مرحبا بكم في موقع شركة سما الاعلام للانتاج والاعلان قناة UTV الفضائية
نشر منذ 3 سنوات

كشف وزير الشباب والثقافة في المغرب، المهدي بنسعيد، أن المغاربة ينفقون حوالي 35 درهما (نحو 4 دولارات) للفرد الواحد على القراءة في السنة.

وأكد المسؤول الحكومي، خلال لقاء إذاعي، أن الكتاب في المغرب “يعاني كثيرا” و”ثقافة الكتاب تكاد تكون منعدمة”، كما أن الكتاب، حسب الوزير، يحتاج إلى “مزيد من الدعم”.

هذه النظرة القاتمة لوضعية القراءة في المملكة، أكدها أيضا اتحاد الناشرين المغاربة، الذين التأموا بمدينة طنجة شمالي المملكة، يومي 17 و18 ديسمبر الجاري، بمناسبة المؤتمر الخامس تحت شعار “صناعة الكتاب.. قلب المشهد الثقافي”.

حسب المؤتمر، “هناك أكثر من سبب يدعو للقلق، فالكتاب يمر بمرحلة صعبة لم يسبق أن عرفها من قبل، مما يستوجب تبادل الرأي لتكوين رؤية جماعية، مع وضع خطة والعمل على تنفيذها”.

الوثيقة ذاتها أشارت إلى أن “الوضع المتردي للقراءة يرتبط بمصير أجيال تنغمر في وهم التقنية بكل أشكالها السلبية بدون خلفية ثقافية تحصنهم من آفة التلقي السلبي، وأساس هاته الخلفية الثقافية وعمادها هو القراءة والكتاب”.

 

أزمة القراءة

في تعليقه على الموضوع قال عبد الرحيم العلام، رئيس اتحاد كتاب المغرب: “في غياب معطيات وإحصائيات علمية دقيقة ورسمية عن وضع القراءة العمومية في المغرب، مع بعض الاستثناءات النادرة في هذا الباب، والتي يتم التلويح بها من حين لآخر، يبقى أي حديث عن هذا الموضوع نسبيا”.

العلام تابع ضمن تصريح خص به “سكاي نيوز عربية”: “يكاد يجمع الكل على أن ثمة أزمة’ قراءة في المغرب، بل هناك من يتحدث عن انعدام القراءة في بلدنا، ويرجعون أسباب ذلك إلى عوامل مختلفة ومتداخلة ومتعددة، منها ما يرتبط بانعدام التربية على القراءة، داخل الأسرة وفي المدرسة، ومنها ما يتعلق بتفشي الأمية في مجتمعنا، في حين يربط آخرون موضوع الأزمة بتدني القوة الشرائية وارتفاع أثمنة الكتب والمنشورات، وانعدام البنيات الثقافية التحتية، وتمركز المكتبات في المدن الكبرى فقط، وانعدام المناهج التربوية المشجعة على القراءة والمحفزة عليها، ومنها أيضا ما يتم ربطه بقيمة الإنتاج الثقافي المعروض في السوق، وغياب الإعلام والتنشيط الثقافيين القادرين على الترويج له، والتحفيز على اقتنائه وقراءته وتقلص عدد المكتبات”.

تقارير تدق “ناقوس الخطر”

رئيس اتحاد كتاب المغرب نبه في سياق تحليله، إلى “توالي التحذيرات من تراجع القراءة في المجتمعات العربية”، مُذكراً بالتقرير الرابع للتنمية الثقافية “الذي وصف وضع القراءة في عالمنا العربي بالمخيف، بما كشف عنه من أرقام مخيفة، بما يجعلنا بعيدين كل البعد عن أي تفكير في استراتيجيات أخرى قرائية، ترتهن إلى بلورة صناعة مغايرة للكتاب وللمعرفة، بما يعنيه ذلك من بناء لقارئ عربي جديد، متعلم ومساهم في تنمية مجتمعه وفي رقيه”.

الكاتب والناقد الأدبي شدد أيضا على أن المبادرات والبرامج والتجارب العلمية الجميلة والمؤثرة التي تهدف إلى النهوض بالقراءة وترويج الكتاب، سرعان ما تصاب في بلداننا بالفشل، لعدم استنادها إلى مخططات محكمة ودقيقة، أو لعدم توفر النوايا والإمكانيات اللازمة لاستمرارها. من هنا، ضرورة اعتبار القراءة سلوكا مجتمعيا وفعلا بيداغوجيا، يجب ربطه بالسياسات التنموية في بلادنا العربية، هاته التي تبدو سياسات فاشلة في عمومها، إذ لم تتمكن، إلى اليوم، من أن تفرز لنا نموذجا لتنمية حقيقية، اقتصادية واجتماعية وثقافية”.

