قال الأوكرانيون إنهم يقاتلون في أول مدينة تسيطر عليها روسيا منذ بدء اجتياحها لبلادهم، في حين كثفت موسكو قصفها لمراكز سكنية رئيسية فشلت قواتها حتى الآن في السيطرة عليها.
ومع فشل روسيا في تحقيق هدفها بالإطاحة بالحكومة الأوكرانية بعد نحو أسبوع من بدء الاجتياح، يساور القلق البلدان الغربية من تحول موسكو الآن إلى تكتيكات جديدة أكثر عنفا لشق طريقها إلى داخل المدن التي كانت تتوقع السيطرة عليها بسهولة.
واستهدف القصف الأعنف خاركيف، وهي مدينة يقطنها 1.5 مليون شخص في شرق البلاد تحول وسطها إلى أنقاض ومبان مهدمة.
وانهار سقف مركز للشرطة في وسط المدينة شبت فيه النيران. وقالت السلطات إن 21 شخصا قتلوا في القصف والضربات الجوية على المدينة في الساعات الأربع والعشرين الماضية فيما قُتل أربعة صباح اليوم الأربعاء.
وانضمت أبل وإكسون وبوينج وشركات أخرى إلى موجة تخارج في أنحاء العالم من السوق الروسية، وهو ما تسبب في عزلة مالية ودبلوماسية لموسكو منذ أن بدأ الرئيس فلاديمير بوتين اجتياح أوكرانيا في الأسبوع الماضي.
وقال الرئيس الأمريكي في خطاب حالة الاتحاد السنوي أمام الكونجرس “اعتقد أن بوسعه اجتياح أوكرانيا… وبدلا من ذلك واجه جدارا من القوة لم يتوقعه أو يتخيله أبدا: واجه الشعب الأوكراني”.
وصفق أعضاء مجلس النواب الأمريكي ولوح الكثير منهم بالعلم الأوكراني وارتدوا ملابس بلونيه الأصفر والأزرق.
وقالت روسيا إنها أرسلت مندوبين للمشاركة في ثاني جولة لمحادثات السلام مع أوكرانيا في روسيا البيضاء قرب الحدود، لكن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ذكر أنه يتعين على روسيا وقف قصف المدن الأوكرانية إذا كان يريد التفاوض من أجل السلام.
وذكرت موسكو اليوم الأربعاء أنها سيطرت على خيرسون، وهي عاصمة إقليمية يقطنها نحو ربع مليون نسمة على الجبهة الجنوبية لكن أوكرانيا نفت ذلك.
وقال حاكم المنطقة إن المدينة حوصرت ليلا تحت وطأة إطلاق النار، في حين نهبت القوات الروسية المتاجر والصيدليات. وذكر مستشار لزيلينسكي اليوم الأربعاء إن قتال شوارع دائر في الميناء .
وقال المستشار أوليكسي أرستوفيتش “لم تسقط المدينة، جانبنا يواصل الدفاع”.
وفي الجنوب أيضا كثفت روسيا الضغط على ميناء ماريوبول الذي تقول إنها حاصرته في حلقة محيطة بساحل بحر أزوف بأكمله. وقال رئيس بلدية المدينة إنها تعرضت لقصف مكثف منذ وقت متأخر مساء الثلاثاء مضيفا أنهم لا يستطيعون إجلاء المصابين.
لكن على الجبهتين الرئيسيتين الأخريين في الشرق والشمال لم تحرز روسيا تقدما يذكر مع استمرار صمود كييف وخاركيف، أكبر مدينتين في أوكرانيا، في مواجهة قصف يستعر.
وفي كييف، العاصمة التي يبلغ عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة حيث يحتمي السكان ليلا بمحطات مترو الأنفاق، فجرت روسيا برج الإرسال التلفزيوني الرئيسي قرب نصب تذكاري للمحرقة أمس الثلاثاء مما أسفر عن مقتل بعض المارة.
وقال زيلينسكي، وهو يطلع المواطنين على أحدث المستجدات، إن الهجوم أثبت أن الروس “لا يعرفون شيئا عن كييف، عن تاريخنا. لكن لديهم جميعا أوامر بمحو تاريخنا، ومحو بلدنا، ومحونا جميعا”.
وفي وقت سابق قال زيلينسكي، الذي بدا عليه التعب ولم يكن حليق الذقن، في مجمع حكومي شديد الحراسة خلال مقابلة مع رويترز وسي.إن.إن إن القصف يجب أن يتوقف لإجراء محادثات لإنهاء الحرب.
وأضاف “من الضروري على الأقل الكف عن قصف الناس ، فقط أوقفوا القصف ثم اجلسوا إلى طاولة المفاوضات”.
وتوقف التقدم الرئيسي الذي حققته روسيا في العاصمة، من خلال رتل مدرعات ضخم امتد لعدة كيلومترات على طول الطريق المؤدي إلى كييف، إلى حد كبير منذ عدة أيام. وأشار مسؤول دفاعي أمريكي كبير يوم الثلاثاء إلى مشاكل لوجستية من بينها نقص الغذاء والوقود وعلامات على تدني الروح المعنوية بين القوات الروسية.
وقالت وزارة الدفاع البريطانية في تحديث استخباراتي صباح اليوم الأربعاء “بينما وردت أنباء عن تقدم القوات الروسية إلى وسط خيرسون في الجنوب فإن المكاسب الإجمالية عبر المحاور كانت محدودة في الساعات الأربع والعشرين الماضية”.
وأضافت “ربما يرجع ذلك إلى مجموعة من الصعوبات اللوجستية والمقاومة الأوكرانية الشرسة”. وذكرت الوزارة أن روسيا تشن غارات جوية وضربات مدفعية مكثفة خاصة على خاركيف وكييف وماريوبول ومدينة تشيرنيهيف الشرقية.
وفر ما يقرب من 700 ألف أوكراني من البلاد في أقل من أسبوع في أسرع نزوح جماعي في أوروبا منذ عقود.