تحصل في الجسم عمليات ضمور تؤدي إلى تلف في الدماغ، وينعكس هذا في ضعف الاتصالات بين مناطق الدماغ المختلفة، وبالتالي إلى ضعف الذاكرة وتلاش تدريجي للوظائف الإدراكية.
وتشير مجلة Cerebral Cortex إلى أن هناك حالات لاحتفاظ كبار السن بذاكرة واضحة وجيدة كما في مرحلة الشباب، لذلك يطلق عليهم العلماء superagers “الكبار الفائقون”.
وتمكن خبراء مستشفى ماساتشوستس العام، من تحديد العمليات الجارية في الدماغ، التي تزود هؤلاء الأشخاص بذاكرة فائقة.
وكانت مجموعة باحثين برئاسة الدكتورة الكسندرا توروت أوغلو قد جمعت عام 2019 مجموعة من الأشخاص الذين تفوق أعمارهم 65 عامأ، تميزوا بأدائهم المثير للإعجاب في اختبارات الذاكرة. وقد أظهرت نتائج التصوير المقطعي أن بنية وجودة الخلايا العصبية في دماغهم لا تختلف عن مثيلاتها عند الذين تبلغ أعمارهم 25 عاما.
وأجرى الباحثون على هذا الأساس تجربة، تضمنت اخضاع مجموعة من 40 شخصا من “الكبار الفائقين” متوسط أعمارهم 67 عاما، لاختبارات ذاكرة معقدة ووصلهم بجهاز الرنين المغناطيسي الوظيفي، بحيث تسمح هذه الطريقة في تحديد مناطق الدماغ النشطة في كل لحظة. وخضعت مجموعة أخرى تتألف من 41 شخصا متوسط أعمارهم 25 عاما، إلى نفس الاختبار.
وتضمن الاختبار عرض 80 صورة لوجوه أو مشاهد مختلفة، كان يصاحبها صفة معينة. فمثلا إحدى الصور صاحبتها كلمة “صناعي”. وكان على المشتركين في الاختبار تحديد ما إذا كانت الصفة تتوافق مع مضمون الصورة. ويطلق على هذه العملية “الترميز”.
وبعد 10 دقائق، عُرضت على المشاركين 80 صورة مع تسميات توضيحية سبق لهم دراستها، بالإضافة إلى 40 زوجًا من الصور والكلمات الجديدة، بالإضافة إلى 40 زوجًا من الصور والصفات التي كانوا يعرفونها ولكن في مجموعات جديدة.
وكان على المشاركين تذكر أي زوج من الكلمات والصور سبق لهم رؤيتها، وأي منها تغيرت. وقد تابع الباحثون خلال هذا الاختبار ما يجري في منطقة القشرة البصرية، المسؤولة عن معالجة المعلومات البصرية في الدماغ، التي تتأثر كثيرا مع التقدم بالعمر.
وتقول الطبيبة النفسية يوتا كاتسومي، “توجد في القشرة البصرية، مجموعة من الخلايا العصبية تشارك بشكل انتقائي في معالجة فئات مختلفة من الصور، مثل الوجوه أو المباني أو الوسط المحيط. وتسمح هذه الوظيفة الانتقائية لهذه المجموعة بمعالجة ما نراه بشكل أكثر كفاءة وإنشاء ذكريات مميزة من هذه الصور “.
وتضيف، هذه الخلايا العصبية الانتقائية تضعف مع التقدم بالعمر، وتبدأ الخلايا التي كانت تتفاعل مع صور الوجوه مثلا، تتفاعل مع صور المباني وهكذا، ما يؤدي في النهاية إلى ضعف الذاكرة البصرية تدريجيا.
وقد أظهرت نتائج هذا الاختبار أن القشرة البصرية لدى “الكبار الفائقين” تعمل كمثيلتها لدى الشباب. لذلك لا يستبعد الباحثون أن تكون ذاكرتهم في مرحلة الشباب أكثر كمالا . وهذا يعني أنها أيضا ضعفت مع التقدم بالعمر ولكن بدرجة أقل. وهذا ما يجب التحقق منه.