انتهى اجتماع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب على نحو كارثي أمس الجمعة بعد مشادة لفظية غير عادية بين الزعيمين أمام وسائل الإعلام العالمية في البيت الأبيض بشأن الحرب على روسيا.

كانت زيارة زيلينسكي لواشنطن تستهدف إقناع الولايات المتحدة بعدم الوقوف إلى جانب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي أمر بغزو أوكرانيا قبل ثلاث سنوات.

وبدلا من ذلك، اختلف الزعيم الأوكراني بشدة مع ترامب ونائبه جيه.دي فانس بشأن الصراع، وقال ترامب وفانس إن زيلينسكي أبدى عدم احترام في التعامل مع الولايات المتحدة، مما أدى إلى تدهور العلاقات مع أهم حليف لكييف في زمن الحرب إلى مستوى جديد. وقال مسؤول أمريكي إنه طُلب من زيلينسكي مغادرة البيت الأبيض.

ونتيجة لذلك لم يتم التوقيع على اتفاقية بين أوكرانيا والولايات المتحدة بشأن التنمية المشتركة للموارد الطبيعية الغنية في أوكرانيا، والتي كانت كييف وحلفاؤها الأوروبيون يأملون أن تؤدي إلى علاقات أفضل.

وسارع زعماء أوروبيون إلى الدفاع عن زيلينسكي. وقال فريدرش ميرتس، المرشح لمنصب المستشار الألماني “لا ينبغي لنا أبدا الخلط بين المعتدي والضحية في هذه الحرب الرهيبة”.

وقال مسؤول في الوفد الأوكراني في واشنطن لرويترز إن زيلينسكي تحدث هاتفيا مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا.

ومن المقرر أن تستضيف بريطانيا اجتماعا لزعماء أوروبا وزيلينسكي غدا الأحد لمناقشة الدعم الأمني لأي اتفاق سلام بين موسكو وكييف.

ومال ترامب نحو روسيا منذ توليه منصبه كرئيس، مما أثار صدمة الحلفاء التقليديين في أوروبا وخارجها وترك أوكرانيا معرضة للخطر بشكل متزايد. وكان اشتباك أمس الجمعة هو العرض الأكثر علنية لهذا التحول.

وشدد فانس على الحاجة إلى الدبلوماسية لحل أكبر صراع في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، في حين رد زيلينسكي قائلا إن بوتين لا يمكن الوثوق به في أي مفاوضات.

وسارع ترامب إلى منصته تروث سوشيال لاتهام زيلينسكي بعدم احترام الولايات المتحدة.

وكتب ترامب “أرى أن الرئيس زيلينسكي ليس مستعدا للسلام إذا ما شاركت أمريكا… يمكنه العودة عندما يكون مستعدا للسلام”.

وفي وقت لاحق قال ترامب للصحفيين، أثناء مغادرة البيت الأبيض في الطريق إلى منزله في فلوريدا لقضاء عطلة نهاية الأسبوع، إن زيلينسكي عليه أن يدرك أنه يخسر الحرب.

ويقوض الصدام أيضا أحدث الجهود التي بذلها الزعماء الأوروبيون لإقناع ترامب بتقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا حتى لو رفض نشر جنود أمريكيين على الأراضي الأوكرانية.

وتعد مثل هذه الضمانات ضرورية لردع روسيا عن أي عدوان مستقبلي.

وقال ترامب لزيلينسكي في جدال محتدم أمام الصحفيين في المكتب البيضاوي “الناس يموتون… أنت تعاني من نقص في الجنود”.

وهدد ترامب بسحب الدعم الأمريكي من أوكرانيا.

وقال ترامب لزيلينسكي “إما أن تتوصل إلى اتفاق، أو نخرج، وإذا خرجنا، فستظل تحارب. لا أعتقد أن الأمر سيكون لطيفا”.

وأضاف “ليست لديك أي أوراق. بمجرد توقيعنا على هذا الاتفاق، ستكونون في وضع أفضل بكثير. لكنك لا تبدي أي امتنان، وهذا ليس بالأمر الجيد. سأكون صريحا. هذا ليس بالأمر الجيد على الإطلاق”.

