UTV – بغداد

ما يزال العراق في محاولات مستمرة للوقوف على الحافة من دون أن يسقط في هوة الصراع، لا صوت عاليا، لا مواقف حادة، فقط محاولة لتمرير العاصفة بأقل الخسائر.

فوفقا لتحليل مؤسسة أورف الدولية، العراق يتوجه نحو موقف الحياد السياسي عوضا عن الانحياز، وسط احتدام الصراع بين واشنطن وطهران، إذ تتعقد خيوط المشهد العراقي. ضغوط أميركية تتصاعد، وإيران تتراجع تكتيكيا.

في السنوات الأخيرة، بدا أن بغداد تحاول انتهاج سياسة الصمت المحسوب. صراعات كبرى تدور حولها، وهي لا تملك ترف الانحياز، ولهذا لم يكن مستغربا أن يغيب العراق عن المشهد العلني للتوترات المتصاعدة بين إسرائيل وإيران. الرسالة العراقية واضحة: نهج واقعي يرفض أن تتحول أراضي البلاد إلى ساحة مواجهة بالوكالة.

في خلفية المشهد تمارس واشنطن سياسة الخنق البطيء عبر العقوبات، مستهدفة ما يُعرف بـ”أسطول الظل” الإيراني، تلك الشبكة التي تنقل النفط خلسة إلى الأسواق، باستخدام موانئ وأسماء وهمية، وبمشاركة شركات وأشخاص في العراق.

في حزيران أعلنت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات جديدة طالت أكثر من 30 كيانا بحريا وتجاريا، واتهمت بعض الناقلات بنقل النفط الإيراني من الموانئ العراقية بشكل يخفي المنشأ الحقيقي للشحنة.

بالنسبة لواشنطن الأمر لا يتعلق بالنفط فحسب، بل بتمويل شبكات النفوذ الإيرانية في المنطقة، من حزب الله في لبنان إلى جماعات مسلحة في العراق نفسه، لذلك لم يكن مستغربا أن يتقاطع الضغط الاقتصادي بالعقوبات مع رسائل أمنية واضحة على الأرض.

أما بغداد، فتجد نفسها مضطرة للسير على خيط رفيع، فهي من جهة تعتمد على الغاز الإيراني لتوليد الكهرباء، ومن جهة أخرى لا تريد أن تُدرج ضمن شبكات التهريب أو أن يُنظر إليها كغطاء لعمليات إيران غير الشرعية، ومع تعاظم الضغوط الأميركية، تصبح الخيارات أكثر ضيقا.

الصراع الأميركي الإيراني لم ولن يتوقف، لكن شكله يتغير، والأرجح أن العراق، بتكوينه السياسي والطائفي والاقتصادي، سيبقى أحد ملاعبه الأساسية، ولو بشكل غير مباشر، ليبقى البلد في منتصف المشهد، بين الرغبة في الحياد والواقع الأوسطي المعقد.

تقرير: عدنان الدرويش