في لحظة مؤثرة حملت مزيجًا من الحزن والتقدير، كرّمت الفنانة الأمريكية أنجلينا جولي ذكرى عدد من الصحفيين والفنانين الذين فقدوا حياتهم في مناطق الصراع، وعلى رأسهم الصحفية الفلسطينية فاطمة حسونة، التي قُتلت إثر غارة جوية إسرائيلية على منزلها في قطاع غزة في أبريل الماضي.

جاء تكريم جولي خلال كلمة ألقتها في حفل توزيع جوائز Trophée Chopard، الذي نظمته دار شوبارد على هامش مهرجان كان السينمائي الدولي 2025 في دورته الـ78، حيث أكدت أن السينما العالمية تُمثل نافذة إنسانية على واقع الشعوب، وخاصة أولئك الذين يروون قصصهم من قلب الخطر.

وقالت جولي:

“أحب السينما العالمية. من خلالها ننتقل إلى أراضٍ أخرى ونعيش لحظات خاصة، حتى في ساحات المعارك. نتواصل ونتعاطف. ونحن مدينون بالشكر والعرفان لكل من يخاطر بحياته ليشاركنا قصته.”

فاطمة حسونة.. العدسة التي صمتت

فاطمة حسونة، المولودة في غزة عام 1999، كانت واحدة من الأصوات البارزة التي وثّقت الحياة تحت الحصار والعدوان الإسرائيلي من خلال عملها الصحفي. قبل يوم واحد فقط من مقتلها، تم اختيار فيلمها الوثائقي “ضع روحك على يدك وامشِ” للمشاركة ضمن قسم ACID في مهرجان كان.

لكن الفرحة لم تكتمل. ففي 16 أبريل 2025، استُهدِف منزل عائلتها في حي التفاح بغزة بغارة جوية إسرائيلية، أسفرت عن مقتل فاطمة وعشرة من أفراد عائلتها، من بينهم شقيقتها الحامل.

تحقيق أجرته مؤسسة Forensic Architecture البريطانية أشار إلى أن الغارة كانت استهدافًا مباشرًا لشقتها الواقعة في الطابق الثاني، ما يثير تساؤلات حول استهداف الصحفيين في مناطق النزاع.

أنجلينا جولي: “نحن لسنا سُذَّجًا”

في كلمتها، أعربت جولي عن حزنها لرحيل فاطمة وآخرين مثلها، قائلة:

“فقد كثيرون منهم حياتهم، مثل فاطمة حسونة التي قُتلت في غزة، وشادن قردود في السودان، وفيكتوريا إيميليانا في أوكرانيا… كان ينبغي أن يكونوا بيننا هنا اليوم.”

وأكدت أن ما يجمع الفنانين في مهرجان كان ليس السجادة الحمراء فقط، بل الرسالة الإنسانية والفنية التي توحّد المبدعين من مختلف أنحاء العالم.

تكريم لمواهب جديدة.. ورسالة عن الأمل

الحدث شهد أيضًا تكريم الممثلة الفرنسية ماري كولومب والممثل البريطاني فين بينيت، كأصوات واعدة في المشهد السينمائي العالمي. وأشادت جولي بأدائهما الذي وصفته بـ”الصادق والإنساني”، معبّرة عن أملها في أن يحمل الجيل الجديد من الفنانين مسؤولية سرد القصص التي تستحق أن تُروى.

وقالت جولي:

“يشرفني أن أكون بين هذه النخبة من الفنانين العالميين. السينما لا تكتفي بنقل القصص، بل تخلق جسرًا من التعاطف بين البشر. وهذا ما نحتاجه أكثر من أي وقت مضى.”

مهرجان كان 2025.. ظلّ الحرب على شاشات الفن

تُعد كلمة أنجلينا جولي واحدة من أبرز لحظات مهرجان كان لهذا العام، حيث طغت قضايا الحروب والعدالة الإنسانية على أجواء المهرجان، مع دعوات مستمرة من فنانين عالميين لوقف النزاعات المسلحة وضمان حرية التعبير وسلامة الصحفيين.

وكان أكثر من 350 فنانًا عالميًا قد وجهوا رسالة مفتوحة إلى إدارة المهرجان، أدانوا فيها مقتل فاطمة حسونة، وطالبوا بتكريم الصحفيين الذين يخاطرون بحياتهم لنقل الحقيقة.