رغم أنّ وزارة الثقافة المغربية برّرت قرار نقلها “المعرض الدولي للنشر والكتاب”، العام الماضي، من الدار البيضاء إلى الرباط، بتحوُّل الفضاء الذي يحتضن التظاهرة الثقافية الأبرز في البلاد إلى مستشفى ميداني للمصابين بفيروس كوفيد 19، إلّا أنّ قرارها لم يكن مؤقَّتاً؛ إذ بدا أنّ الموقع الجديد هو جزءٌ من استراتيجية رسمية ترمي في ما يبدو إلى تركيز الفعاليات الثقافية الرئيسية في العاصمة.
حُسم الجدل لصالح الاستراتيجية التي عكسَت شعار “الرباط مدينة الأنوار عاصمة المغرب الثقافية” الذي رُفع عام 2014، ضمن برنامج تنموي أطلقته الحكومة بهدف إقامة بُنى تحتية وخدمات حديثة، وتأهيل المواقع التراثية من أجل تطوير الواقع الثقافي.
هكذا، وللعام الثاني على التوالي، يحتضن “فضاء السويسي” في الرباط فعاليات المعرض في دورته الثامنة والعشرين التي انطلقت الخميس الماضي وتستمرّ حتى الحادي عشر من حزيران/ يونيو الجاري، بمشاركة قرابة 730 دار نشر من واحد وخمسين بلداً، بأكثر من مئة وعشرين ألف عنوان.
تحتفي الدورةُ بالإصدارات الجديدة للشاعر المغربي عبد اللطيف اللّعبي (1942)؛ وهي ثلاث مجموعات شعرية: “الأملُ عنوةً”، و”الشعر لا يُهزَم” الصادرة بترجمة محمّد خماسي الذي نقل المجموعة الثالثة “لا شيء تقريباً” عن الفرنسية أيضاً، إلى جانب عملٍ رابع هو رواية “الهروب إلى سمرقند” (ترجمة أنطوان جوكي) المستوحاة من السيرة الذاتية لمؤلّفها، وجميعُ هذه الكُتب صدرت عن “دار الرافدين”.
وفي هذا السياق، أُقيمت مساء أمس السبت جلسة في “قاعة رباط الفتح”، لتقديم تلك الأعمال، بحضور اللعبي وخمّاسي، في حين قدّم الجلسةَ الشاعرُ والمترجم اللبناني عيسى مخلوف الذي كتب تقديماً لمجموعة “لا شيء تقريباً”.
وعند الثانية عشرة والنصف من ظُهر اليوم الأحد تُقام فعاليةٌ ثانية في “قاعة الأُوداية” لإطلاق مجموعة شعرية جديدة للّعبي بعنوان “الأرض برتقالة مُرّة”، تصدر عن “كاستور أسترال”، وتضمُّ قصائد تُقارِب الوضع الجيوسياسي للعالَم، ومن بينها الصراع في أوكرانيا، ضمن مناخ منحاز لقيَم النضال من أجل من العدالة والحرية. ويدير الفعاليةَ يونس أجراي.
ويحضر اللعبي في فعالية ثالثة؛ هي ندوةٌ نقاشية بعنوان “فنّ الحدّ الأدنى في التشكيل والسينما”، تُقام في “قاعة شالة” عند الثالثة من مساء الجمعة (التاسع من الشهر الجاري)؛ حيثُ يتحدّث، إلى جانب عبد العزيز أزقاي وريم اللّعبي وحمّادي كيروم وحسان بورقية وفريد الزاهي، عن وضع ما يُعرَف بـ”الفنّ الإقلالي” في المغرب؛ وهو تيارٌ ظهر في الولايات المتّحدة خلال الستّينيات وانتشر عبر العالم، ويعتمد على التقشّف في الأسلوب والأدوات.