عاشق للتجارب المختلفة والقضايا الإنسانية الشائكة، يتقمص الشخصية ويتحد معها حتى يصدقها فتظهر على الشاشة بشكل طبيعي وسلس، يحترم عقلية الجمهور في تقديم أعمال صادقة.
إياد نصار في حديثه مع عن مسلسله الأخير “صلة رحم”، الذي أثار جدلًا في النصف الأول من الموسم الرمضاني، كشف سر انجذابه للمسلسل ولشخصية دكتور حسام وكواليس تعاونه مع المخرج تامر النادي، كما تحدث عن الصفات المشتركة بينه وبين شخصيته بالمسلسل ورأيه في قضية تأجير الأرحام.
*في البداية حدثنا عن شعورك بعد هذا النجاح الذي تلقاه مسلسل “صلة رحم”؟
إحساس بالسعادة، أود أن أشكر الجمهور لرحابة الصدر في استقبال هذا الموضوع الشائك، شكرًا لأنهم جعلونا نهتم ونركز بتقديم مشروع محكم بكامل تفاصيله، فالجمهور يتسم بالذكاء، ويجب احترامه، هو يعطيك من وقته وثقته ويرفعك للنجومية كل هذا مقابل ماذا؟ أن تقدم له مشروعا حقيقيا متكاملا، أن تحترم عقله وتقدره، فإذا قدمت عملًا سيئا يشعر بالخذلان وفقدان الثقة وهذا شيء سيئ في بناء العلاقات، فإذا أردت بناء علاقة قوية مع جمهورك عليك باحترامهم وتقديرهم.
*لماذا قررت تقديم شخصية د.حسام في المسلسل؟
شخصية حسام أثرت في منذ اللحظة الأولى، شخص لديه العديد من التناقضات مقتنعًا بمبرراته ودوافعه تجاه القرارات التي يتخذها، هو يريد الإنجاب، ولكن من زوجته وهو ما يدفعه لاتخاذ قرار تأجير الرحم فهو يرى أنها غلطة صغيرة، أنا لا أحكم عليه بالعكس رغم غرابة شخصيته إلا أنه تركيبة إنسانية معقدة.
*ما الذي جذبك للمسلسل من البداية رغم جدلية الفكرة؟
في البداية كانت مجرد فكرة، ثم حدثت المعالجة الأولى ودخلت في نقاش مع المنتج بإننا نريد تقديم عمل فني يختلف عن الندوة، فالندوة تناقش قضية مثل تأجير الأرحام من باب حرمانيته الدينية وتجريمه قانونياً، أما العمل الفني فيأخذك في رحلة مع شخصية حسام التي قررت خوض هذه التجربة رغم معرفته بما يحيط بها من حرمانية وتجريم، فتعيش معه هذه الحالة الإنسانية بعد اتخاذه هذا القرار، لذا مر هذا المشروع بمراحل متعددة، حتى وصلنا إلى هذا الشكل، فكرة القرارات والزوايا المختلفة من حياة الناس وفكرة إصدار الأحكام المطلقة دون معرفة ما يواجهه هؤلاء البشر، لذا هو عالم من الحكايات، كل شخصية لها حكاية ويجمعهم رابط واحد.
بشكل عام تجذبني القضايا الإنسانية التي تهم المجتمع وتخلق حالة من التساؤلات لدى الجمهور تجعله يبحث ويفكر.
المبادئ يتم اختبارها في ظروف كهذه، بشكل عام نعاني في مجتمعاتنا من فكرة التصنيف دون النظر لظرف الشخص، لذا يطرح المسلسل تساؤلات ماذا سنفعل لو واجهنا نفس الظروف؟ “حسام” كان يريد طفلًا من صلبه لذا عاند القدر وقرر خوض هذه الرحلة متخليًا عن مبادئه ومقتنعًا بدوافعه.
