في حين أن الأمر قد لا يبدو سيئاً بالضرورة عند السماع عنه لأول مرة، إلا أن إدمان ممارسة الرياضة يمكن أن يؤدي إلى مشاكل حقيقية ومعاناة نفسية وبدنية للشخص المصاب.
ففي العقود الأخيرة، أصبحت عبارات التحفيز ودعوات التشجيع لاتباع نمط حياة صحي؛ من أكثر المواد التي يتم تداولها واستهلاكها على نطاق واسع، لذا قد يشعر الكثير من الناس بعدم الرضا عن أنفسهم والطريقة التي تبدو عليها أجسادهم عند مقارنتها بـ”معايير اللياقة والجمال” الحديثة، فيمارسون التمرينات القاسية بشكل مفرط يفوق حاجتهم أو قدراتهم، ما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة.
كيف يمكن لممارسة الرياضة أن تتحول لإدمان؟
الإدمان على ممارسة الرياضة هو هوس غير صحي باللياقة البدنية والتمارين الرياضية، وهو غالباً ما يكون نتيجة لمعاناة المصاب من اضطرابات نفسية وعقلية تتعلق بالصورة الذاتية عن الجسم أو الوزن، وكذلك عند المعاناة من اضطرابات الأكل النفسية المختلفة.
ويعاني المصابون بهذا الإدمان من سلوكيات عادة ما يعانيها الواقعون في حالات الإدمان التقليدية، والتي تشمل:
- أن تستحوذ فكرة الرياضة على سلوك الشخص.
- مواصلة ممارسة الرياضة حتى وإن سببت ضرراً بدنياً.
- الانخراط في السلوك على الرغم من الرغبة في التوقف.
- الانخراط في السلوك في الخفاء خوفاً من أحكام الآخرين.
ويوضح موقع “هيلث لاين” (Healthline) للصحة والمعلومات الطبية، أن التمارين الرياضية تؤدي إلى إطلاق مواد كيميائية معينة في الجهاز العصبي، وتخلق هذه المواد الكيميائية إحساساً بالسعادة أو المكافأة. لذا قد يكون إدمان ممارسة الرياضة، ولو جزئياً، معتمداً على الرغبة في تحقيق المتعة هذه.
تطلق التمارين مواد الإندورفين والدوبامين الكيميائية في الدماغ، وهي الناقلات العصبية نفسها التي يتم إطلاقها أثناء تعاطي المخدرات.
يشعر مدمن التمرين بالمكافأة والفرح عند ممارسة الرياضة، ولكن عندما يتوقف، تختفي الناقلات العصبية؛ لذا يحرص المدمن على ممارسة المزيد من التمارين لتحفيز إطلاق المواد الكيميائية المرتبطة بالمكافأة.
يبدأ إدمان ممارسة الرياضة عادة بالرغبة في تحقيق درجة من اللياقة البدنية.
كما قد تؤدي اضطرابات الأكل، مثل فقدان الشهية العصبي والشره المرضي، إلى هوس غير صحي بالتمارين الرياضية. تماماً مثل المعاناة من اضطراب تشوه الصورة الذاتية للجسم الذي يسبب هذا الإدمان أيضاً.
الأعراض الأكثر شيوعاً لإدمان ممارسة الرياضة
لمعرفة المؤشرات التي قد تنذر بالمشكلة، حدد خبراء الصحة النفسية واللياقة البدنية عدداً من الأعراض الأكثر شيوعاً بين المدمنين على ممارسة الرياضة، وهي:
- تفويت ممارسة الرياضة يصيبهم بالانفعال أو القلق أو الاكتئاب.
- ممارسة الرياضة حتى عند المرض الشديد.
- يصبح التمرين وسيلة “للهروب” وتقليل التوتر والانسحاب من مواقف معينة في الحياة والمشاعر غير المريحة.
- تبدأ التدريبات في التأثير على العلاقات الشخصية بشكل كبير.
- تتضرر الأولويات الحياتية للشخص المصاب.
- ارتباط الحالة المزاجية أو السعادة فقط بنتيجة التمرين الأخير أو مدى “اللياقة” التي حققها الشخص في الوقت الحالي.
- الإفراط في التدريب دون هدف محدد أو مراقبة من قبل اختصاصي.
- فقدان عنصر المرح والاستمتاع بالرياضة واللياقة البدنية.
ومع ذلك، من المهم ملاحظة أن هذه العلامات لا تعني بالضرورة أن شخصاً ما مدمن على ممارسة الرياضة؛ بل هي الأعراض العامة التي يمكن أن تكون مؤشراً على وجود مشكلة أكبر.
طريقة التعامل المثلى مع إدمان ممارسة الرياضة
تُعد ممارسة الرياضة بانتظام طريقة رائعة للتحكم في التوتر ومعالجة المشاعر السلبية، وتحقيق أفضل نتائج صحية وبدنية على المدى القريب والبعيد.
لكن إذا كانت حاجتك إلى التمرين أكبر من قدرتك على إدارة علاقاتك ومشاعرك، فقد تحتاج إلى المزيد من المساعدة للتغلب على الإدمان وإيجاد طرق صحية للتكيف.
في تلك الحالة من الضروري التحدث مع طبيب الصحة النفسية المتخصص حول أفضل طريقة لعلاج هذا النوع من الإدمان السلوكي، ومعرفة الأسباب النفسية الكامنة ومعالجتها للتخلص من عصب المشكلة قبل استبدالها بنمط حياة صحي.
وفي معظم الحالات، يكون ضبط النفس ضرورياً لعلاج إدمان ممارسة الرياضة. وفيه يقر المدمن بأن لديه مشكلة ويتخذ خطوات للسيطرة على نشاط التمرين مع اختصاصي العلاج النفسي.
وللوقاية من إدمان التمارين الرياضية، يجب تجنب الجلسات المفرطة في صالة الألعاب الرياضية، وتحديد وقت ومقدار محدد للتمارين اليومية.
كذلك يجب أخذ فترات راحة من ممارسة الرياضة خلال الأسبوع للسماح للجسم بالراحة.