في تسعينيات القرن الماضي، هزت جريمة قتل، ماوريتسيو غوتشي، وريث أحد أبرز دور الأزياء الفاخرة في العالم الشارع الإيطالي، بل وعالم صناعة الأزياء والموضة بأكمله.
وبعد أكثر من ربع قرن، يخرج فيلم “هاوس أوف غوتشي” ليروي قصة جريمة القتل، والأحداث المتضافرة التي أدت إلى الحدث المأساوي.
يستند الفيلم إلى كتاب سارة غاي فوردن “دار غوتشي: قصة مثيرة عن الجريمة والجنون والبريق والجشع”، ويسرد أحداثه بطريقة تجمع بين الثروة والحب والأضواء والاحتقار والخيانة والغيرة والغدر.
الفيلم من إخراج ريدلي سكوت، وتلعب ليدي غاغا دور البطولة فيه، إذ تجسد شخصية باتريتسيا ريجياني، التي أدينت بجريمة قتل زوجها السابق، ماوريتسيو غوتشي، وريث إمبراطورية الأزياء الشهيرة في عام 1995.
كما يشارك فيه كوكبة من أبرز نجوم ونجمات هوليوود، مثل آدم درايفر، وآل باتشينو، وسلمى حايك وجيريمي أيرنز.
“إهانة لإرث العائلة”
يبدو أن الفيلم لم يلق استحسان ورثة دار الأزياء الإيطالية الشهيرة، فقد انتقدوه واعتبروا أنه يصور أفراد العائلة على أنهم “مثيرون للشغب”.وقد انتقدت العائلة الفيلم في رسالة نشرتها لأول مرة وكالة الأنباء الإيطالية ANSA.جهلة ومتبلدو المشاعر
قالت العائلة في بيانها، إن الفيلم صورهم على أنهم “جهلاء” ويفتقرون للمشاعر.وجاء في الرسالة: “تحتفظ عائلة غوتشي بالحق في اتخاذ كل مبادرة لحماية اسمها وصورتها وأحبائها”.وأضافوا أن ألدو غوتشي (يلعب دوره آل باتشينو)، الذي كان رئيسا للشركة في الفترة من 1953 إلى 1986، وأقارب آخرين تم تصويرهم “على أنهم بلطجية، وجاهلون ومتبلدو المشاعر ولا يكترثون للعالم من حولهم، ونسب إلى أبطال الرواية والأحداث، سلوكيات و مواقف لا تمت لهم بصلة”.”هذا مؤلم للغاية من وجهة نظر إنسانية، وهو إهانة للإرث الذي بنيت عليه علامة غوتشي وما تمثله اليوم”.
ليدي غوتشي “الأرملة السوداء”
ربطت بين ماوريتسيو وباتريتسيا قصة حب عاصفة، فقد انبهر بها ما أن وقع عليها بصره في حفل أقيم في ميلانو، وأخذ يسأل: من تلك الجميلة التي تشبه إليزابيث تايلور.
تتوجت علاقتهما بالزاوج عام 1972، وأنجبا ابنتين، أليساندرا وأليغرا.
وفي عام 1983، ورث ماوريتسيو حصة والده في الشركة البالغة 50 في المئة، لكن الشركة واجهت بعض الصعوبات، ومن قبلها كان الخلاف قد دب بينه وبين زوجته.
وحدثت المأساة في صباح يوم 27 مارس/ آذار 1995، عندما دخل ماوريتسيو مكتبه في ميلانو، وأطلق عليه مسلح ثلاث رصاصات في ظهره، أتبعها برابعة في رأسه أردته قتيلا على الفور.
كان ماوريتسيو يبلغ حينها من العمر 46 عاما، وقد أثار مقتله المروع الكثير من التساؤلات حول دوافع الجريمة.
وفي 31 يناير/ كانون الثاني 1997، ألقي القبض على باتريتسيا ريجياني، وأدينت عام 1998 بالتأمر لقتل زوجها السابق، وحُكم عليها بالسجن 29 عاما.
