تمثل الانتخابات التي تجري اليوم الثلاثاء، وتشمل التنافس على منصب حاكم ولاية فرجينيا، تحديا كبيرا للحزبين، الديمقراطي والجمهوري، على حد سواء.
وستحدد نتيجة السباق الذي يجري بين الديمقراطي تيري ماكوليف والجمهوري غلين يونغكين طبيعة المناخ السياسي لانتخابات الكونغرس العام القادم، والتي يمكن لنتائجها أن تقضي على الأجندة الطموحة للرئيس جو بايدن، وهي التي سيتحدد بناء عليها مصير النصف الثاني من فترة حكمه.
وكانت الولاية، ولحد كبير مضمونة للديمقراطيين في استطلاعات الرأي التي جرت في بداية هذا العام، ويتسق ذلك مع فوز بايدن بها في انتخابات 2020 بفارق 10 نقاط عن دونالد ترامب، إذ حصل بايدن على 54% مقابل 44% من الأصوات لترامب.
لكن وخلال الأسابيع الأخيرة قل الفارق بين المرشحين، وأشارت بعض استطلاعات الرأي إلى وصول الفارق بينهما إلى نقطة أو نقطتين، بعدما كانت 10 نقاط في أبريل/ نيسان الماضي لصالح الديمقراطي ماكوليف.
ويكرر مواطنو الولاية المجاورة للعاصمة واشنطن القول إنه “كلما حصل شيء في واشنطن، سواء كانت هناك إدارة جمهورية أو ديمقراطية، يميل الناخبون هنا في فيرجينيا إلى الرد على ذلك”.
مرآة لانتخابات 2022
وعادة ما يخسر حزب الرئيس الانتخابات الأولى التالية للكونغرس في انتخابات نصف أعضاء مجلس النواب وثلث أعضاء مجلس الشيوخ في العام التالي.
ومع انخفاض شعبية الرئيس بايدن إلى ما تحت 50% كما تشير أغلب استطلاعات الرأي، فإنه وحتى فوز ماكوليف بفارق نقطة أو اثنتين من شأنه أن ينذر بهزيمة الديمقراطيين في انتخابات الكونغرس القادمة، ناهيك عن احتمال خسارته الانتخابات.
ولا يحتاج الجمهوريون إلا للفوز بـ5 مقاعد في انتخابات الكونغرس العام المقبل للسيطرة على أغلبية مجلس النواب، وتعطيل وقتل أجندة بايدن.
ومنذ هزيمة ترامب وخروجه من البيت الأبيض، وعدم قدرته على التغريد في تويتر كل 15 دقيقة كما كان يفعل، لم يعد “عامل ترامب” متاحا لتعبئة الناخبين الديمقراطيين والمستقلين، وحتى الجمهوريين المعتدلين، وأصبح أداء الديمقراطيين هو الهدف بدلا من دونالد ترامب.
عامل شعبية بايدن
وكان هناك ارتباط مباشر في استطلاعات الرأي في نسب تقدم ماكوليف ونسبة شعبية الرئيس بايدن، وتقدم ماكوليف بـ7 أو 8 نقاط، عندما كانت شعبية جو بايدن فوق 50%، ومنذ تدهور شعبية بايدن، ضاقت نسب تقدم ماكوليف.
ودفع عرقلة تمرير أجندة الرئيس بايدن الطموحة المتعلقة بالبنية التحية الأميركية وتقدر قيمتها بعدة تريليونات من الدولارات لانخفاض شعبية الرئيس. كما أبرز كذلك حجم الاقتتال الداخلي بين تيارات الحزب الديمقراطي، خاصة بين الأعضاء التقدميين والأغلبية التقليدية.
ابحث عن دونالد ترامب
وحاول المرشح الجمهوري يونغكين عدم الارتباط في حملته بالرئيس ترامب في وقت لا يبتعد فيه عن أنصار الرئيس السابق. ويركز يونغكين في حملته على كسب الناخبين الأكثر اعتدالا.
وتركز إستراتيجية ماكوليف في أحد أبعادها على ربط يونغكين بترامب. في الوقت ذاته أيد ترامب يونغكين مرارا وتكرارا، وفي تغريدة في وقت متأخر من يوم الأربعاء الماضي، قال متحدث رسمي باسم ترامب إنه يدعم بشدة حملة يونغكين، ولم تعلق حملة يونغكين، لكن المرشح الجمهوري أكد في وقت سابق أنه لا يعتزم دعوة الرئيس ترامب للمشاركة في أي فعالية انتخابية.
من جانبه، استعان ماكوليف بعدد كبير من زعماء الحزب الديمقراطي ونجومه، ليوصلوا رسالة مفادها أن التصويت لصالح يونغكين هو تصويت لترامب. الرئيس السابق باراك أوباما، ونائبة الرئيس كامالا هاريس والرئيس جو بايدن كرروا هذه العبارة في حملاتهم الداعمة لانتخاب ماكوليف.
الديمقراطيون: فيرجينيا مرآة عاكسة لأميركا
خسارة فرجينيا ستكون علامة سيئة لانتخابات التجديد النصفي العام القادم في مجلسي الكونغرس. ولم يخسر الديمقراطيون منصب حاكم ولاية فيرجينا منذ 2009. ويخشى الديمقراطيون من أن خسارة ماكوليف في ولاية فرجينيا ذات الميول الليبرالية، سيكون لها تأثير متتال على الحزب، مما يدفع الديمقراطيين إلى الابتعاد عن الرئيس بايدن وجدول أعماله الطموح.
يشهد الحزب الديمقراطي مرحلة من انعدام الثقة المتبادل بين مجموعة من التقدميين في مجلس النواب والمعتدلين في مجلس الشيوخ.
وبسبب ارتباط اقتصاد فرجينيا كثيرا بالحكومة الفدرالية، فإن حقيقة أن الديمقراطيين كانوا في حالة فوضى منذ أشهر في محاولة لتمرير بعض مشاريع القوانين، أثر ذلك سلبا على أرقام ماكوليف في استطلاعات الرأي.
ويروج ماكوليف لنفسه بأنه سبق أن حكم الولاية بين عامي 2013 و2017 ونجح في إخراجها من فوضى مالية كبيرة، وساهم في خلق أكثر من 200 ألف وظيفة جديدة.
الجمهوريون: فيرجينيا والوعد بالتجديد
بالنسبة للجمهوريين، تمثل فرجينيا الوعد بالتجديد، وفرصة إعادة بناء حزبهم في ولاية متأرجحة إلى حد ما، ودون الحاجة إلى اتخاذ الخيار الصعب المتمثل في احتضان أو رفض السيد ترامب بشكل كامل. ولم يقم يونغكين بالنأي بنفسه تماما عن دونالد ترامب، فقد سار أساسا على حبل ترامب المشدود.
ووجه عددا من النداءات المباشرة إلى أنصار ترامب، وأكد لهم أنه معارض للإجهاض ومناصر للشركة، وفي الوقت نفسه، يحاول كسب انشقاقات الضواحي عن الديمقراطيين بين المستقلين. وربما حتى بين بعض الناس الذين يعتبرون أنفسهم ديمقراطيين معتدلين، من خلال التأكيد على بعض قضايا حرب الثقافة، خاصة فيما يتعلق بمناهج التعليم والتعامل مع المثليين والمختلفين جنسيا.
وإذا فاز يونغكين، فسيتم اعتماد رسالته القائمة على تجاوز قاعدة ترامب الريفية، والاقتراب من سكان الضواحي ذوي التعليم العالي، كنموذج جديد للحزب الجمهوري للفوز بانتخابات الكونغرس القادمة عام 2022.