يعاني ملايين الأشخاص في العالم من قصور القلب “فشل القلب”، وهو حالة مرضيّة ربما لا تُشخّص بسهولة لأن أعراضها قد ترتبط بأمراض أخرى وبالتقدم في السن. فما أسباب قصور القلب؟ وما أعراضه التي لا ينبغي التغاضي عنها على الإطلاق؟

في تقرير نشرته صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، تنقل الكاتبة سيسيل تيبير عن البروفيسور نيكولا لامبلان، رئيس قسم الطوارئ والعناية المركزة لأمراض القلب في مستشفى جامعة ليل، قوله إن “قصور القلب ليس مرضا، بل هو عبارة عن خلل وظيفي”.

ويوضح لامبلان أن قصور القلب “ينطبق على جميع الحالات التي تكون فيها عضلة القلب غير قادرة على أداء دورها كمضخة، ومن ثم إمداد الجسم بالدم والعناصر الغذائية على نحو جيد”. قد تتحول هذه الحالة الصحية إلى مشكلة مزمنة وتتفاقم المخاطر.

ما الأسباب؟

قصور القلب من المضاعفات لأمراض القلب أو الجهاز التنفسي، وهناك مجموعة أسباب قد تعيق القلب عن توزيع الدم بكفاءة، من بينها اضطراب نبضات القلب، وأمراض عضلة القلب (اعتلال عضلة القلب) أو الصمامات، ومرض الشريان التاجي، والأضرار الناجمة عن النوبات القلبية، وإصابة القلب بأحد الفيروسات، وتعاطي الكحول.

وقد يؤدي تضيق الشرايين الطرفية أو انسدادها، أو مرض السكري، أو ارتفاع ضغط الدم إلى الحدّ من تدفق الدم، وذلك يجعل القلب يضخ بقوة أكبر.

متى يحدث قصور القلب؟

بغض النظر عن الأسباب، فإن قصور القلب يتطور في جميع الحالات وفق نمط واحد.

في البداية، يحاول الجسم تعويض القصور عبر مطالبة القلب بالانقباض بقوة أكبر وعلى نحو متكرر من أجل الحفاظ على تدفق الدم بالمستويات العادية، ولكن ذلك يؤثر في الدورة الدموية الطرفية والكلى؛ يبني القلب بسبب المجهود الإضافي لضخ الدم مزيدا من العضلات التي يمكن أن تتسبب بزيادة ثخانة جدران البطينين لتكون قادرة على احتواء مزيد من الدم مع كل انقباض.

لكن هذه الآليات لا يمكن أن تستمر بشكل طبيعي مدة طويلة، بل تتسبب بمرور الوقت في إضعاف عضلة القلب. فبعد بضعة أشهر، يصاب القلب بالإنهاك جراء الجهد الإضافي، ويؤدي ذلك مباشرة إلى قصور القلب.

تدريجيا، تفقد العضلات قوتها وقدرتها على الانقباض السليم، ولا يصبح القلب قادرا على تزويد الجسم بالأكسجين والعناصر المغذية التي يحتاج إليها، وهذه الحالة هي قصور القلب على وجه الدقة.

ويمكن أن يحدث القصور في أحد جانبي القلب، أي فشل البطين الأيسر أو الأيمن، وقد يصيب العضو بأكمله، وهو ما يُعرف بقصور القلب الشامل.

أعراض قصور القلب

1- ضيق التنفس

هناك 4 أعراض رئيسة لهذه المتلازمة، أبرزها ضيق التنفس. في هذا الصدد، يقول لامبلان “عندما نشعر بضيق في التنفس عند ارتداء الملابس أو الصعود إلى الطابق العلوي، فإن ذلك يعني أن المشكلة موجودة منذ شهور أو حتى سنوات، لكن الأمر المقلق هو أن ضيق التنفس من الأعراض التي لا ينتبه كثيرون إلى خطورتها. في الواقع، كثير من المرضى لا يخبرون الأطباء بهذه الحالة، وإذا فعلوا ذلك، قد تكون الإجابة أنه “أمر طبيعي، أو أنهم يعانون من زيادة الوزن أو أن التقدم في السن هو السبب”.

في المراحل المبكرة من قصور القلب يحدث ضيق التنفس بعد القيام بمجهود معتدل (صعود 3 طوابق على سبيل المثال)، ثم يحدث حتى أثناء الراحة. ويضيف لامبلان “غالبا ما يكون هناك تأخير في التشخيص لأن العديد من الأشخاص لا يمارسون الرياضة أبدا، فلا يمكنهم ملاحظة الأعراض المبكرة لفشل القلب. من هنا تأتي أهمية ممارسة النشاط البدني بانتظام”.

2- زيادة الوزن

يتمثل العرض الثاني لقصور القلب في الزيادة السريعة للوزن، ويوضح البروفيسور لامبلان أنه “بسبب احتباس الماء، يمكن للمريض أن يزيد وزنه 3 كيلوغرامات في غضون 3 أيام، لذلك فهو تحذير يجب أخذه في الاعتبار”.

3- الإرهاق

الشعور بالإرهاق من الأعراض المثيرة للقلق، ويقول لامبلان في السياق “ما تشعر به في نهاية اليوم عندما تعود إلى المنزل من العمل ليس إرهاقا. الإرهاق هو الحالة التي تجعلك غير قادر على بذل أي جهد”.

4- وذمات في الأطراف السفلية

هذا يعني تجمع السوائل في الأطراف السفلية، وتورم الكاحلين والقدمين. ويوضح لامبلان “عندما يعاني القلب من خلل وظيفي، لا تحصل الكلى على ما يكفي من الدم، وتعوّض ذلك النقص عن طريق إعادة امتصاص الماء والملح”، ويمكن أن يسبب تورم الكبد ألما تحت الضلوع اليمنى.

لا تعني هذه الأعراض بالضرورة أنك مصاب بقصور القلب، لكنها تشير إلى أن هناك مشكلة ما لا بد من تشخصيها في الوقت الصحيح.

تشخيص قصور القلب

يكفي فحص دم بسيط لتشخيص قصور القلب، ويوضح لامبلان “عند وجود آلام، نقوم بقياس جرعة هرمون يفرزه القلب في الدم، يسمى الببتيد الدماغي المدرّ للصوديوم (brain natriuretic peptide) (BNP). عند العثور عليه بكميات كبيرة، فهذا يشير إلى وجود مشكلة، إنها علامة موثوق بها للغاية تُستخدم منذ 20 عاما”.

إذا أظهر الفحص وجود هذا الهرمون بمستويات عالية، يجب إجراء فحص بالموجات فوق الصوتية للقلب، وهذا الفحص لا يتطلب وخزات أو أشعة سينية، ويسمح بالتعرف على مصدر الخلل في وظائف القلب ومدى تطور الحالة.