يعتبر مسلسل “الحشاشين” الأكثر جدلًا خلال الموسم الرمضاني الحالي، منذ عرض حلقاته الأولى عندما أثير نقاشًا حول اللهجة العامية المصرية المستخدمة في العمل، مرورًا بالجدل حول صحة الأحداث التاريخية فيه.
ومع الحلقة 12 التي حملت عنوان “حلم الجنة”، وتم تفصيلها في الحلقتين 18 و19 أثير جدلًا حول صحة وجود “حلم الجنة” من عدمه في ظل وجود قلعة “ألموت” التي كان يحكمها حسن الصباح على قمة جبلية، والتي قد لا تتطابق مع مشاهد الأنهار والمروج الخضراء بالحلم المزعوم.
“حلم الجنة”
بدأت الحلقة 12 من مسلسل “الحشاشين” بعنوان “حلم الجنة”، وهو الاسم الذى اختاره القائمون على الحلقة لها تعبيرًا عما سيدور بداخلها من أحداث تنبئ بإثارة كبيرة وتخطيط من قبل قائد طائفة الحشاشين الذي جعلهم يشعرون أنهم داخل الجنة من خلال النبات السحري الذي سبق وأحضره بكثافة، بالإضافة إلى مكان مخصص لجواري قرروا تحويلهم لحوريات.
وبذلك يصبح “حلم الجنة” ورؤية حور العين هو الدافع لهم لقتل أعداء حسن الصباح، وبعدها قتل أنفسهم من أجل “صاحب مفتاح الجنة”، الذي يعدهم بأكثر مما رأوه في الحلم عند رؤيته يفتح لهم باب الجنة بعد الموت.
خيال درامي
المؤرخ المصري الدكتور أيمن سيد فؤاد، يقول إن كثيرًا من هذه الأفكار ومنها “حلم الجنة”، مأخوذة من كتب الرحالة الأوروبيين ومنهم ماركو بولو الذين تحدثوا عن هذه الحقبة التاريخية، والذين عايشوا جانبا من أفراد فرقة الحشاشين الذين انتقلوا من قلعة “ألموت” في إيران إلى بلاد الشام، وحدث هذا التلاقي في فترة الحروب الصليبية، وهذه الأفكار غير موجودة في المصادر العربية التي تناولتها.
وأضاف المؤرخ المصري، أن المصادر التاريخية العربية لم تركز على طائفة الحشاشين، و”الصباح هو شخص نكرة غير معروف، وكل المصادر التي تناولت سيرته هي مصادر تاريخية فارسية، والأفكار حول حلم الجنة التي يوجد فيها أنهار وغابات خضراء لا تتوافق مع الطبيعة الجبلية لقلعة “ألموت”، وربما أتت من وجود الجيل الثاني للجماعة في بلاد الشام حيث توجد أنهار ومروج خضراء”.
وأشار إلى أن “مسلسل الحشاشين يجب التعامل معه على أنه عمل درامي فقط، يقدم صورة جميلة ومشاهد مميزة، ولا يعتد بما ورد فيه من معلومات تاريخية لأن أغلبها غير صحيح”.
روايات مختلفة
بدوره يقول أستاذ التاريخ بـ”جامعة القاهرة” الدكتور محمد عفيفي، إنه “لا يوجد ما يؤكد أو ينفي وجود حلم الجنة لدى الحشاشين، لأنها طائفة سرية بطبعها ولا يوجد أي وثيقة من مصادر تابعة لهم تتحدث عن الموضوع، لأن كل تراثهم تم إحراقه بحرق قلعة “ألموت”، وإن الحديث عن شرب الحشيش قبل التعرض لما يسمى بـ”حلم الجنة”، تم ذكرة بعد فترة ليست قليلة من القضاء عليهم”.
وأضاف عفيفي، أن هناك خلافًا حول صحة الرواية فالبعض يؤكدها، والبعض الآخر يقولون إنها موضوعة عليهم من قبل خصومهم. ولم يستبعد وجود أنهار في القلعة خاصة خلال فصل الشتاء بسبب وجود أمطار تتساقط على سفوح الجبال، ما يؤدي إلى ظهور مناطق خضراء، ولكن “خلال فصل الصيف يكون الأمر صعبا، وربما تمكنوا من زراعة هذه المنطقة بشكل أو بآخر”.
وأشار إلى أنه رغم الجدل حول الحقائق التاريخية في المسلسل، إلا أنه خلق مساحة واسعة من النقاش حول التاريخ وعاد للمجال العام من جديد، كما يرى أن “استخدام اللهجة العامية البسيطة ساهمت في وصول العمل إلى شرائح أوسع من المتابعين”.
موقف دار الإفتاء
وبعد إثارة الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي حول “حلم الجنة”، نشرت دار الإفتاء المصرية عبر صفحتها الرسمية على “فيسبوك”، حديث شريف للرسول ﷺ حول من يزعم بأن الله سيغفر لهذا ولن يغفر لهذا أو يدخل هذا الجنة وهذا النار، وجاء في الحديث: “عن جندب بن عبدالله رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: قال رجل: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله: من ذا الذي يتألى عليَّ أن لا أغفر لفلان؟ إني قد غفرت له، وأحبطت عملك” – رواه مسلم.
وأكدت دار الإفتاء أن معنى “يتألّى على الله” أن فلانًا يجزم أن الله سيفعل كذا وكذا، مما لا يحيط العبد بعلمه، كأنه يقول: سيغفر الله لفلان ولن يغفر لفلان”.