أصدر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أوامر للجيش اليوم الخميس بإعداد خطة تسمح “بالخروج الطوعي” لسكان غزة من القطاع، وذلك بعد أن أثار إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطط للسيطرة على القطاع إدانات واسعة النطاق.

وأشاد كاتس بإعلان ترامب أن الولايات المتحدة تخطط للسيطرة على غزة وإعادة توطين السكان الذين يزيد عددهم على مليوني فلسطيني في أماكن أخرى وتحويل القطاع إلى “ريفييرا الشرق الأوسط”.

وكتب كاتس على منصة إكس “أرحب بخطة الرئيس ترامب الجريئة.. يجب السماح لسكان غزة بحرية المغادرة والهجرة، كما هو الحال في جميع أنحاء العالم”.

وقال كاتس إن خطته ستتضمن خيارات للخروج عبر المعابر البرية، فضلا عن ترتيبات خاصة للمغادرة بحرا وجوا.

واتهم باسم نعيم القيادي في حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) كاتس بمحاولة التغطية على “دولة فشلت في تحقيق أي من أهدافها في الحرب على غزة”، مضيفا أن الفلسطينيين متمسكون بأرضهم.

وقال “مشاهد شعبنا وهو يقف لأيام في البرد الشديد على شارع الرشيد ينتظر بفارغ الصبر العودة إلى دياره التي أجبرته إسرائيل بالقوة والموت على مغادرتها، خير دليل على تمسك شعبنا بأرضه بكامل وعيه وحريته وبدون إجبار من أحد”.

وتهجير الفلسطينيين واحدة من أكثر القضايا حساسية في الشرق الأوسط. وتحظر اتفاقية جنيف لعام 1949 النقل القسري أو ترحيل الأشخاص من الأراضي المحتلة.

وأجبرت الحملة العسكرية الإسرائيلية، التي تقول سلطات الصحة في غزة إنها أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف على مدى أكثر من 15 شهرا، الفلسطينيين على النزوح بشكل متكرر داخل القطاع بحثا عن مكان آمن.

لكن الكثيرين يقولون إنهم لن يغادروا غزة أبدا لأنهم يخشون التهجير الدائم، ويعتبرون ذلك “نكبة” أخرى تماثل ما حدث عندما تم طرد مئات الآلاف من ديارهم في حرب عام 1948 عند إعلان قيام دولة إسرائيل.

وتم تهجير الكثير من الفلسطينين أو فروا إلى غزة والضفة الغربية وإلى دول عربية مجاورة من بينها الأردن وسوريا ولبنان، حيث لا يزال أحفادهم يعيشون في مخيمات للاجئين. وتشكك إسرائيل في أنهم أُجبروا على الرحيل.

وقال كاتس إن مهمة استقبال الفلسطينيين يجب أن تقع على عاتق الدول التي عارضت العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة.

وأضاف “دول مثل إسبانيا وأيرلندا والنرويج وغيرها من الدول التي وجهت اتهامات ومزاعم كاذبة ضد إسرائيل بسبب إجراءاتها في غزة ملزمة قانونا بالسماح لأي مقيم في غزة بدخول أراضيها”.

وقال كاتس “سينكشف نفاقهم (تلك الدول) إذا رفضوا ذلك. هناك دول مثل كندا، التي لديها برنامج هجرة منظم، عبرت سابقا عن استعدادها لاستقبال سكان من غزة”.

وسرعان ما أثارت تعليقات كاتس انتقادات من إسبانيا، وقال وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس اليوم الخميس “أرض سكان غزة هي غزة.. ويجب أن تكون غزة جزءا من الدولة الفلسطينية في المستقبل”.

واتهم كاتس حماس باحتجاز الفلسطينيين في غزة ومنعهم من الخروج واستغلالهم للحصول على “أموال من نظام المساعدات الإنسانية. دون الإدلاء بتفاصيل.

