الليلة الماضية تقطعت أوصال بغداد واحتجز المواطنون بشكل مفاجئ في الطرق داخل سياراتهم، في ظل وضع ملبد بغيوم الأزمة السياسية.
في الشوارع المغلقة يسأل المواطنون عناصر الأمن: ماذا يجري؟ فيجيبون: لا نعرف لكننا نطبق أوامر صدرت بقطع الطرق، ليأتي الجواب الرسمي متأخرا كأي تلكؤ في عراق اليوم عبر بيان لخلية الإعلام الأمني.
وذكرت الخلية في بيانها أن ما جرى “ممارسة أمنية اعتيادية” لتعزيز الأمن والاستقرار. بهذه البساطة اختزلت عمليات بغداد حالة التخبط والارتجال وسلب سكان العاصمة أمنهم واستقرارهم، عبر إدخالهم في حالة من الإرباك والخوف، وكأن انقلابا يحدث، أو ربما يصد، مع أن الحالة ربما لا تتجاوز كونها جزءا من بروباغاندا أو دعاية حكومية لإثبات الوجود.
وبغض النظر عن توريط المواطنين بعدم إخبارهم بما هو “ممارسة اعتيادية” عند صاحب القرار، فإن البيان فجر قنبلة من الأسئلة حول هذه الممارسة التي تجري عادة لمواجهة تهديد محتمل على وشك الوقوع، وعلى أرضية تحاكي هجوما مرتقبا، فمن العدو الذي يهدد قلب العاصمة بغداد؟ ولماذا تأتي في ذروة أزمة سياسية غير مسبوقة بل وتزامنا مع سفر رئيس الوزراء خارج العراق.
وليس بعيدا عن الأسئلة، ما يجاب عنها وما يترك، فإن من ترك في قلب هذه الدوامة الليلة الماضية هو المواطن، فإما أن تحمل الأسئلة السابقة إجابات بمستوى الحدث والقلق الذي أحدثته في نفسه، أو أن ما جرى كان مجرد إضافة على سلسلة الفشل الحكومي.