في إطار كوميدي، يقدم الممثل المصري أحمد أمين هذا العام مسلسل “الصفارة” ويؤدي فيه دور شفيق -المرشد السياحي الذي يسرق صفارة الملك توت عنخ آمون- ويتمكن عن طريقها من العودة بالزمن إلى الوراء أكثر من مرة لمدة 3 دقائق، ثم يعود إلى الحاضر ليكتشف التغيرات التي حدثت نتيجة اختلاف اختياره في كل مرة.
“الصفارة” من بطولة أحمد أمين وطه دسوقي وآية سماحة مع الفنانة إنعام سالوسة في دور الأم، والفنان محمود البزاوي في دور الأب. أشرف على ورشة الكتابة الخاصة بالمسلسل كل من أحمد أمين ومحمود عزت ومن إخراج علاء إسماعيل.
يعيدنا المسلسل الكوميدي إلى فكرة وسؤال يدور في عقولنا كبشر أغلب الأوقات عن صحة اختياراتنا ونتائجها على حياتنا الحالية، حيث نقف أحيانا في مرحلة ما من الحياة لنطرح على أنفسنا هذا التساؤل: هل اخترنا اختيارات مناسبة؟ هل سنكرر نفس اختياراتنا لو عاد بنا الزمن إلى الوراء؟ هل كانت حياتنا ستصبح أفضل إذا اخترنا اختيارات أخرى؟
فكرة قديمة ومعالجة معتادة
فكرة “الصفارة” ليست جديدة أبدا، فقد شاهدنا لها تنويعات مختلفة في أفلام أجنبية مثل فيلم “كليك” (Click) في 2006، وفيلم “قصة طويلة قصيرة” (Long Story Short) في 2021، وفيلم “أثر الفراشة” (Butterfly Effect) في 2004، ناهيك عن الفيلم المصري “طير إنت” لأحمد مكي في 2009، لكن يبدو أن هذه الفكرة ما زالت تثير ذهن المخرجين والكُتّاب، كما تجد صدى لدى الجماهير لأن حلم العودة إلى الماضي وإصلاح ما يمكن إصلاحه يراودنا جميعا طوال الوقت.
بعد أن حدث موقف ما وانهارت أحلام شفيق رغم اقتربه بقوة من تحقيقها، يسرق الصفارة ويجرب أكثر من حياة، منها حياة رجال الأعمال التي تتسم بالثراء الفاحش، وحياة الشهرة ونجوم الغناء، ولا يشعر بالرضا في أيّ منها ويقرر العودة والتجريب من جديد.
مفهوم الرضا حاضر بقوة في الفكرة الأساسية للمسلسل، كما أن له حضورا رمزيا متمثلا في رجل عجوز يصطدم به شفيق في كل مرة فيقول له الرجل بنبرة هادئة “أنا راض يا ابني.. أنت راض؟” فلا يجيب شفيق عن السؤال ولا يلتفت من الأساس لمفهوم الرضا لأنه محمل بمشاعر السخط، وفي نهاية كل قصة من قصص المسلسل يصفر ليعود مجددا لنقطة البداية ويجرب من جديد.
حب الجماهير
أحد أهم المميزات التي يتمناها أي ممثل هو القبول، بمعنى أن تحبه الجماهير وتتقبله وترحب بطلته على الشاشة وقد حاز أمين على قبول الجماهير منذ بداية ظهوره بمقاطع الفيديو الخاصة به على موقع يوتيوب ثم إسكتشات برنامج “البلاتوه”، وحين قدم أول أدواره على شاشة التلفزيون في مسلسل “الوصية” من بطولته مع أكرم حسني، وفي مسلسل “ما وراء الطبيعة” ومن بعده مسلسل “جزيرة غمام”، الذي قدم من خلاله دورا مختلفا تماما وبعيدا عن الكوميديا.
ذلك القبول والكوميديا التي يقدمها أمين دون افتعال هما أهم عوامل نجاح مسلسل “الصفارة”، بالإضافة إلى الاختيار الدقيق لباقي أبطال المسلسل، خاصة الممثل الشاب طه دسوقي، الذي أظهر براعة كبيرة في أداء الشخصيات المختلفة، حتى أنه في الجزء الذي تحول فيه أمين إلى فنان شعبي تفوق على أمين نفسه في الكوميديا وفي تقمص الشخصية.
أخفت مميزات المسلسل مثل القبول الطبيعي للأبطال وتلامس القصة مع أفكار الناس بشكل عام على الضعف الموجود بالكتابة في بعض الأحيان، حيث تعامل كُتاب المسلسل مع القصص المتتالية داخل الحكاية الكبرى على أنها إسكتشات منفصلة.
ظهر ذلك بوضوح في القصة الثالثة حين وجد شفيق نفسه مسؤولا عن 3 أولاد، ورغم كبر حجم المسؤولية شعر بالارتياح إلى حد كبير داخل هذه الحياة واقترب من الشعور بالرضا عن شكل حياته وحياة شقيقه، ووجد حبيبته السابقة التي وافقت على مشاركته الحياة من جديد.
لم يجد الكاتب حلا دراميا يدفع البطل للعودة مجددا لموقف الاختيار، ليستكمل باقي حلقات المسلسل، فاضطر إلى معالجة الأمر بطريقة ساذجة لا تتماشى مع الحبكة الدرامية وتؤثر بالسلب على تفاعل الجمهور مع قصة المسلسل.
كوميديا بلا مط أو تكرار
على الرغم من بعض السقطات الكتابية استطاع مسلسل “الصفارة” جذب انتباه الجماهير وتحقيق نسب مشاهدة عالية بسبب عوامل النجاح الأخرى ورغم أن فكرة المسلسل يمكنها استيعاب عدد أكبر من الشخصيات التي يقوم أمين بأدائها وبالتالي عدد أكبر من الحلقات، لكن صناع العمل اختاروا تقديم المسلسل في 15 حلقة فقط، ليتركوا المشاهدين متفاعلين مع الشخصيات ومتابعين لها من دون شعور بالملل ودون مط وتطويل للأحداث والمشاهد.