كشف خبراء في علم الوراثة البشرية وأبحاث الربو في مستشفى سينسيناتي للأطفال عن أمور مهمة تحدث داخل الخلية للحفاظ على الحاجز الذي يشكله الجلد لحمايتنا. وقد تؤدي هذه النتائج البعيدة المدى في النهاية إلى بيان طرق جديدة للوقاية من الأمراض الجلدية الالتهابية وعلاجها مثل الإكزيما والصدفية.
يعدّ الجلد أكبر عضو في الجسم، ويوفر خط الدفاع الأول أمام العدوى والعديد من التهديدات الأخرى لصحتنا. وقد أظهرت عقود من البحث أن مجموعة واسعة من الأمراض يمكن أن تحدث، أو تصبح أسوأ، عندما يفشل الجلد في تشكيل حاجز فعال.
نُشرت الدراسة في 6 آب 2024 في مجلة سيل ريبورتس، وقاد فريق الباحثين المؤلف من 22 باحثا الدكتور ستانلي ديفور المتخصص في علم الوراثة البشرية وأبحاث الربو في مستشفى سينسيناتي للأطفال.
يعمل الجلد البشري على دعم التوازن الداخلي عن طريق منع فقدان الماء من الجسم وكذلك منع نفاذ المواد من خارج الجسم إلى داخله. تعمل الطبقة الجلدية العليا (الطبقة القرنية) على تشكيل حاجز فيزيائي يفصل الجسم عن محيطه، وتتكون بُنية هذه الطبقة من مادة دهنية تقع بين الخلايا الميتة والصلبة.
يقول ديفور “اكتشف بحثنا مسارا خلويا غير معروف سابقا يتضمن بروتين اسمه كارد 14، وعندما يعمل هذا البروتين بشكل صحيح يحافظ على صحة حاجز الجلد، ولكن عندما لا يعمل بشكل صحيح فإنه يعزز تطور أمراض الجلد. وقد وجدنا أن كارد 14 يرتبط مباشرة وينظم بروتينا آخر يشارك في التحكم في نمو الخلايا ويمكن أن يسهم في السرطان عندما يحدث خلل وظيفي في بروتين يسمى إم واي سي”.
وأضاف الدكتور ديفور –وفقا لموقع يوريك أليرت– “تُظهر دراستنا أن التفاعل الصحيح بين هذين البروتينين مهم للحفاظ على حاجز الجلد وحمايته من الإكزيما والصدفية. ونظرا لارتباط البروتين إم واي سي بالسرطان، تشير نتائجنا أيضا إلى أن الخلل في إشارات هذا المسار قد يسهم في أنواع معينة من السرطان في جميع أنحاء الجسم”.
يعرّف المسار بوجه عام على أنه سلسلة من الأحداث داخل الخلية، والمسار الخلوي هو سلسلة من الإجراءات بين الجزيئات في الخلية التي تؤدي إلى منتج معين أو تغيير في الخلية. هذه المسارات ضرورية لبقاء الخلية ووظيفتها والتواصل مع الخلايا الأخرى، وغالبا ما تنطوي المسارات الخلوية على سلسلة من التفاعلات الكيميائية الحيوية، تسهّلها الإنزيمات والبروتينات الأخرى، ويمكن تشغيل هذه المسارات بواسطة إشارات خارجية (مثل الهرمونات أو العناصر الغذائية أو المحفزات البيئية) أو إشارات داخلية (مثل تلف الحمض النووي).
يوفر جين “كارد 14” تعليمات لصنع بروتين يعمل على تنشيط مجموعة من البروتينات المتفاعلة المعروفة باسم العامل النووي “كابا-بي” (NF-κB). ينظم تجمع بروتينات العامل النووي “كابا-بي” نشاط جينات متعددة، ومنها الجينات التي تتحكم في الاستجابات المناعية للجسم وردود الفعل الالتهابية.
الالتهاب هو استجابة طبيعية للجهاز المناعي للإصابة والغزاة الأجانب (مثل البكتيريا). ويحمي مجمع بروتينات العامل النووي “كابا-بي” أيضا الخلايا من إشارات معينة من شأنها أن تتسبب في تدميرها ذاتيا (الخضوع للموت الخلوي المبرمج).
يقول المؤلفون المشاركون في الدراسة إن “كارد 14” ينظم وظيفة حاجز الجلد من خلال آليتين هما: تحفيز العامل النووي “كابا-بي” لإنشاء حاجز مضاد للميكروبات وتحفيز “إم واي سي” للمساعدة في بناء حاجز مادي.
ركزت الأبحاث السابقة على مسار إشارات “كارد 14 -العامل النووي كابا-بي” الذي يُعتقد أنه يعزز الأمراض الصدفية عند ارتفاعه والإكزيما عند انخفاضه. وتؤثر هذه الأمراض الجلدية الالتهابية على ملايين الأشخاص.
ومع ذلك، يقول هيرشي، الذي يدير قسم أبحاث الربو في مستشفى سينسيناتي للأطفال، “هذا النموذج لا يفسر تماما التباين في الأمراض التي يسببها كارد 14، وهذا المسار الجديد لإشارات كارد14- إم واي سي يقوي الرابط بين كارد 14 وصحة حاجز الجلد. إشاراته تنظم وظيفة إم واي سي في النوع الأكثر شيوعا من خلايا الجلد”.
وتستكشف الدراسة كيف يمكن أن تعزز الطفرات المختلفة في “كارد 14” أمراض الجلد المختلفة، ومن ذلك التهاب الإكزيما والصدفية. والأهم من ذلك، تُشير الدراسة إلى أن تغيرات في إشارات “كارد 14- إم واي سي” يمكن أن تؤثر على وظيفة الحاجز والأمراض التحسسية في أنسجة أخرى، وذلك يسهم في حدوث الربو عن طريق التأثير على بطانة الأنسجة، وقد يسهم هذا المسار الجديد أيضا في بعض أنواع السرطان.
يقول ديفور “إن البحث جار لتحديد عوامل جزيئية صغيرة يمكنها التأثير بأمان على مسار كارد 14 -إم واي سي. وفي الواقع، تم تضمين بعض جوانب الدراسة في طلب براءة اختراع حديث”.
ويضيف “هدفنا النهائي هو تطوير علاجات جديدة، نحن نجري أيضا دراسات تهدف إلى تحديد السرطانات التي قد تتأثر بإشارات كارد 14 –إم واي سي”.
ويخطط المؤلفون المشاركون لمشاركة نتائجهم في مؤتمر مشترك للجمعية الأميركية للحساسية والربو والمناعة ومنظمة الحساسية العالمية، الذي سيعقد في الفترة من 28 فبراير/شباط إلى 3 مارس/آذار 2025 في سان دييغو.