متابعة – UTV

كشف تقرير أميركي عن تكتيك جديد تتبعه إيران لتخفيض نفقات التمويل الخاصة بالفصائل المسلحة، بسب الازمة الاقتصادية التي تهاني منها طهران جراء العقوبات الامريكية.

واستند التقرير الذي نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”، وتابعته UTV، إلى تصريحات مسؤولين عراقيين وأميركيين لتحليل الهجمات الأخيرة التي استخدمت فيها الطائرات المسيرة.

 

وفي ما يلي نص التقرير:

تواجه الولايات المتحدة تهديدا يتطور بسرعة من وكلاء إيران في العراق بعد أن أصابت قوات الميليشيات المتخصصة في تشغيل أسلحة أكثر تطورا، بما في ذلك الطائرات المسلحة بدون طيار، بعض الأهداف الأمريكية الأكثر حساسية في هجمات تهربت من الدفاعات الأمريكية.

واستخدمت تلك الميليشيات ثلاث مرات على الأقل خلال الشهرين الماضيين طائرات صغيرة محملة بالمتفجرات تقصف أهدافها وتصطدم بأهدافها في هجمات في وقت متأخر من الليل على القواعد العراقية، بما في ذلك تلك التي تستخدمها القوات الجوية الأمريكية ووحدات العمليات الخاصة الأمريكية، وفقا لمسؤولين أمريكيين.

وقال الجنرال كينيث ماكنزي، القائد الأعلى للقوات الأمريكية في الشرق الأوسط، الشهر الماضي، إن “الطائرات بدون طيار تشكل تهديدا خطيرا وأن الجيش يسارع إلى ابتكار طرق لمكافحتها”.

 

العنف مقابل تخفيف العقوبات

تستخدم إيران، التي أضعفتها سنوات من العقوبات الاقتصادية القاسية، ميليشياتها في العراق لتصعيد الضغط على الولايات المتحدة والقوى العالمية الأخرى للتفاوض على تخفيف تلك العقوبات كجزء من إحياء الاتفاق النووي لعام 2015.

ويؤكد مسؤولون عراقيون وأمريكيون، إن “إيران صممت هجمات الطائرات بدون طيار لتقليل الخسائر البشرية التي يمكن أن تدفع الولايات المتحدة إلى الانتقام”.

يقول مايكل مولروي، وهو ضابط سابق في السي آي أيه ومسؤول كبير عن سياسة الشرق الأوسط في البنتاغون، إنه “مع التكنولوجيا التي يقدمها فيلق القدس الإيراني، الذراع الخارجية لجهاز الأمن الإيراني، أصبحت الطائرات بدون طيار أكثر تطورا وبكلفة منخفضة نسبياً”.

واضاف، إن “الطائرات بدون طيار تعد أمراً هاماً، وهو أحد أهم التهديدات التي تواجهها قواتنا هناك”.

 

“الدرون” مجرد أداة

يتحدث مسؤول رفيع المستوى في الأمن القومي العراقي، قائلاً، إن “الطائرات بدون طيار تشكل تحديا، لكنها أدوات وليست لب المشكلة.

ويضيف المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته كي يتمكن من التحدث بحرية عن إيران “إنها وسيلة للضغط”. مشيراً إلى، أن “إيران تختنق اقتصاديا وكلما عانت أكثر كلما زادت هذه الهجمات”، مردفاً بالقول، “المشكلة هي الصراع بين الولايات المتحدة وإيران”.

وتستخدم إيران فصائل شيعية مسلحة في العراق منذ عام 2003 للتأثير على السياسة العراقية وتهديد الولايات المتحدة خارج حدودها.

ومنذ أواخر عام 2019، شنت الفصائل الشيعية العراقية المدعومة من إيران أكثر من 300 هجوم ضد المصالح الأمريكية، ما أسفر عن مقتل أربعة أمريكيين ونحو 25 آخرين، معظمهم من العراقيين، وفقا لتقييم لوكالة الاستخبارات الدفاعية نشر في نيسان الماضي.

وفي العام الماضي، ظهر انتشار للجماعات المسلحة التي لم تكن معروفة من قبل، وأعلن بعضها مسؤوليته عن هجمات صاروخية على أهداف أمريكية.

 

الطيران المنخفض يصعب المهمة

وتمثل الدقة المتزايدة لهجمات الطائرات بدون طيار هذا العام تصعيدا من الهجمات الصاروخية الأكثر شيوعا التي اعتبرها المسؤولون الأمريكيون أكثر مضايقة.