*هل هناك صفات من “د.حسام” في شخصية إياد نصار؟
أعتقد أن البشر جميعًا لديهم نفس الصفات بدرجات متفاوتة، فأنا لست عنيدًا بشكل مرضي ولكن حسام عنده إحساس العند عظيم، نتشابه في الارتباط بالحياة الأسرية والإحساس بالذنب، ولكن الأخيرة بدأت أتعامل معها مؤخرًا.
*هل كنت تسمع عن تأجير الأرحام قبل المسلسل؟ وهل تخيلت أن تقدمه يومًا ما؟
سمعت عنه بالتأكيد، ولكن لم أبحث عنه بهذا الشكل مثلما بحثت وقت التحضير للمسلسل، فلم أكن أتخيل أن أقدم هذه القضية لأنها محسومة دينيًا وقانونيًا وأنا أرى أن فيها شبهة اتجار بالبشر، فأنت تستخدم إنسانًا من أجل تحقيق غاية في المسلسل لم نكن نريد استفزاز الجمهور أو مناقشة ثوابت، نحن نثير التساؤلات، لذا في أوائل الحلقات كان هناك مشهد مع الشيخ خالد الجندي لكي يحسم الموضوع دينيًا فهو محرم، لذا المسلسل ناقش القرارات والزوايا المختلفة من حياة الناس، فالإنسان عليه التفكير في عواقب قراراته
*وهل إياد نصار شخص متردد في اتخاذ قراراته؟
بطبيعتي أنا شخص مهووس بفكرة القرار، حتى لو كان قرارًا بسيطًا، أفكر فيه كثيرًا، وبالطبع أنا شخص متردد في اتخاذ القرارات بشأن أعمالي، وأتبع إحساسي وقلبي كثيرًا، فلا يجب على الممثل أن يطمئن لأن هذه ستكون النهاية، الفنان الذي يدخل المشروع ويقول إن الجمهور سيحبني مهما كان العمل فهذا بمثابة وداع للمهنة، لذا أنا مثل الطفل أشعر بالقلق طوال الوقت وأظل أسأل هل كنت جيدًا أم لا.
*هل تبدي آراءك في أعمالك، أم تكتفي بالسيناريو المكتوب؟
أحب أن أناقش الأفكار فلا أدخل على مشروع جاهز، أتذكر عندما عُرضت علي فكرة صلة رحم جلست أنا والمخرج تامر النادي في الساحل منذ الثامنة ليلًا وحتى الثالثة صباحًا في نقاش عن كيفية تقديم الفكرة، ثم دخل الكاتب محمد هشام عبية وكان إضافة رائعة وكانت تجمعنا جلسات نقاش كثيرة مع المنتج.
أنا أحب بناء المشروع وتعلمت هذا من المخرج محمد ياسين، فأنا قبل التعاون معه ليس مثلما أصبحت بعده، فهو من صاغ لي مشروعي الفني، تطورت معه وأصبحت أكثر نضجًا في اختيار أعمالي الفنية.
*كيف كان تعاونك مع المخرج تامر النادي؟
من الجلسة الأولى شعرت بالاطمئنان، رأيت المشروع من خلال عيونه، فأنا بثق فيه ثقة عمياء لذا كنت مطمئن وأنا أعمل أمام كاميرته، والحلقات الأخيرة حقيقة كان هو البطل الحقيقي.
*الحلقات الأخيرة كانت مؤثرة للغاية وتركت الجمهور في حيرة لماذا؟
موت البطل مثابة لحظة تطهير، لأن حسام اختار أن يموت في النهاية رغم تواجده في المستشفى وكان يمكن إنقاذه، ولكنه اختار نهايته، فكر أن ابنه عندما يكبر سيجد والده قاتلا ومزورا، كان فقط يهمه يقول للطفل “ضحيت بكل حاجة لكي تتواجد في هذه الدنيا”، أما مسألة أحقية الطفل للأم البيولوجية أم البديلة فهذه قضية شائكة وجدلية ولن تُحسم بقرار لأنه إنسانيًا الوضع كارثي.