في حالة جلطات الأوردة العميقة، تتكون جلطة دموية في وريد عميق، عادة في الساقين. يمكن أن تسبب جلطات الأوردة العميقة أضرارًا عن طريق الحد من تدفق الدم إلى موقع الجلطة وزيادة الضغط في الأوردة. ينشأ خطر أكبر إذا انفصل بعض أو كل تلك الجلطة ثم انتقلت إلى الرئتين، حيث يمكن أن تمنع تدفق الدم، ما يسبب ضيق التنفس وألم الصدر حتى الموت، وفقًا لما نشره موقع Live Science.

خلال العقد الماضي، اكتشف العلماء روابط بين الصحة العقلية للأشخاص وخطر الإصابة بجلطات الدم، لكن بسبب تضارب نتائج الدراسات والعوامل المعقدة، مثل استخدام بعض المشاركين في الدراسة للأدوية وتاريخ ارتفاع ضغط الدم، كان من الصعب تحديد كيفية ارتباط الاثنين بالضبط.

قامت دراسة، نُشرت مؤخرًا في الدورية الأميركية لأمراض الدم، بفحص مدى ارتفاع خطر الإصابة بالجلطة الوريدية العميقة بسبب القلق أو الاكتئاب، بل وتطرقت إلى الأسباب وراء ذلك.

بدورها قالت دكتورة راشيل روسوفسكي، الباحثة الرئيسية في الدراسة ومديرة أبحاث الجلطات الدموية في قسم أمراض الدم في مستشفى ماساتشوستس العام، لموقع “لايف ساينس”، إن البحث تم على حالات واقعية وعندما أدركت أن الارتباط بين القلق والاكتئاب على المدى الطويل والجلطات الدموية، بدأت التفكير “فيما إذا كانت هذه الحالات يمكن أن تؤثر على خطر إصابة المريض بالجلطة”.

للتحقق من الارتباط، نظر الباحثون بأثر رجعي إلى بيانات ما يقرب من 119000 شخص. تضمنت البيانات قياسات لنشاط الدماغ المرتبط بالتوتر تم الحصول عليها باستخدام التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني PET، التي تكشف عن مستويات النشاط واستخدام الطاقة لأجزاء مختلفة من الدماغ.

ثم قارن الباحثون نشاط اللوزة الدماغية، وهي منطقة في الدماغ تعالج التهديدات المحتملة وتستجيب لها، بنشاط القشرة الجبهية الأمامية البطنية، والتي تساعد في تنظيم اللوزة الدماغية وبالتالي التحكم في الاستجابات العاطفية. بهذه الطريقة، حصل الباحثون على صورة سريعة للنشاط العصبي المرتبط بالتوتر، الذي يُشار إليه اختصارًا بـSNA.

كما تضمنت البيانات مقاييس البروتين التفاعلي C عالي الحساسية، وهو مؤشر للالتهاب، وتقلب معدل ضربات القلب، وهو مقياس للقدرة على التكيف. فكلما زاد تقلب معدل ضربات القلب، كان الجسم قادرًا بشكل أفضل على التعامل مع المواقف العصيبة.

من بين المجموعة الإجمالية، تم تشخيص حوالي 106450 شخصًا مصابًا بالقلق، بينما كان 108790 شخصًا يعانون من الاكتئاب؛ بل تبين أن هناك تداخل في هذه المجموعات حيث كان العديد من المشاركين يعانون من كلتا الحالتين.

على مدى متوسط وقت متابعة بلغ 3.6 سنوات، عانى حوالي 1780 مشاركًا في الدراسة من تجلط الأوردة العميقة. كان أولئك الذين لديهم تاريخ من القلق أو الاكتئاب أكثر عرضة بنسبة 53٪ و48٪ لتجربة الجلطات الوريدية العميقة DVT، على التوالي، مقارنة بأولئك الذين ليس لديهم تاريخ من أي من الحالتين. لوحظت اتجاهات مماثلة بين الأشخاص الذين يعانون من كلتا الحالتين.

كما تبين أن من بين 1520 شخصًا خضعوا لفحوصات PET، أظهر أولئك الذين يعانون من القلق أو الاكتئاب مستويات أعلى من SNA من أولئك الذين لا يعانون من أي من الحالتين. كان الأشخاص الذين لديهم مستويات أعلى من الطبيعي من هذا النشاط أكثر عرضة بنسبة 30٪ للإصابة بـ DVT من أولئك الذين لديهم مستويات طبيعية.

وقالت دكتورة روزوفسكي: “تم إثبات أولاً أن القلق والاكتئاب مرتبطان بشكل كبير بزيادة النشاط العصبي SNA. ثم توصل الباحثون إلى أن SNA كان مرتبطًا بزيادة نشاط الكريات البيض، مما يعني تكوين خلايا الدم البيضاء، محرك الالتهاب، والتي ثبت سابقًا أنها “تعزز التجلط من خلال العديد من الآليات المختلفة”.

وأضافت أن هناك ثلاث آليات محتملة تربط بين القلق والاكتئاب وبين ارتفاع مستويات النشاط العصبي والجلطات الوريدية العميقة وارتفاع الالتهاب وانخفاض تقلب معدل ضربات القلب. وخلص الباحثون إلى أنه كلما زاد الضغط الذي يتعرض له الشخص، زاد خطر إصابته بجلطات الأوردة العميقة.

من جانبه قال كامران ميرزا، أستاذ أمراض الدم في جامعة ميشيغان والذي لم يشارك في الدراسة، إن هذه “الدراسة المثيرة للاهتمام” تلقي الضوء على كيفية تأثير SNA على إنتاج الدم في الجسم. وقال ميرزا “إنها تكشف عن وجود “ارتباط محتمل بين الصحة العقلية وزيادة خطر التجلط الذي يستدعي مزيدًا من التحقيق”.

ويخطط فريق الباحثين حاليًا لفحص كيفية تأثير علاج القلق أو الاكتئاب على معدلات جلطات الأوردة العميقة، ويسعون أيضًا إلى معرفة ما إذا كان تقليل SNA بطريقة ما يمكن أن يقلل من المخاطر.