صادقت إسرائيل على خطة هجوم محتمل على مدينة رفح في قطاع غزة بينما أبقت على آمال وقف إطلاق النار ممكنة مع عزمها إرسال وفد آخر إلى قطر لإجراء محادثات بشأن اتفاق محتمل بخصوص الرهائن مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه وافق على خطة لمهاجمة المدينة الواقعة على الطرف الجنوبي من غزة حيث يعيش أكثر من نصف سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة بعد خمسة أشهر من الحرب.

ويحث الحلفاء والمنتقدون على الساحة العالمية نتنياهو على تأجيل الهجوم على رفح، خوفا من سقوط أعداد كبيرة من الشهداء بين المدنيين. لكن إسرائيل تقول إن رفح واحدة من آخر معاقل حماس التي تعهدت بالقضاء عليها. وتعهدت بإجلاء السكان من المدينة.

وفي واشنطن قال جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض إن الولايات المتحدة لم تطلع على خطة رفح، لكنها ترغب في ذلك. وقال في إفادة صحفية دورية إن اقتراح حماس لوقف إطلاق النار مقابل الرهائن يقع في حدود ما هو ممكن، وعبر عن تفاؤل حذر بشأنه.

وعرضت حماس على الوسطاء والولايات المتحدة اقتراحا لوقف إطلاق النار في غزة يشمل إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين مقابل الإفراج عن سجناء فلسطينيين، منهم مئة محكوم عليهم بالسجن مدى الحياة، وفقا لاقتراح اطلعت عليه رويترز.

وقال بيان صادر عن مكتب نتنياهو بشأن خطة الهجوم على رفح إن مطالب حماس بالإفراج عن الرهائن لا تزال غير واقعية، لكن وفدا إسرائيليا سيتوجه إلى الدوحة بمجرد أن يناقش مجلس الوزراء الأمني الموقف.

وورد في البيان الإسرائيلي “يستعد الجيش الإسرائيلي للعمليات (العسكرية) ولإجلاء السكان”.

ولم يحدد المكتب إطارا زمنيا لبدء الهجوم ولا يوجد دليل حتى الآن على استعدادات إضافية على الأرض.

وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن للصحفيين في النمسا إن الولايات المتحدة بحاجة إلى رؤية خطة واضحة وقابلة للتنفيذ من إسرائيل بشأن رفح تشمل إبعاد المدنيين عن طريق الأذى.

وأخفق المفاوضون هذا الأسبوع في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار قبل شهر رمضان. لكن واشنطن والوسطاء العرب ما زالوا مصممين على التوصل إلى اتفاق لمنع الهجوم الإسرائيلي على رفح والسماح بدخول المساعدات الغذائية لدرء المجاعة.

وقال سامي أبو زهري القيادي في حركة حماس لرويترز “نتنياهو يناور ويمارس لعبة كسب الوقت لارتكاب المزيد من جرائم حرب الإبادة وهو غير معني بالتوصل لأي اتفاق”.

وترفض إسرائيل مزاعم الإبادة الجماعية وتقول إن تركيزها ينصب فقط على القضاء على جميع مقاتلي حماس.

وهناك مؤشرات متزايدة على وجود خلاف بين واشنطن وإسرائيل بشأن سير الحرب التي يقول مسؤولون في إدارة الرئيس جو بايدن إنها تُدار دون اكتراث بالمدنيين.

ودعا تشاك شومر زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأمريكي وأرفع مسؤول يهودي في الولايات المتحدة وزعيم في الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه بايدن، الإسرائيليين يوم الخميس إلى إجراء انتخابات لاستبدال نتنياهو.

وقال شومر إن سياسات نتنياهو المتطرفة تدمر مكانة إسرائيل الدولية.

وقال بايدن أمس الجمعة إن شومر ألقى “خطابا جيدا” وإن عددا كبيرا من الأمريكيين يشاركونه مخاوفه.

وفي وسط مدينة غزة في وقت متأخر أمس الجمعة قال المتحدث باسم خدمة الطوارئ المدنية إن غارة إسرائيلية دمرت مبنى سكنيا من سبعة طوابق، مما أسفر عن استشهاد أو إصابة عدد من الأشخاص. وأضاف أن عمال الطوارئ فتشوا بين الأنقاض بحثا عن ضحايا.

