عندما قرّر الفنان العراقي جوهر أنور بناء منزله في أربيل، جعله من طابقين، سكن في الطابق العلوي وحوّل الأرضي منه إلى قاعة سينمائية تتسع لنحو سبعين متفرجاً، ومنذ عام 2018 صار يقصده سكان الحي يومين في الأسبوع ليشاهدوا فيلماً أعده لهم، ثم توسعت دائرة جمهوره لتشمل المدينة، بعد أن صارت السينما معروفة، خصوصاً وأنه ينشر أنشطته على وسائل التواصل الاجتماعي.
جوهر أنور هو ممثل كردي عراقي بنهاية العقد السادس من العمر، قدّم إسهامات سينمائية ومسرحية تأليفاً وإخراجاً وتمثيلاً خلال أربعة عقود.
داخل أحد الأحياء الشعبية في مدينة أربيل اعتاد سكان الحي أن يكونوا جاهزين أيام الاثنين والجمعة ليشاهدوا فيلماً هندياً أو أميركياً كلاسيكياً، ففي يوم الجمعة يضع جوهر فيلماً هندياً وذلك لشغفه بالأفلام الهندية، ويجتمع حوالي سبعين متفرجاً، زيادةً أو نقصاناً، حيث تعود رواد السينما منذ ست سنوات على هذا النظام، ولا تمتلئ القاعة دائماً لكن عدد المتفرجين لا يقل عن ثلاثين في أضعف حالاته.
ويعتمد جوهر في السينما على أمور تقليدية للحفاظ على روح السينما كما يقول، منها طريقة التشغيل، حيث يريد أن تكون طريقة العرض في السينما بمنزله مطابقة للسينما القديمة، إن كان لناحية أشرطة الأفلام وخروج الصوت وتوزيعه والإضاءة وغيرها من الجوانب الفنية.
وحصل جوهر على نسخ الأفلام في رحلة طويلة منذ بداية شغفه بالفن السابع، وقال إن “هذا المكان ليس سينما فحسب، بل بمثابة مقر فني، وهو نظامي مجاز من قبل الحكومة، ونقيم فيها أيضاً بروفات مسرحية”.
وأكّد جوهر أن شغفه بالسينما يعود إلى أيام الطفولة حين كان شقيقه الأكبر مُشغّلاً لسينما صلاح الدين في أربيل، حيث تعلّم أصول التشغيل أثناء ملازمته لشقيقه، وعندما غادر شقيقه العمل في السينما وضع جوهر مكانه، وهو ما ترك أثراً كبيراً في نفس جوهر وحبه للسينما التي ترجمها فيما بعد إلى واقع عملي.
لاحقاً، في ثمانينيات القرن الماضي، دخل جوهر معترك التمثيل، وقدّم شخصيات في أعمال مسرحية كثيرة منها “الإمبراطور جورج” و”الضي” و”حمدوف”، أما في السينما فقدم أدوار في أفلام منها: “القدر” و”الدودة” و”المرحوم”، و”المرأة المشردة”، و”الحشاش”.
وقال جوهر إن اقامته في السويد مطلع التسعينيات من القرن الماضي سمحت له بدرس السينما أكاديمياً، ومن هناك بدأ مسيرته في الإخراج، حيث قدم في المهجر مسرحية “العودة إلى بلدي” ثم “الندم” تأليفاً وإخراجاً.
ولقيت مبادرة جوهر في تحويل منزله إلى قاعة سينما استحساناً لدى عشاق السينما، بالإضافة إلى الفنانين أيضاً، وقال الفنان الكردي شيرزاد بوليس في حديثه لـ”العربي الجديد”، إن منزل جوهر “لم يعد سينما فحسب، بل صار أيضاً مركزاً يجتمع فيه فنانون وأصدقاء جوهر”.
أمّا نزار جاوشين، وهو أحد رواد السينما، فطالب بأن تكون هناك سينما مماثلة في كل حي، لأن “الناس صاروا يقضون كل أوقاتهم على الهواتف، لكن لو كان هناك محاولات أخرى مثل هذه ستنعش الناس”، حسب وصفه.
ويوجد في أربيل حالياً ثلاث دور سينما فقط وكلها مغلقة بشكل تام منذ سنوات، وهي سينما الحمراء، وسينما صلاح الدين، وسينما سيروان، ويوجد دور عرض في المراكز التجارية في المدن، غير أنها لا تمثل انعكاسا للواقع السينمائي في البلاد. كما يشهد اقليم كردستان إقامة ثلاثة مهرجانات سينمائية سنوية، هي مهرجانات أربيل ودهوك والسليمانية السينمائية.