة طوال الوقت لتكتشف على مر الأحداث أن ذلك غير منطقي ويحرمها من تجربة الحياة البشرية، بينما الصراع في الجزء الثاني بين البهجة والقلق (جوي وأنزايتي)؛، الشخصية الجديدة التي أتت لتسيطر على حياة المراهقة.
وعلى الرغم من تغيير مخرج الفيلم الأول بيتر دوكتر، فإن المخرج الجديد مع الكاتبة نفسها استطاعا الحفاظ على ثبات الشخصيات القديمة واستقرارها وتفاعلها بالصورة نفسها مع الأزمات الجديدة.
يشهد الفيلم كثيرا من المغامرات التي تبدو في بعض الأحيان فوضوية عند نفي جوي وبقية أصدقائها القدامى خارج منطقة التحكم، ولكن هذه الفوضى مقصودة لأنها مرآة لفوضى المشاعر التي تعتمل داخل كل مراهق في هذه السنوات الصعبة من حياته.