بعد مد بشري عارم وصوت هادر داخل مبنى البرلمان، سيتجرع من لم يرض بالأغلبية حل السلطة التشريعية وإعادة الانتخابات، تجنبا لإعادة هيكلة عملية سياسية لا مكان له فيها، كما يقول ساسة خارج دائرة الصراع، في إشارة إلى بيان مصطفى الكاظمي، رئيس مجلس الوزراء، ودعوته إلى الحوار.
وبشأن البيان، تؤكد قيادات صدرية عدم القبول بأي حلول ترقيعية لا تتضمن تعديل الدستور، وتغيير النظام بشكل جذري، وإبعاد الهيمنة على القوانين النافذة وتأويلها وفق أمزجة الأحزاب.
أما الإطار التنسيقي، الداعي إلى التهدئة والجلوس إلى طاولة مستديرة مع التيار الصدري، فيبدو أن مواقفه الجامدة من ترشيح محمد شياع السوداني لرئاسة الوزراء، بل تشكيل حكومة توافقية، ذابت مع ما يجري في الشارع، وأصبح لا يريد إلا حل الأزمة بدعوى احترام الدولة والحفاظ على الشرعية.
ولم تلق دعوات الإطار آذانا مصغية من الحنانة التي تحرك الشارع برشاقة وزير على رقعة الشطرنج، أمام خصوم لم تعد تسعفهم أي استراتيجية أو مناورة.
وهنا لا تجتمع دبلوماسية الشارع مع رتابة الأحزاب التقليدية وطروحاتها الحائرة بالخطوة المقبلة لمقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، الذي وجه المعتصمين إلى الانتقال من مبنى البرلمان إلى محيطه ومقترباته خلال 72 ساعة، في ما يُفهم أنه استجابة لدعوة الكاظمي الذي وجه بإخلاء مؤسسات الدولة واحترامها.
ومع ذلك، يؤكد وزير الصدر على ديمومة الاعتصام والتلميح إلى امتداده لاحقا نحو مواقع جديدة ربما تكون أشد وقعا من البرلمان.
وفي إشارة واضحة إلى إدامة زخم الاعتصام وإظهار تفوقه العددي، يقرر وزير الصدر إقامة صلاة جمعة موحدة تشمل بغداد وبابل والكوت وكربلاء والنجف في المنطقة الخضراء نهاية الأسبوع، ليترك أبواب التكهنات مشرعة على التساؤل: ما سيحدث بعد ذلك؟