 

ما السبيل إلى نشر ثقافة القراءة؟

في نظر الدكتور رشيد أمحجور، مدير قصر الثقافة والفنون بطنجة، فإن القراءة تحتاج إلى دعم للكتاب والنشر والتوزيع، بعيدا عن المنطق المادي الذي يهدف إلى الربح بالأساس، وهذا ما ذهب إليه – للأسف – سوق الكتاب في المغرب، على حد قوله.

في حديثه مع “سكاي نيوز عربية”، استطرد الأستاذ الجامعي والفاعل الجمعوي قائلا: “الدعم وحده ليس كافيا، يجب تحسيس القراء باختلاف شرائح أعمارهم بأهمية القراءة، وذلك من خلال أنشطة مكثفة ومتنوعة في جميع المنابر الإعلامية بما فيها المكتوبة، والسمعية والمرئية، وتكثيف البرامج التحفيزية والمسابقات والجوائز، فالقراءة مفتاح أساسي لعوالم ثقافية، علمية وفنية وحضارية بشكل عام”.

أمحجور تابع حديثه مذكراً بأنه “لما كان جاك لانك وزيرا للثقافة بفرنسا (1981)، انتبه إلى ما آل إليه المجتمع الفرنسي من ضعف الاستماع للموسيقى العالمة (Musique savante)، وكان يعد استهلاكها بمثابة قراءة وتثقيف، وصادف ذلك ظهور قرص الليزر الذي كان ثمنه آنذاك مرتفعا جدا، حوالي 500 فرنك فرنسي، (60 دولار)، فقرر جاك لانك أن يتم تسجيل الموسيقى العالمة في أقراص الليزر وطرحها في السوق بأقل من 50 فرنك فرنسي أي ما يعادل اليوم 6 دولارات، فغزت الموسيقى العالمة منازل الفرنسيين وحتى الأجانب، وهذا ما يجب أن يحصل حينما نمر بأزمات ثقافية وفنية”، على حد قول أمحجور.

من جانبه، أكد عبد الرحيم العلام، رئيس اتحاد كتاب المغرب، بأن “الرهان اليوم، هو على ترسيخ ثقافة القراءة في مجتمعاتنا وعلى تشجيع الاستهلاك الثقافي، عبر مختلف الوسائل والوسائط المتاحة، خاصة أمام التدفق التكنولوجي والمعلوماتي التي تتيحه اليوم شبكة الإنترنيت، بما يوفر فرص القراءة والوصول إلى المعلومة بإمكانيات أقل”، مضيفا أن “الوضع الحالي للقراءة في مجتمعاتنا يستوجب بذل مزيد من الجهود من أجل تحقيق نهوض فعلي بقطاعات التربية والتكوين والشباب والثقافة والمجتمع المدني، من أجل أن ندفع بالمجتمع ليس فقط إلى محاربة الأمية والإقبال على القراءة، بل نحو امتلاك المعرفة والإسهام في إنتاجها”.

خطة اتحاد الناشرين

هذا وتدارس أعضاء اتحاد الناشرين المغاربة خلال المؤتمر الخامس الذي انعقد يومي 17 و18 ديسمبر الجاري في طنجة، مشروع خطة يروم تحويل المجتمع إلى مجتمع قارئ ودعم الكتاب الثقافي المبدع، وترسيخ البنية السفلى للإنتاج الثقافي والانفتاح على الزمن المعرفي والمساهمة في تحويل المغرب إلى مركز ثقافي.

وشدد الاتحاد على أن الخطوط العريضة للخطة تقوم على تعاون وثيق مع وزارة الثقافة ومراجعة التعاون المتبادل لدعم الكتاب المغربي، والتأكيد على إشراك الجهات ذات الصلة بموضوع الثقافة والتربية والمعرفة، وجعل الكتاب موضوعا أثيرا للإعلام وللإشعاع الوطني والدولي.

كما يروم اتحاد الناشرين المغاربة القيام بحملة واسعة لترسيخ عادة القراءة في البيت والمدرسة والحديقة، والتكيف مع التطورات الرقمية لتسهيل الوصول إلى الكتاب.