يميل المتابعون إلى تقليد واتباع آراء “المؤثرين” المفضلين لديهم ممن يثقون بهم.
وتوقع تقرير نمو مجال التسويق عبر المؤثرين ليصل إلى 21.1 مليار دولار بنهاية عام 2023. ووفقا للإحصاءات؛ فإن 61% من المستهلكين يثقون في توصيات وآراء مشاهير منصات التواصل، وهو ما دفع الشركات نحو الاستثمار في هذا النوع من التسويق، لتتغير معادلات صناعة التسويق نتيجة لقوة تأثير هؤلاء.
قوة التأثير على المتابعين
وجود نحو 5 مليارات شخص على وسائل التواصل الاجتماعي، هو ما جعل منصات مثل “تيك توك” و”فيسبوك” و”إنستغرام” جزءا رئيسيا في خطط تسويق الشركات والعلامات التجارية.
إلا أن التسويق عبر المؤثرين لا يتوقف عند فكرة عرض المنتج، بل إن تأثيرهم أعمق بكثير، حيث يبني هؤلاء الثقة بينهم وبين المتابعين، كما أنهم يستخدمون عبارات مؤثرة للترويج، تشعر المتابع أن حياته ينقصها الكثير دون المنتج، وأن هذا المنتج مثالي بناء على تجربة شخصية للمؤثر.
ونتيجة ثقة المتابع في “المؤثر” ولتأثير العبارات التسويقية، يندفع ويتخذ قرار الشراء دون تفكير جيد في جدوى السلعة، وبالتالي يتورط في شراء أشياء قد تكون غير مفيدة له، أو لا يحتاجها لأن لديه مثلها بالفعل، أو قد تكون منخفضة الجودة، على عكس ما يروّج له المؤثر الذي وثق به.
واستغلت العلامات التجارية قوة المؤثرين على المستهلكين، وخصصت جزءا كبيرا من ميزانية التسويق لمؤثري منصات التواصل الاجتماعي، حيث تحصل العلامات التجارية على نسب مبيعات أعلى في مقابل ميزانية أقل مقارنة بالإعلانات التقليدية أو التعاون مع المشاهير. فبدلا من دفع الملايين، يكون المقابل بضعة آلاف أو رحلة سياحية وبعض الهدايا العينية للمؤثرين، لذا فالعلاقة بين المؤثرين والعلامات التجارية هي عبارة عن منفعة متبادلة على حساب المستهلكين الذين قد يهدرون أموالهم في مقابل سلع رديئة أو غير مهمة.
وظهرت حملات للحد من تأثير هؤلاء المؤثرين (De-Influencing)، تهدف إلى إيقاف نزيف الخسائر المادية التي يتكبدها المستهلكون نتيجة القرارات الشرائية غير المدروسة التي تتم تحت تأثير مشاهير منصات التواصل، وأيضا إلى حماية البيئة من كميات النفايات الهائلة التي تنتج عن التسويق لتلك المنتجات.
وتعتمد الحملات المضادة للمؤثرين على تغيير ثقافة المستهلكين، بغرض السيطرة على الرغبة المستمرة في امتلاك الأغراض والمنتجات الاستهلاكية، مثل الملابس والمكياج والأدوات التي يروّج لها المؤثرون، ويحثون المتابعين على امتلاكها.
تتضمن الحملات المضادة للمؤثرين مناقشة حدود الثقة بهم، وكيفية عمل ميثاق شرف لضمان عدم خيانة هذه الثقة من قبل بعضهم ممن لا يتحرون الصدق فيما يروّجون له. فهل يمكن السيطرة على صناعة بهذا الحجم أم أن الحل في دعوات مقاطعة المؤثرين من الأساس؟
الدعوة لمقاطعة المؤثرين بشكل عام فكرة غير عملية، كما أنها تتسبب في ظلم بعضهم ممن يحترمون ثقة متابعيهم، ولا يروّجون لمنتج دون تجربة حقيقية للتأكد من جودته، كما أن فرض ميثاق شرف على الجميع فكرة مثالية وحالمة، بسبب أعداد المؤثرين وتنوّع بيئاتهم وشخصياتهم وثقافتهم، مما يعيد القضية إلى خانة المعضلة الأخلاقية التي تتوقف على ضمير كل شخص. وهنا تأتي مسؤولية المستهلك في حماية نفسه من المؤثرات على قراراته الشرائية.