يعتقد العلماء أن تغير المناخ سيتسبب قريباً في زيادة حالات الإصابة بعدوى الأميبا “نيجلرية دجاجية” Naegleria fowleri، وهو مرض “يأكل الدماغ”، وفق موقع Live Science.

تهديدات مميتة للسباحين

يبدو أن صيف العام الحالي سيكون من بين أشد المواسم حرارة منذ عام 2000 شدة. ومع وصول الصيف إلى ذروته، من المرجح أن تمتلئ البحيرات والمسابح العذبة في الأنحاء كافة بالأشخاص الذين يحاولون تبريد أنفسهم.

لكن مع ارتفاع درجات حرارة هذه البيئات ذات المياه العذبة، يمكن للكائنات الحية التي تعيش فيها أن تتحول، مما يشكل تهديدات ضارة أو حتى مميتة للسباحين.

المياه العذبة وماء الصنبور

تعد “نيجلرية دجاجية” أحد هذه التهديدات، التي يبدو أنها مهيأة لبدء إصابة المزيد من البشر. هي عبارة عن كائن وحيد الخلية يزدهر في درجات الحرارة الدافئة، ويعيش في التربة والمياه العذبة، ويفترس البكتيريا، مثل العديد من الأنواع الأخرى من نوعه.

كما يمكن أن تختبئ الأميبا في البحيرات والأنهار والينابيع الساخنة ومياه الآبار ومياه الصنبور وحمامات السباحة التي لا يتم صيانتها بشكل جيد، من بين مصادر المياه الأخرى.

(تعبيرية من آيستوك)
(تعبيرية من آيستوك)

تدمير خلايا المخ

الأمر المروع بشأن هذا الكائن الصغير هو أنه يمكن أن يدخل المخ عبر الأعصاب الموجودة في الأنف ثم يدمر خلايا المخ.

وقد تؤدي هذه العدوى النادرة إلى حالة مميتة تسمى التهاب السحايا والدماغ الأميبي الأولي PAM، ولهذا السبب تُعرف عموماً باسم “الأميبا التي تأكل المخ”.

تشخيص خاطئ

تعد عدوى الأميبا “نيجلرية فاولري”، التي تؤدي إلى التهاب السحايا والدماغ الأميبي الأولي، نادرة نسبياً، حيث يبلغ متوسطها من صفر إلى 8 حالات مؤكدة مختبرياً سنوياً.

وعلى الرغم من أن جميع حالات التهاب السحايا والدماغ الأميبي الأولي ناجمة عن عدوى “نيجلرية فاولري”، إلا أن هذا الاضطراب المميت يمكن تشخيصه خطأ في بعض الأحيان على أنه عدوى أخرى أكثر شيوعاً في الجهاز العصبي، مثل التهاب السحايا البكتيري والتهاب الدماغ الفيروسي.

كما يمكن أن يعني مثل هذا التشخيص الخاطئ أن بعض حالات التهاب السحايا والدماغ الأميبي الأولي PAM قد يتم تجاهلها.

(تعبيرية من آيستوك)
(تعبيرية من آيستوك)

وفاة بعد 18 يوماً

تبدأ أعراض PAM عادة بعد يوم إلى 12 يوماً من تعرض الشخص للأميبا، فيما يموت المرضى في غضون يوم إلى 18 يوماً من بدء الأعراض. كما أن اختبار الإصابة بـ”نيجلرية فاولري” عملية بطيئة، مما يزيد من تعقيد التشخيص، ولا توجد أدوية محددة لقتل الأميبا.

تاريخياً، تركزت حالات الإصابة بـN. fowleri التي تم تشخيصها في المناطق الأكثر دفئاً. وفي السنوات الأخيرة، تم اكتشاف الأميبا – بل وتسببت في حدوث عدوى في بقاع ذات مناخ معتدل بسبب تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة، مما ينذر بانتشار غير مسبوق وظهور حالات إصابة أكثر شيوعاً.

تأثير التغيرات في البيئة

نشرت ليغا ستال، عضو هيئة التدريس في جامعة ألاباما، مؤخراً عملاً لتحديد كيفية تأثير التغيرات في البيئة على نمو مجموعات الأميبا “نيجلرية فاولري”.

واكتشفت ستال أن “نيجلرية فاولري” يمكنها تحمل تغيرات درجات الحرارة المرتفعة التي لا تستطيع الكائنات الحية الدقيقة الأخرى المنقولة بالمياه تحملها. وتعني هذه المرونة أن الأميبا يمكن أن تعيش لفترة أطول من منافسيها وبالتالي تزيد من قدرتها على الوصول إلى الموارد.

كما أضافت ستال أنه يمكن للأميبا البقاء على قيد الحياة في مجموعة من درجات الحرارة ومستويات الحموضة. كذلك قد تنمو في درجات حرارة تصل إلى 46 درجة مئوية لكن من المعروف أيضاً أنها تتكاثر في درجات حرارة منخفضة تصل إلى 26 درجة مئوية.

العواصف والمواد العضوية

لا يعتبر ارتفاع درجات الحرارة هو العامل الوحيد، الذي يمكن أن يحفز انتشار “نيجلرية فاولري”. إذ قد تتسبب العواصف الأقوى والأكثر تواتراً بسبب تغير المناخ بحدوث تغييرات محلية في مستويات المياه وزيادة كمية المواد العضوية التي تنتهي في الماء من الجريان السطحي.

فيما يمكن أن يوفر هذا الجريان السطحي العناصر الغذائية للكائنات الحية في الماء، بما يشمل أميبا “نيجلرية فاولري” آكلة الدماغ. ويمكن للعواصف أن تنشر المزيد من الأميبا المميتة من الأرض إلى الماء كما يمكن أن تغير مستويات الكائنات الحية الدقيقة المائية الأخرى.

مصادر المياه العذبة

تزامنت التغييرات الهائلة في مصادر المياه العذبة مع زيادة في اكتشاف مناطق جديدة.

ومن المفارقات، أنه لم يكن هناك حتى الآن ارتفاع كبير في حالات إصابة الأميبا آكلة الدماغ المؤكدة.

زيادة وعي الأطباء والعامة

قال تشارلز جيربا، أستاذ علم الأحياء الدقيقة والصحة العامة في جامعة أريزونا، إن “الأدلة تدعم فكرة أن حالات PAM يمكن أن تكون أقل من الإبلاغ عنها بسبب نقص الخبرة بين الطاقم الطبي حول الحالة النادرة للغاية، فضلاً عن حقيقة أن عمليات تشريح الجثث لا تُجرى دائماً على المرضى المتوفين”.

كما دعا إلى حث الأطباء على أن يصبحوا أكثر وعياً بالعلامات وإبلاغ المزيد من العامة عن هذه الأميبا آكلة الدماغ.