في الـ25 من أكتوبر/تشرين الأول عام 1979، شهدت إحدى قاعات الأكاديمية العسكرية في مدينة ميامي بولاية فلوريدا الأمريكية حالة غريبة جعلت الطلاب والمُعلّمين يركضون عبر الممرات ويحطمون النوافذ وينتزعون الأبواب من أماكنها وهم يصرخون بشأن أرواح شريرة تطاردهم، أطلق عليها اسم “هستيريا الشياطين”.

طلاب أكاديمية عسكرية أمريكية يصابون بهستيريا الشياطين بشكل جماعي فجأة

ووفقاً لما ذكره موقع Jeff Maysh – Medium، فقد اندلعت أعمال شغب في أكاديمية ميامي للطيران، وهي مدرسة عسكرية خاصة في ليتل هافانا، حيث قيل إن الطلاب بدأوا الصراخ وادعوا أن الأرواح الشريرة تطاردهم.

لم يكن الأمر مزحة، فقد فقد أحد الأشخاص وعيه، بينما جرح آخرون، كما أن الطلاب بدأوا بتحطيم النوافذ وخلع الأبواب من مفصلاتها، ويقال إن الشهود رأوا أحد الطلاب وقد تحولت عيناه إلى اللون الأحمر كأنها محتقنة بالدم، بينما كان أحد الطلاب الآخرين يزأر مثل الكلب المسعور.

وعندما وصلت الشرطة ورجال الإطفاء الذين هرعوا إلى مكان الحادث، وجدوا مئات من طلاب المدارس الثانوية الهستيريين يفرون من المبنى كأن النيران مشتعلة، وبدا في البداية أن اللوم يقع على عاتق الشيطان.

وعندما وصلت وسائل الإعلام، ألقى الشهود باللوم على لعبة “لوحة ويجا”، بينما تحدث آخرون عن لعبة “بلودي ماري”، وهي لعبة يُعتقد أنها تستحضر الأرواح.

كتبت الـ”أسوشييتد برس” في تقرير غطى الصفحات الأولى بجميع أنحاء البلاد: “يقول بعض الطلاب إنها كانت شياطين”، بينما كتبت صحيفة نيويورك تايمز: “هستيريا مدرسة ميامي مرتبطة بلوحة ويجا”.
الأحداث الغريبة والمقلقة التي وصفها العلماء بأنها “واحدة من أكثر الفصول غرابة في تاريخ التعليم الأمريكي”، طرحت معها أسئلة كثيرة، ما الذي استحوذ على الطلاب؟ هل كان الشيطان طليقاً حقاً؟

شياطين أم مرض غامض؟ وما هو التفسير العلمي؟

وفي الوقت الذي لم يجد أي شخصٍ الإجابة حتى يومنا هذا، فإن موقع Psychology Today يبرر الأمر، بأنَّ تفشي مرض غامض أمر شائع أكثر مما نعتقد، وقد يكون سببه الحقيقي هو القلق والتوتر النفسي، وليس سبباً مادياً.

وأضاف أن الضغوط النفسية تتجلى في صورة أعراض جسدية تنتشر بين مجموعة من الأفراد، بحيث تتحول إلى ما يعرف بـ”الهستيريا الجماعية”، لا سيما عند المراهقين والأطفال، بينما يعتبر الإغماء ومشاكل التنفس من أبرز أعراضها، وما إن يتفرق أفراد المجموعة المصابون بهذا التفشي تبدأ الأعراض في الاختفاء.

وهذا التفسير يعتبر الأقرب إلى الحقيقة حتى يومنا هذا، لا سيما مع معرفة أنّ طلاب الأكاديمية العسكرية كانوا يعانون من إجهاد شديد، إذ تلقوا في اليوم السابق درساً عن التنويم المغناطيسي والظواهر الخارقة للطبيعة، حتى إنّ الحصة التي حضروها حملت عنوان “الشياطين” .

ولذلك وفي اليوم التالي وبسبب الإجهاد والتعب والتوتر والقلق، أغمي على أحد الطلاب في الفصل، وتلاه طالب آخر، ليبدأ بعدها التفشي السريع للمرض على الطلاب الذين بدأوا بالصراخ والصياح.

وفسر موقع Gizmodo الأمريكي هذه الظاهرة، قائلاً إننا عندما نواجه عدم اليقين، تتوق عقولنا إلى إيجاد تفسيرات، عندما لا نملك أي وسيلة لمعرفة ما يحدث، نشعر بفقدان السيطرة ويتصاعد خوفنا.

إذا علمنا أنَّ عقولنا ربما تسببت في إصابتنا بتلك الأعراض الحقيقية للغاية، نميل إلى الشعور بمزيد من الخوف بشأن ما قد تفعله عقولنا بعد ذلك، قد يشعر الناس بأنَّ روحاً شريرة ربما استحوذت على أدمغتهم وسلبت إرادتهم.

فكرة مطاردة الشياطين كانت تسيطر على عقول الأمريكيين في السبعينيات

في سبعينيات القرن الماضي، كانت فكرة مطارة الأرواح الشريرة والشياطين تسيطر على عقول الناس، وبدأ الأمر عندما شاهد الناس مجموعة أطفال بين المنازل ذات اللون الوردي في حي ليتل هافانا الكوبي في ميامي وهم يلعبون ببقايا أدوات تستخدم للسحر الأسود، مثل أعواد السجائر ورؤوس الدجاج المقطوعة.

وبحلول عام 1973، أثار فيلم “طارد الأرواح الشريرة” الذي عرض حديثاً في السينما بتلك الفترة الرعب لدى الناس، وبدا أن الشيطان قد قرر الاستقرار في فلوريدا.

وفي عام 1974، وقفت فتاة تبلغ من العمر 9 سنوات، بكنيسة محلية في ميامي، وقالت: “أنا الشيطان” بصوت لم يكن صوتها، الأمر الذي أثار رعب السكان فترة طويلة.