وجادل زيلينسكي ترامب صراحة بشأن نهجه الأكثر ليونة تجاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وحثه على “عدم تقديم تنازلات لقاتل”.

وأكد ترامب أن بوتين يريد إبرام اتفاق.

وقال ترامب لزيلينسكي “أنت تقامر بإشعال الحرب العالمية الثالثة”، وحثه على أن يكون أكثر امتنانا.

وقاطع فانس نائب ترامب حديث زيلينسكي قائلا إن قدومه إلى البيت الأبيض للجدال ينم عن عدم احترام منه، وهو ما اتفق معه ترامب.

وقال فانس “لم تقل شكرا”، ورد زيلينسكي، رافعا صوته “لقد قلت شكرا مرات عديدة للشعب الأمريكي”.

وفي مقابلة في وقت لاحق مع قناة فوكس نيوز، قال زيلينسكي إن من الممكن انقاذ علاقته مع ترامب بعد اشتباك أمس الجمعة. وأضاف “بالطبع… أشعر بالأسف لما حدث”.

ونشر قائد القوات المسلحة الأوكرانية، أوليكساندر سيرسكي، بيانا على تيليجرام أكد فيه أن قواته تقف إلى جانب زيلينسكي وأن قوة أوكرانيا تكمن في وحدتها.

وأبدى الأوكرانيون القلقون الذين كانوا يتابعون اللقاء من بعيد تأييدهم لزعيمهم إلى حد كبير، لكنهم أبدوا قلقهم إزاء احتمالات استمرار تدفق المساعدات العسكرية الأمريكية التي تعتمد عليها البلاد.

وفي الكونجرس، كانت ردود أفعال الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه ترامب مختلطة، في حين انتقد الديمقراطيون طريقة تعامله مع الاجتماع.

وقال ترامب “آمل أن يتذكرني الناس كصانع سلام”.

وفي وقت سابق، قال ترامب لزيلينسكي إن جنوده كانوا شجعانا بشكل لا يصدق وأن الولايات المتحدة تريد أن ترى نهاية للقتال وأن يتم استخدام الأموال “بشكل مختلف مثل إعادة البناء”.

وخلال الأسابيع الماضية انتقد ترامب طريقة تعامل الرئيس الأوكراني مع الحرب، ووصفه بأنه “دكتاتور” وحثه على الموافقة على اتفاق المعادن.

وبدا الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف مستمتعا بالمشهد، إذ كتب على تيليجرام أن الزعيم الأوكراني تلقى “توبيخا قاسيا”.

 

خروج مبكر

بعد المحادثات، وجه ترامب اثنين من كبار مساعديه لإخبار زيلينسكي أنه حان وقت المغادرة، حتى في الوقت الذي كان الحاضرون يستعدون لتقديم الغداء للوفود، وفقا لمسؤول في البيت الأبيض.

وأضاف المسؤول أن الأوامر صدرت للأوكرانيين بالمغادرة رغم رغبتهم في مواصلة المحادثات.

ويواجه زيلينسكي، الذي حصل على أسلحة أمريكية بمليارات الدولارات والدعم المعنوي من إدارة بايدن، موقفا مختلفا تماما مع ترامب الذي يريد إنهاء الحرب المستعرة منذ ثلاث سنوات سريعا وتحسين العلاقات مع روسيا واستعادة الأموال التي أنفقتها واشنطن لدعم أوكرانيا.

وقال ترامب “آمل أن يتذكرني الناس كصانع سلام”.

توسعت أوكرانيا بسرعة في إنتاج صناعاتها الدفاعية، لكنها لا تزال تعتمد بشكل كبير على المساعدات العسكرية الأجنبية.

وفي حين صدت أوكرانيا الغزو الروسي من ضواحي كييف واستعادت مساحات واسعة من الأراضي في عام 2022، لا تزال روسيا تسيطر على حوالي خمس مساحة أوكرانيا وتسيطر ببطء على الأرض منذ الهجوم المضاد الأوكراني الفاشل في عام 2023.

وتسيطر القوات الأوكرانية على جزء من الأرض في منطقة كورسك الغربية في روسيا بعد توغل في عام 2024.