واستهدفت تلك الهجمات، التي شنت من منصات إطلاق متنقلة، السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء في بغداد والقواعد العسكرية حيث يعمل حوالي 2500 من القوات الأمريكية وآلاف المقاولين العسكريين الأمريكيين.

في المقابل، يقول محللون أمريكيون، إن “المسلحين يستهدفون الآن حظائر طائرات محددة، حيث تتمركز طائرات مسلحة متطورة من طراز MQ-9 Reaper وطائرات استطلاع توربينية يديرها مقاولون في محاولة لتعطيل أو شل القدرة الاستطلاعية الأمريكية الحاسمة لرصد التهديدات في العراق.

ويقول مسؤولون، إنه “بينما نصبت الولايات المتحدة دفاعات لمواجهة أنظمة الصواريخ والمدفعية وقذائف الهاون التي تستهدف المنشآت في العراق، فان الطائرات المسلحة بدون طيار تطير منخفضة للغاية بحيث لا يمكن اكتشافها من خلال هذه الدفاعات”.

 

هجوم أربيل استهدف طائرات أمريكية

 

ويكشف التقرير، نقلاً عن 3 مسؤولين أمريكيين مطلعين، أن الهجوم بالطائرة المسيرة الذي تعرض له مطار اربيل في منتصف نيسان الماضي، كان يستهدف حظيرة لطائرات سي.أي.أي داخل مجمع المطار.

ويضيف، “لم ترد أنباء عن إصابة أحد في الهجوم، بيد أنه أثار قلق مسؤولي البنتاغون والبيت الأبيض بسبب الطبيعة السرية للمنشأة وتطور الضربة التي ذكرت صحيفة واشنطن بوست تفاصيلها من قبل”.

وكان هجوم مماثل بطائرة بدون طيار، مطلع أيار الماضي، على قاعدة عين الأسد الجوية المترامية الأطراف غربي الأنبار، حيث تدير الولايات المتحدة أيضا طائرات ريبرز بدون طيار، قد اثار مخاوف بين القادة الأمريكيين بشأن تكتيكات الفصائل المتغيرة.

وقال الكولونيل واين ماروتو، المتحدث باسم التحالف الدولي، إن “الهجوم لم يسفر عن وقوع إصابات ولكنه ألحق أضراراً بحظيرة طائرات”.

وبعد ثلاثة أيام، ضربت طائرة بدون طيار أخرى بعد منتصف الليل مطار الحريري في أربيل، وهو موقع تستخدمه قيادة العمليات الخاصة المشتركة السرية.

وعلى الرغم من انها لم تتسبب بأية اضرار إلا أنها غذت المخاوف المتزايدة لدى المسؤولين الأمريكيين.

وفي حين أن العديد من الهجمات ضد الأهداف الأمريكية تولد على الفور تقريباً مزاعم بالمسؤولية من الميليشيات، إلا أن هجمات الطائرات بدون طيار الأكثر تعقيداً وأطول مدى لم تولدها، وهو مؤشر آخر على أن إيران تقف وراءها، وفقا للمسؤولين الأمريكيين والمحللين المستقلين.

وقال حمدي مالك، وهو زميل مشارك في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، ومتخصص في شؤون الفصائل الشيعية، إن “هناك أدلة متزايدة على أن إيران تحاول أن يكون لديها أو أنشأت بعض الجماعات الخاصة”. مبيناً، أن “تلك الجماعات الجديدة قادرة على شن هجمات متطورة للغاية ضد المصالح الأمريكية”.

 

الفصائل تستغل الفراغ الأمريكي

تعمل القوات الأمريكية في العراق بموجب مبادئ توجيهية عراقية صارمة تركز على محاربة داعش الارهابي.

ويطلب العراق من التحالف الدولي عادة الحصول على موافقة لتشغيل طائرات الاستطلاع بدون طيار، التي تركز على أجزاء من العراق حيث لا تزال هناك جيوب داعش، بينما تضع جنوب البلاد، معقل الفصائل” بشكل عام، خارج الحدود التغطية.

ومنذ أن أغلقت الولايات المتحدة قنصليتها في مدينة البصرة قبل ثلاث سنوات بسبب “تهديدات إيرانية”، لم يكن هناك أي قوات أو دبلوماسيين أمريكيين متمركزين جنوب بغداد.

يقول مايكل بريجنت وهو زميل كبير في معهد هدسون وضابط سابق في الاستخبارات الأمريكية نشر في العراق “إنها طريقة ناجحة جداً للهجوم”، مشيراً إلى أنها “تسمح بشن هذه الهجمات من مناطق خارج الوجود العسكري الأمريكي في العراق”.

