أثار ما نقل مؤخرا عن فريق الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب أن إدارته قد تعلن انسحاب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية في يوم تنصيبه بحلول 20 يناير/كانون الثاني المقبل الكثير من التساؤلات والمخاوف بشأن تداعيات مثل هذا القرار -إن تم اتخاذه- في الحد من قدرات المنظمة ومصادر تمويلها، في خضم أزمات صحية لا حصر لها يعيشها العالم.
وكانت المنظمة أقرت ميزانية لعامي 2024 و2025 قدرها 6834.2 مليون دولار لتمويل أولوياتها الإستراتيجية، وغيرها من المشاريع الأخرى ذات الصلة.
لكن ما يثار حاليا بشأن عزم إدارة ترامب الجديدة الانسحاب من منظمة الصحة العالمية -الذي قيل إن فريق الرئيس الأميركي المنتخب يدفع إليه- لم يتم الإعلان عنه رسميا، كما لم تعلق المنظمة على هذه التسريبات حتى الآن.
ولا شك أن انسحاب الولايات المتحدة من المنظمة بحلول 20 يناير/كانون الثاني المقبل -إن تم- يعد خسارة كبيرة لمنظمة الصحة العالمية باعتبار أن واشنطن من الدول الأكثر تمويلا لها، الأمر الذي قد يحد من قدرة المنظمة على تصديها للتحديات والأزمات والاستجابة للجوائح الصحية العديدة التي تواجه عالم اليوم، مثل الأوبئة والمتحورات الجديدة لجائحة كورونا، ومسائل أخرى تتعلق باللقاحات والطوارئ الصحية، وظهور فيروسات جديدة تم اكتشافها بفضل التقدم العلمي والتكنولوجي، وذلك إن لم تجد المنظمة وسائل أخرى لسد هذا العجز.
ويرى خبراء وعلماء مختصون أنه في حال انسحاب إدارة الرئيس الأميركي المنتخب من المنظمة فإنها قد تخسر نحو ربع تمويلها، خاصة أنها تعتمد في ميزانيتها على مصدرين هما الرسوم المستحقة من الدول الأعضاء والمساهمات الطوعية من هذه الدول ومن المنظمات الخيرية والحكومية الدولية والقطاع الخاص.
وعزا الرئيس المنتخب قراره الأول بالانسحاب من المنظمة في مطلع يوليو/تموز 2021 إلى أن المنظمة “رفضت تنفيذ الإصلاحات المطلوبة”، متهما إياها بالتستر على مدى انتشار وباء فيروس كورونا لصالح الصين وبسوء إدارة الأزمة حينها.
لكن عملية انسحاب الولايات المتحدة من المنظمة لم تكتمل آنذاك، إذ كان من المفترض أن يدخل القرار حيز التنفيذ بعد عام واحد، وتحديدا في 6 يوليو/تموز 2021.
ويعود عدم تنفيذ وإكمال الإجراء إلى أن الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن قد وقّع أمرا تنفيذيا في اليوم الأول من رئاسته في يناير/كانون الثاني 2021 بالتراجع عن إخطار الانسحاب، والاحتفاظ بعضوية بلاده في منظمة الصحة العالمية، والوفاء بالتزاماتها المالية تجاهها، والتعاون المشترك لدحر جائحة “كوفيد-19” آنذاك.
وتشير المصادر العالمية والخبراء المختصون إلى أنه إذا كانت دواعي القرار الأميركي الأول بالانسحاب من منظمة الصحة العالمية تعود إلى أن تعامل المنظمة مع جائحة كورونا لم يرق إلى المستوى المطلوب أو بالأحرى لم يكن مثاليا فإنهم يرون أن معالجات المنظمة للأزمة كانت أكثر من جيدة، مما يكفي لتوفير قدر كبير من الإنذار المبكر فيما يرتبط بالوباء ومخاطره والحد من تفشيه.