لوح مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري بعصاه رافضا إمساكها من الوسط، ففي سياسة حافة الهاوية لا مجال لقياس المسافات.
والتحق دار القضاء نهارا كاملا ببيت التشريع عبر اعتصام يطالب بحل مجلس النواب ومحاسبة الفاسدين، اعتصام يقول أنصار التيار إنه المسار الأقصر بين نقطتي الفساد والإصلاح، ولا موطئ قدم يسمح بالوقوف بين الاثنتين، في رد على ما صرح به رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان يوم أمس بشأن “الوقوف على مسافة واحدة من الجميع”.
وهكذا رمى أنصار الصدر ورقتهم الثانية، في تصعيد قد يكون بداية لعصيان مدني يشل عمل مؤسسات الدولة ويلوي عنق الأحداث في مسار جديد أشد حدة.
وفي رد مباشر وفوري، يقرر مجلس القضاء مع المحكمة الاتحادية تعليق عمل المحاكم احتجاجا على ما وصفاها بالتصرفات غير الدستورية، مؤكدين أن ضغوطا مورست على المحكمة الاتحادية مع رسائل تهديد عبر الهاتف لإصدار قرار بحل البرلمان، وهو تصريح تبعته مذكرات قبض ضد قياديين في التيار ونائب سابق عن الكتلة الصدرية.
تصعيد التيار والموقف الصلب تجاهه ليس أمرا يعني التيار وخصومه دون غيرهما، فهي الدولة برمتها على المحك هذه المرة، وليس القضاء فحسب، فرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي قطع زيارته لمصر عائدا على جناح السرعة، محذرا من أن تعطيل عمل المؤسسة القضائية يعرض البلد إلى مخاطر حقيقية، مطالبا في الوقت ذاته جميع القوى السياسية بالتهدئة.
وكان رئيس البرلمان محمد الحلبوسي أكثر وضوحا في تشخيص الخطر، فهو يرى أن الأزمة تتجه نحو غياب الشرعية، وقد تؤدي إلى عدم الاعتراف الدولي بالعملية السياسية وهيكلية الدولة.
أما الإطار التنسيقي فأعلن وقف دعواته للحوار مع الصدر، كأن زعيم التيار كان ينتظر منها شيئا، وفيما تتجه الأحداث نحو مزيد من التصعيد، فإن دعوات الحوار المرفوضة مسبقا لم تعد ذات جدوى، ما لم يقدم أحد أطراف الصراع تنازلا لتلافي لحظة الصدام.