ويضيف بريجنت، إن “المراقبة عبر الاقمار الاصطناعية بطبيعتها، لا يمكن استخدامها لتغطية أجزاء أخرى من العراق إلا لفترة محدودة ولا يمكنها تتبع الأهداف المتحركة”.

وبالإضافة إلى الهجمات على الأهداف الأمريكية في العراق، فقد ضربت طائرة مسلحة بدون طيار، يعتقد أنها أطلقت من جنوب العراق، القصر الملكي السعودي في الرياض مطلع العام الحالي.

ووفقا لمسؤولين عراقيين، فإن السعودية وإيران خصمان قديمان للسلطة والنفوذ الإقليميين، وفي محادثات نادرة بينهما في بغداد في نيسان الماضي، طالب السعوديون إيران بوقف تلك الهجمات.

وكان الجنرال ماكنزي، القائد الأعلى للقوات الأمريكية في المنطقة، قد قال خلال زيارته شمال شرق سوريا، الشهر الماضي، إن “المسؤولين العسكريين يطورون طرقا لتعطيل الاتصالات بين الطائرات بدون طيار ومشغليها، وتعزيز أجهزة استشعار الرادار لتحديد التهديدات الوشيكة بسرعة أكبر، وإيجاد طرق لمعالجة الطائرات المسيرة منخفضة التحليق”.

 

إيران طورت طائرات الفصائل

ويتم في كل هجوم من الهجمات المعروفة في العراق، استعادة بعض بقايا الطائرات بدون طيار على الأقل جزئيا، وتشير التحليلات الأولية إلى أنها صنعت في إيران أو استخدمت تكنولوجيا قدمتها طهران، وفقا لمسؤولين أمريكيين.

وتتجاوز هذه الطائرات بدون طيار بحجمها الطائرات الرباعية المتاحة تجاريا (مروحيات صغيرة ذات أربعة مراوح)، والتي كان يستخدمها داعش الإرهابي في معركة الموصل، ولكنها أصغر من طائرات MQ-9 Reapers، التي يبلغ طول جناحيها 66 قدما. ويقول محللون عسكريون، لإن “تلك الطائرات المزودة بتقنيات إيرانية، يمكنها أن تحمل ما بين 10 و6 رطلا من المتفجرات”.

 

ويضيف المحللون ذاتهم، إن “هذه التكنولوجيا تشبه إلى حد كبير ما اتهم محللو الاستخبارات الأمريكية إيران بنقلها إلى المتمردين الحوثيين في اليمن لشن هجمات ضد السعودية والإمارات في الحرب هناك”.

ويتحدث مسؤولون عراقيون ومحللون أمريكيون عن أنه “على الرغم من أن إيران التي تعاني من ضائقة مالية قد خفضت التمويل للفصائل العراقية الكبرى، إلا أنها استثمرت في فصل وكلاء أصغر وأكثر تخصصا لا يزالون يعملون داخل تلك الفصائل ولكن ليس تحت قيادتها المباشرة”.

ويقول المسؤولون الأمريكيون إنه “من المرجح أن تكون هذه الوحدات المتخصصة قد عهد إليها بالمهمة الحساسة سياسياً المتمثلة في تنفيذ الضربات الجديدة بالطائرات بدون طيار”.

فيما يقول قادة الأمن العراقيون، إن “الجماعات التي تحمل أسماء جديدة هي جبهات للفصائل التقليدية القوية المدعومة من إيران في العراق مثل كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق”، مشيرين إلى، أن “إيران استخدمت الجماعات الجديدة في محاولة لتمويه مسؤوليتها عن الضربات التي تستهدف المصالح الأمريكية في مناقشات مع الحكومة العراقية والتي غالباً ما تنتهي بقتل العراقيين”.

ويضيف المسؤول الأمني العراقي، الذي رفض الكشف عن هويته، إن “أعضاء المجموعات الصغيرة والمتخصصة يتلقون التدريب في القواعد العراقية وفي لبنان وكذلك في إيران على يد الحرس الثوري الذي يشرف على الفصائل في الشرق الاوسط”.

ويعزو مسؤولون ومحللون أمريكيون وعراقيون تزايد عدم إمكانية التنبؤ بعمليات الفصائل في العراق إلى مقتل الجنرال سليماني وأبو مهدي المهندس، مبينين، أن “السيطرة الإيرانية على الفصائل قد تجزأت بعد مقتل سليماني والمهندس، بسبب تزايد المنافسة بين هذه الفصائل”.