من الطبيعي جدا أن نمر أحيانا باضطرابات في النوم بسبب التوتر أو الإفراط في الأكل أو السهر على جهاز إلكتروني، لكن الأرق المستمر قد يؤشر على مشكلات صحية خطيرة، وينبغي حينها زيارة الطبيب المختص.
في حوار مع صحيفة “لوفيغارو” (Le Figaro) الفرنسية، يقول البروفيسور إيف دوفيلييه، أستاذ علم الأعصاب ووظائف الأعضاء ومدير مختبر النوم بمستشفى جامعة مونبلييه، إن أبرز علامات الأرق صعوبة الاستغراق في النوم والاستيقاظ المتكرر في الليل والاستيقاظ مبكرا جدا في الصباح وصعوبة العودة إلى النوم.
وينتج عن الأرق وقلة النوم مشاكل كثيرة خلال النهار، من بينها الشعور بالإرهاق صباحا وضعف التركيز وتعكر المزاج.
ويضيف البروفيسور دوفيلييه أن حوالي ثلاثة أرباع الناس قد يعانون في مرحلة ما من الأرق الحاد، خاصة عند سماع أخبار سيئة أو الشعور بالتوتر قبل لقاء مهم.
ويتابع أنه في مثل هذه المواقف، من الطبيعي أن يكون النوم مضطربا ليوم أو عدة أيام، لكن إذا استمرت هذه الاضطرابات لأكثر من 3 أشهر، بمعدل 3 مرات في الأسبوع على الأقل، وكانت مصحوبة بصعوبات في إنجاز المهام المختلفة خلال ساعات اليقظة، من الضروري أخذ الأمور على محمل الجد وزيارة أحد المختصين.
وينبه دوفيلييه إلى أن التوتر ليس السبب الوحيد لاضطرابات النوم، بل أيضا تناول بعض الأدوية، وعوامل أخرى مثل شرب الكثير من القهوة والتدخين وممارسة الرياضة واستخدام الشاشات في وقت متأخر من الليل.
هل يمكن أن يخفي الأرق مرضا كامنا؟
يقول دوفيلييه إن هذا الأمر صحيح، إذ يمكن أن ترتبط اضطرابات النوم بالقلق المزمن والاكتئاب وداء الارتداد المعدي المريئي. وقد تكون اضطرابات النوم من أعراض متلازمة تململ الساق، أي الرغبة اللاإرادية في تحريك الساق أثناء النوم، وهي متلازمة تحرم المصاب بها من الاستغراق في نوم عميق.
وتنتج هذه المتلازمة عن نقص الحديد في مناطق معينة من الدماغ، وهو مرض قابل للعلاج، لكن لا يوجد الكثير من الخبراء المختصين في علاج هذه المتلازمة.
كما يؤدي انقطاع النفس أثناء النوم إلى اضطراب النوم، حيث يستيقظ الأشخاص الذين يعانون من هذا المرض عدة مرات ليلا، ولا يستغرقون في النوم العميق، ويشعرون بالصداع عند الاستيقاظ.
ماذا تفعل عندما تعاني من الأرق دون سبب واضح؟
يؤكد دوفيلييه أن الخبراء يقدمون علاجا سلوكيا وليس دوائيا لهذا النوع من الأرق، ويقوم على تقليل الوقت الذي تقضيه في الفراش في حالة عدم وجود سبب محدد لاضطراب النوم، وعدم تخطي 7 ساعات في الفراش.
ويضيف أنه يجب تشخيص هؤلاء المرضى عن طريق ما يعرف بـ”تخطيط النوم” في حال عدم وجود سبب واضح للأرق. يشمل هذا النوع من الفحوص تسجيل ساعات النوم ومراقبة النشاط القلبي والعضلي والجهاز التنفسي أثناء الليل عبر أجهزة استشعار مختلفة.
نصائح لتجنب الأرق
من أجل نوم عميق ومريح، ينصح دوفيلييه بعدم ممارسة الرياضة في المساء حتى لا ترتفع درجة حرارة الجسم، والابتعاد عن التدخين وشرب الكحول، وعدم تناول كميات كبيرة من الطعام في وجبة العشاء.
كما يوصي بضرورة الاسترخاء وعدم استخدام الشاشات قبل النوم، والنهوض من الفراش عند الاستيقاظ ليلا، وممارسة النشاط البدني في الصباح، والتعرض بشكل كاف لأشعة الشمس نهارا.
وعن دور الشاشات والأجهزة الإلكترونية في اضطرابات النوم، يؤكد دوفيلييه أن الضوء الأزرق يعطل إفراز الميلاتونين، وهو مادة في الدماغ تعزز النوم، لكن ذلك لا يعني أن جميع الأشخاص الذين يستخدمون الشاشات ليلا يعانون من اضطرابات النوم.
ومن مساوئ استخدام الأجهزة الإلكترونية ليلا أن الألعاب ومقاطع الفيديو والدردشة مع الآخرين تقاوم النعاس وتؤخر النوم.
أدوية الأرق
يوضح البروفيسور دوفيلييه أن المنتجات الموجودة في الصيدليات، والتي لا تتطلب وصفة طبية، هي بالأساس مكملات غذائية وليست أدوية لعلاج الأرق.
وحسب رأيه، فإن هذه المنتجات قد تكون مفيدة لبعض الأشخاص الذين لا يعانون اضطرابات نوم حادة، لكن تأثيرها هو فقط تأثير الدواء الوهمي.
ومن وجهة نظر علمية، لم يتم التحقق من فعالية هذه الأدوية، لكن تناولها بكميات صغيرة لا يسبب أي أضرار صحية إذا تم احترام الجرعات الموصى بها.
ويشير دوفيلييه إلى أن الأدوية التي تساعد على النوم هي أساسا منبهات مستقبلات غابا التي تعرف بـ”البنزوديازيبينات”، والأدوية المنومة مثل الزولبيديم والزوبيكلون، وتؤثر هذه الأدوية بشكل إيجابي للغاية على النوم على المدى القصير.
وهناك أيضا دواء الميلاتونين، وهو ليس منوّما، لكنه يحاكي الهرمونات الطبيعية وينظم النوم، إضافة إلى مضادات الاكتئاب التي يمكن أن تعالج الأرق لأن لها تأثيرا مهدئا.
وفي جميع الأحوال يجب استشارة الطبيب قبل اللجوء إلى الصديليات بحثا عن دواء للأرق.