نشرت الممثلة السورية شكران مرتجى منشوراً تهاجم فيه شركات الإنتاج الفني السوري التي لا تحترم جهد الممثلين بالقدر الكافي وتمنعهم من مشاركة المشاهد التي مثلوها على صفحاتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي.

أشارت شكران مرتجى في منشورها وما تبعه من ردود على التعليقات إلى الأجور البخسة التي يحصل عليها الممثلون السوريون اليوم، وإلى الأرباح الطائلة التي تحققها شركات الإنتاج من بيع المسلسلات للمنصات والمحطات الفضائية. سلطت مرتجى الضوء على الاستغلال الذي يتعرض له الممثل السوري الذي قد يكون من أبسط حقوقه أن يستفيد من الأرباح المحدودة التي قد يحققها من نشر مشاهده على قناته الخاصة على “يوتيوب”.

لكن ذلك لا يتحقق إطلاقاً في ظل الآليات التي يتم اتباعها لتحقيق أكبر قدر ممكن من الربح على “يوتيوب”، من خلال نشر المسلسلات كاملة، وإعادة نشر كل جزء منها بسياقات مختلفة، ومع استخدام عناوين مثيرة قد لا ترتبط بالمحتوى، فالهدف هو الاستنزاف وشحذ أكبر عدد ممكن من المشاهدات حتى لو جاء ذلك بشكل غير أخلاقي. هذا ما حدث حين وقعت كارثة الزلزال قبل شهرين، فحينها تم التعامل مع الكارثة كموسم درامي، اقتُطعت به كل المشاهد القديمة من المسلسلات التي تتحدث عن الزلازل والكوارث الطبيعية، وأضيفت إليها عناوين مضحكة أو عناوين تبدو وكأنها تقدم دروساً درامية للتعامل مع الزلزال، والهدف منها لم يكن سوى الربح طبعاً.

لا بد من الإشارة إلى أن حقوق الملكية الفكرية لكل المسلسلات السورية التي تنتج محلياً تستولي عليها “شبكة وطن” التي كانت قد استحوذت أيضاً على حقوق ملكية كل الفيديوهات والبرامج والمسلسلات القديمة التي أُنتجت قبل عصر مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تمثل جزءاً من ذاكرة السوريين، بما في ذلك الإعلانات التجارية التي عُرضت على شاشات التلفزيون السوري في التسعينيات. الأسوأ أن “شبكة وطن” ترفض نشر هذه الفيديوهات بأي حال من الأحوال، حتى لو كان الناشر صفحة شخصية لا تستهدف الربح، وأيضاً لا تسمح باستخدام أي مقاطع من الفيديوهات القديمة والجديدة في البرامج النقدية أو الترفيهية، إلا إذا حصلت على إتاوتها.

لكن مسألة عدم السماح للممثلين بنشر فيديوهاتهم الخاصة، كما أشارت شكران مرتجى، هو أسوأ ما في الأمر. فتخيلوا لو تبنت كل المحطات والشبكات العالمية سياسات “شبكة وطن” السورية، عندها كنا سنجد صفحات لاعبي كرة القدم والأندية خالية من أي صور أو فيديوهات، وكانت ستختفي برامج النقد الفني والرياضي.

الجدير بالذكر أن هذه السياسات الصارمة المتبعة لاحتكار المحتوى والأرباح يقابلها وجه آخر، يتمثّل في الحالة الاقتصادية المتردية التي يعيشها غالبية الفنانين السوريين في الداخل، وانعكست في المقابلات الفنية التي شاهدنا فيها بعض نجوم الصف الأول، من أمثال أيمن زيدان، يشيرون إلى اضطرارهم للمشاركة في أعمال بسبب سوء الوضع الاقتصادي. وشاهدنا نجوم الصفين الثاني والثالث يعانون من تأمين مستلزمات الحياة الأساسية، فأعلن بسام دكاك عن وصوله لحالة العوز والفقر المدقع، وانعكست بشكل أسوأ في التغطيات الحصرية التي صورت كواليس مسلسلات رمضان، وفي التقارير التي أُعدت للحديث عن الصعوبات التي يواجهها الفنانون لتأمين البنزين والغاز.

معظم الأجوبة متشابهة، إذ يذكر الفنانون أن المواد متوافرة في السوق السوداء، لكن أسعارها لا تتناسب مع إمكانياتهم المادية، لتكون هذه التقارير التي تعرضها غالباً قنوات شريكة لـ”شبكة وطن” دليلاً إضافياً على بشاعة الاستغلال الذي يتعرض له الفنانون السوريون اليوم.