على إمتداد 90 دقيقة يجسد العرض المسرحي الفلسطيني (العاشق) مشوار الشاعر الراحل محمود درويش عبر رحلة فنية ووجدانية مستمدة من الذاكرة وسرد إبداعي غنائي كوريغرافي متفرد.

وشارك العرض لمخرجه نبيل عازر ضمن المسابقة الرسمية للدورة الخامسة والعشرين من أيام قرطاج المسرحية التي أُسدل الستار عليها أمس السبت.

العرض بطولة حسن طه وعلاء شرش وديما عازر ولبيب بدارنه ووليانا قسيس وإياد شيتي وحلا سالم وماريا سمعان، ويستحضر شذرات من قصائد درويش وأشعاره عبر الغناء والتمثيل لتروي المراحل المختلفة التي مر بها الشاعر سواء في حياته الشخصية أو السياسية.

وقال المخرج نبيل عازر لرويترز إن “العرض غنائي شامل، إضافة إلى الديكور والإضاءة والموسيقى، مما تطلب جهدا مضاعفا من الممثل على المسرح”.

وأوضح أن التعامل مع قصة أو حياة الشاعر محمود درويش يتطلب معرفة بالشاعر والبيئة والرسائل التي يحملها، لافتا إلى أن العمل لم يقتصر على استعراض الأحداث كما هي.

وقال إن العرض استحضر جزءا من قصائده وأشعاره عبر الغناء والتمثيل لتروي المراحل المختلفة التي مر بها الشاعر سواء في حياته الشخصية أو السياسية.

وأعادت المسرحية رسم صورة درويش في محطات حياته الكبرى بداية من قرية البروة الفلسطينية مرورا بمخيمات اللجوء في لبنان ثم بيروت وباريس وصولا إلى رام الله في الأراضي الفلسطينية.

وقال إياد شيتي مدير مسرح المجد في حيفا لرويترز إن عرض (العاشق) للشاعر محمود درويش تجاوز كونه سيرة ذاتية لشاعر “فهو يعبر عن قضية شعب بأكمله”.

وأضاف “قضايانا وقصصنا تتشابه في كل فلسطين” حيث ترجمت هذه الرحلة كذلك ما يعيشه الفلسطينيون اليوم من قضايا اغتراب وتشتت في وطنهم الأم.

واعتبر شيتي أن قصائد درويش تحمل في طياتها الكثير من الرسائل الإنسانية التي يجب أن تصل إلى الشعوب، وهذا دور الفنان الأساسي.

انطلق العرض المسرحي بالصمت الذي تحول بعدها إلى قصيدة شعرية تجسد الألم والتشتت الفلسطيني، لينتقل فيما بعد إلى مسار فيه أهم المحطات التي تشكل المحور الرئيسي في حياة الشاعر درويش، وتكون البداية بالهجرة التي يرافقها حلم العودة من خلال تجسيد مشهد الحلم الفلسطيني بالعودة إلى الأرض والهوية بالرغم من الاحتلال.

وتنقلت الرحلة من قرية البروة حيث ولد درويش في مطلع الأربعينيات من القرن الماضي، مجسدة مظاهر الحياة النابضة بالحب آنذاك قبل عام 1948.

ومن البروة إلى حيفا ثم بيروت إذ برزت أشعار درويش وقصائده بقوة، قبل أن يغادر إلى باريس في الثمانينات ليعود إلى رام الله في التسعينيات حيث تنتهي الحكاية، ولكن ليس بدون أن يطرح درويش السؤال الأزلي: “من أنا لأقول لكم ما أقول لكم؟”.

ويعتبر إياد شيتي أن (العاشق) بقدر ما هو ترجمة مباشرة لحياة محمود درويش وأفكاره، فإنها أيضا تجسيد لمشاعر الفقدان والأمل والتضحية والصراع والذكرى والموت لكل مواطن فلسطيني عرف الاغتراب في الخارج أو داخل الأراضي المحتلة.

وأضاف “هذه المسرحية الغنائية تحاكي واقع المواطن الفلسطيني عموما، وهو الذي خلد قضيته وهمومه بشتى أشكال النضال من الشعر والفنون إلى التشبث بالأرض وصولا إلى حمل البندقية على أمل حلم العودة الذي لا يزال حيا في قلب كل فلسطيني”.

واختار المخرج إنهاء العرض على وقع قصيدة “على هذه الأرض ما يستحق الحياة” ليصرخ عاليا تعبيرا عن معاني إصرار الإنسان على الحياة والتأكيد على أن هناك دائما ما يستحق العيش من أجله حتى في أحلك الظروف والتشبث بالأمل في المستقبل والأرض التي تنبض بالحياة رغم كل ما يحدث.