وقد حظيت المحاكمة باهتمام إعلامي مكثف وأطلق على ريجياني لقب “الأرملة السوداء”.
وبالعودة للفيلم، قالت أسرة غوتشي إنها شعرت بالإهانة بسبب الطريقة التي صورت بها ريجياني، التي قالوا إنه “لم يتم تصويرها فقط في الفيلم، ولكن أيضا عبر تصريحات صدرت عن أعضاء فريق التمثيل، كضحية تحاول البقاء على قيد الحياة في الشركة التي تسودها الثقافة الذكورية الشوفينية”.وأضافوا أن “هذا أبعد ما يكون عن الحقيقة”، ووصفت الأسرة الشركة بأنها “شركة حاضنة”.يشار إلى أن عائلة غوتشي لم ترتبط بدار الأزياء التي تحمل اسمها منذ التسعينيات، والعلامة التجارية الفاخرة مملوكة حاليا للمجموعة الفرنسية كيرينغ Kering.ورغم انتقاد الفيلم ،لم تتخذ الأسرة حاليا أي إجراء قانوني ضده أو ضد منتجيه.
جزء من الشأن العامرفض مخرج الفيلم السير ريديلي سكوت، في لقاء مع بي بي سي راديو 4 الأسبوع الماضي، الانتقادات السابقة التي وجهتها باتريتسيا غوتشي، ابنة ابن عم ماوريتسيو، عندما تحدثت مؤخرا إلى وكالة أسوشيتد برس نيابة عن العائلة.وكانت قد اتهمت المخرج بـ “سرقة هوية عائلة لتحقيق ربح مادي”.وقال سكوت إنه لن ينجر إلى ذلك الجدل، مضيفا “يجب أن نتذكر أن أحد أفراد عائلة غوتشي قُتل وأن آخر دخل السجن بتهمة التهرب الضريبي، لذلك لا يمكن التحدث معي بشأن تحقيق ربح، بمجرد حدوث أشياء كهذه تصبح جزءا من الشأن العام”.
وكانت باتريتسيا ريجياني، قد أبدت في مقابلة في وقت سابق من هذا العام موافقتها على أن تجسد ليدي غاغا، التي استفادت من جذورها الإيطالية، شخصيتها في الفيلم، ووصفتها بأنها “عبقرية”.
ثم ما لبثت أن قالت في وقت لاحق إنها “منزعجة” لأن الممثلة لم تتصل بها لمقابلتها من منطلق “الاحترام”.لكن منتجي الفلم شرحوا أنهم لم يوافقوا على ذلك اللقاء “حرصا على الحياد وعدم الانخراظ في تأييد أو دعم الجريمة الفظيعة”.
إرث عريقولد غوتشيو غوتشي مؤسس دار الأزياء الفاخرة في فلورنسا بإيطاليا عام 1881، وكان والده حرفيا متخصصا في صناعة الجلود.
وفي فترة الشباب سافر غوتشيو إلى باريس ولندن، حيث عمل في فنادق فخمة، وألهمته فخامة الأمتعة التي يحملها الزوار معهم، فقرر العودة إلى إيطاليا للتفكير في نقطة انطلاق لما أصبح لاحقا أحد أبرز دور الأزياء.
وبالفعل كانت البداية بعد الحرب العالمية الأولى في عام 1921، حين افتتح غوتشيو غوتشي ورشة ومحلا متخصصا في المنتجات الجلدية في فلورنسا، مستفيدا من خبرته في العمل في فندق سافوي في لندن، التي مكنته من التعرف على أذواق وسلوكيات النبلاء وعلية القوم.لاقت منتجات غوتشي رواجا كبيرا وانتشرت بسرعة بفضل عمل الحرفيين الإيطاليين المتقن، ممزوجا برؤية غوتشيو والتجديد الذي اعتمده. وهكذا أصبحت منتجات دار غوتشي تنفد فور عرضها، وما لبثت أن تجاوزت حدود إيطاليا إلى العالمية ورسخت نفسها كواحدة من أبرز وأعرق دور الأزياء في العالم.