وجاء مقترح ترامب المفاجئ، والذي أثار الغضب في أنحاء الشرق الأوسط، في الوقت الذي من المتوقع أن تبدأ فيه إسرائيل وحركة حماس محادثات حول الجولة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار الهش لإنهاء حرب استمرت لأكثر من 15 شهرا في غزة.

* تنديد دولي

تعرض ترامب لانتقادات شديدة أمس الأربعاء بسبب خطته بشأن غزة من القوى العالمية روسيا والصين وألمانيا التي قالت إنها ستؤدي إلى “معاناة جديدة وكراهية جديدة”.

وتعارض مصر ودول عربية أخرى بشدة أي محاولة لدفع الفلسطينيين إلى عبور الحدود. وتخشى هذه الدول أن تؤدي أي حركة جماعية إلى تقويض احتمالات تحقيق “حل الدولتين”، الذي يتمثل في إعلان دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، وترك الدول العربية تتعامل مع التداعيات.

ورفضت السعودية ذات الثقل في منطقة الشرق الأوسط الاقتراح بشكل قاطع، وقال العاهل الأردني الملك عبد الله أمس إنه يرفض أي محاولات لضم الأراضي وتهجير الفلسطينيين. وسيلتقي الملك عبد الله مع ترامب في البيت الأبيض الأسبوع المقبل.

وقالت وزارة الخارجية الإيرانية في منشور على منصة إكس إن خطة ترامب “تعد استمرارا لخطة النظام الصهيوني (إسرائيل) للقضاء على الشعب الفلسطيني بالكامل”.

لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال أمس الأربعاء إن اقتراح ترامب “رائع” وحث على دراسته، حتى وإن لم يحدد ما يعتقد أن ترامب يطرحه.

وقال نتنياهو إنه لا يعتقد أن ترامب يلمح إلى إرسال قوات أمريكية لمحاربة حماس في غزة، أو أن واشنطن ستمول جهود إعادة إعمار القطاع.

وقال نتنياهو “هذه أول فكرة جيدة أسمعها… إنها فكرة رائعة، وأعتقد أنه ينبغي متابعتها وفحصها ومتابعتها وتنفيذها، لأنني أعتقد أنها ستخلق مستقبلا مختلفا للجميع”.

ووصفت حماس، التي تدير غزة من قبل الحرب، تصريحات ترامب بشأن الاستيلاء على القطاع بأنها “سخيفة وعبثية”.

ومنذ 25 يناير كانون الثاني اقترح ترامب مرارا أن تستقبل دول عربية في المنطقة مثل مصر والأردن الفلسطينيين من غزة، وهي فكرة رفضتها الدول العربية والمسؤولون الفلسطينيون. ولم يقدم ترامب أي تفاصيل محددة عن اقتراحه للسيطرة على غزة.

ودافع كبار مساعدي ترامب عن اقتراحه، لكنهم تراجعوا عن بعض ما جاء في المقترح في مواجهة تنديد دولي.

ونددت منظمات حقوقية باقتراح ترامب لسيطرة الولايات المتحدة على غزة وإعادة توطين سكان القطاع بشكل دائم في أماكن أخرى، ووصفته بأنه تطهير عرقي.

وتقول وزارة الصحة في غزة إن الهجوم العسكري الذي شنته إسرائيل حليفة الولايات المتحدة على القطاع، والذي توقف الآن نتيجة اتفاق وقف إطلاق النار الهش، أسفر عن مقتل أكثر من 47 ألف فلسطيني منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023.

وأثار الهجوم اتهامات بالإبادة الجماعية وجرائم حرب تنفيها إسرائيل، كما تسبب في نزوح متكرر لجميع سكان غزة تقريبا وفي أزمة جوع.

واندلعت الحرب بعد أن شن مسلحون فلسطينيون بقيادة حماس هجوما على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023 تقول إحصاءات إسرائيل إنه أسفر عن مقتل 1200 شخص.