 

* عرض حماس

بعد أكثر من أسبوعين من تلقيها اقتراحا وافقت عليه إسرائيل لهدنة، قدمت حماس للوسطاء يوم الخميس أول اقتراح رسمي مضاد منذ أكثر من شهر.

وعلى غرار المقترحات السابقة من الجانبين، ينص الاقتراح الذي اطلعت عليه رويترز أمس الجمعة على إطلاق سراح عشرات الرهائن الإسرائيليين مقابل الإفراج عن مئات الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية خلال وقف لإطلاق النار يستمر لأسابيع ويسمح بدخول المساعدات.

كما ينص الاقتراح على إجراء محادثات في مرحلة لاحقة لإنهاء الحرب، وهو ما ترفضه إسرائيل التي تقول إنها لن تتفاوض إلا على هدنة مؤقتة.

ورغم عدم قبول إسرائيل بالهدنة، فإن وصفها لشروط الاتفاق بأنها “ما زالت غير واقعية” يمثل موقفا أكثر اعتدالا مقارنة بموقفها من عرض حماس السابق الشهر الماضي، الذي وصفه نتنياهو بأنه “وهمي”.

وفي مقابلة مع قناة إن12 الإخبارية أمس الجمعة، قال عضو مجلس الوزراء الأمني ووزير الوحدة الوطنية هيلي تروبر إنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في موقفي إسرائيل وحماس.

وأضاف “علينا أن نكون صادقين مع الشعب، إذا توصلنا إلى اتفاق يعيد أولادنا وبناتنا إلى ديارهم، فسيكون ذلك بتكلفة باهظة”.

ومضى قائلا “لإعادة هؤلاء الأشخاص الذين فشلنا في حمايتهم في السابع من أكتوبر، سيتعين علينا أن ندفع الثمن. ما هي التكلفة؟ سأترك ذلك للمناقشة في الاجتماعات المغلقة”.

واندلعت الحرب بعد هجوم شنه مقاتلون من حماس انطلاقا من غزة على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول مما أسفر، بحسب إحصائيات إسرائيلية، عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 253 رهينة.

وردت إسرائيل بحملة عسكرية أودت بحياة أكثر من 31 ألف شخص وتسببت في نزوح كل سكان غزة تقريبا من ديارهم.

 

* أول سفينة مساعدات

تقول الأمم المتحدة إن ربع سكان غزة على شفا المجاعة. وأمس الجمعة وصلت السفينة (أوبن آرمز) قبالة غزة، وهي الأولى التي تجلب المساعدات إلى القطاع عن طريق البحر.

وقالت إسرائيل إن 130 طردا من المعدات والمواد الإنسانية و115 طنا من المواد الغذائية والمياه جرى تفريغها على شاحنات تابعة لمنظمة (ورلد سنترال كيتشن) لتوزيعها بعد خضوعها لتفتيش أمني.

وإذا نجح الطريق البحري الجديد، فقد يساعد في تخفيف أزمة الجوع التي تضرب قطاع غزة حيث يعاني مئات الآلاف من سوء التغذية. وذكرت مستشفيات في المناطق الشمالية الأكثر تأثرا بنقص الغذاء أن الجوع تسبب في وفاة أطفال.

ورغم ذلك، قالت وكالات الإغاثة مرارا إن خطط إرسال المساعدات عن طريق البحر ومن خلال الإنزال الجوي لن تكون كافية على الإطلاق في ظل عدم القدرة على الوصول لمناطق كبيرة من القطاع.

وترفض إسرائيل، التي تغلق جميع الطرق البرية المؤدية إلى غزة باستثناء معبرين على الطرف الجنوبي للقطاع، تحمل مسؤولية أزمة الجوع وتقول إن وكالات الإغاثة يجب عليها أن تبذل جهودا أكبر في توزيع المساعدات الغذائية.

وتشوب الفوضى وأحيانا العنف عمليات توزيع المساعدات المحدودة التي تصل إلى القطاع.

وفي واحدة من أسوأ الوقائع حتى الآن، قالت السلطات الصحية في غزة إن 21 شخصا على الأقل استشهدوا فضلا عن إصابة 150 آخرين مساء الخميس بينما كانوا يصطفون للحصول على الطعام بالقرب من مدينة غزة نتيجة إطلاق القوات الإسرائيلية النار عليهم.