قدم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خطة “اليوم التالي” لقطاع غزة بمجرد انتهاء الحرب، قائلا إن إسرائيل ستحتفظ بالسيطرة الأمنية على المناطق الفلسطينية وستجعل إعادة الإعمار مرهونة بنزع السلاح.

وتمثل الخطة مجموعة المواقف الإسرائيلية الثابتة وتؤكد مقاومة نتنياهو لإقامة دولة فلسطينية يعتبرها تهديدا أمنيا دون أن يستبعد ذلك صراحة في مرحلة ما في المستقبل.

وسرعان ما رفض المسؤولون الفلسطينيون الخطة وقالوا إن مصيرها الفشل.

وتقترح الوثيقة احتفاظ إسرائيل بالسيطرة الأمنية على جميع الأراضي الواقعة غرب نهر الأردن بما في الضفة الغربية وأيضا قطاع غزة وهي الأراضي التي يريد الفلسطينيون إقامة دولة مستقلة عليها.

وتأتي الخطة في غمرة دعوات دولية مكثفة لإنهاء القتال الذي دمر مساحات كبيرة من غزة وإحياء جهود إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل.

وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن، الحليف الرئيسي لإسرائيل، إن السلام على المدى الطويل لن يحققه إلا تنفيذ حل الدولتين، وشارك في جهود دبلوماسية مكثفة لحشد الدعم بين دول المنطقة ودول أخرى.

وبعد ساعات من الكشف عن الوثيقة، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إن توسيع إسرائيل للمستوطنات في الضفة الغربية المحتلة لا يتسق والقانون الدولي، وذلك في إشارة إلى العودة لسياسة أمريكية راسخة بعدما تخلت عنها إدارة دونالد ترامب.

وبالنسبة للأهداف طويلة الأمد الواردة في الوثيقة، يرفض نتنياهو “الاعتراف الأحادي الجانب” بدولة فلسطينية. ويقول إن التسوية مع الفلسطينيين لن تتحقق إلا من خلال المفاوضات المباشرة بين الجانبين، دون تحديد ذلك الطرف الفلسطيني.

وفي غزة، يقترح استبدال السيطرة الإدارية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) بممثلين محليين “لا ينتمون إلى دول أو جماعات إرهابية ولا يحصلون على دعم مالي منها” وأنه يتعين نزع السلاح والقضاء التطرف كونها أهدافا يجب تحقيقها على المدى المتوسط.

وجاء في بيان صادر عن مكتب نتنياهو أن “وثيقة المبادئ التي وضعها رئيس الوزراء تعكس إجماعا شعبيا واسع النطاق بشأن أهداف الحرب وتغيير حكم حماس في غزة ببديل مدني”.

ولا توضح الخطة موعدا لبدء مرحلة المدى المتوسط أو طول هذا المدى. لكنها تضع نزع السلاح الكامل كشرط لإعادة تأهيل قطاع غزة الذي دمر الهجوم الإسرائيلي قسما كبيرا منه.

واليوم الجمعة، بعد إعلان الخطة، استمرت مساعي وقف القتال للسماح بعودة بعض الرهائن الذين مازالت حماس تحتجزهم وعددهم 134 قبل بدء شهر رمضان.

وقال وزراء إسرائيليون إنه ما لم يتم التوصل إلى اتفاق، ستشرع إسرائيل في هجومها الذي طال انتظاره على مدينة رفح جنوب قطاع غزة حيث لجأ أكثر من مليون فلسطيني يعيشون ظروفا إنسانية تتفاقم بؤسا.

 

* “دولة فلسطينية مستقلة”

وقالت زها حسن محامية حقوق الإنسان وزميلة مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي إنه في حال تنفيذ خطة نتنياهو، سيجد الفلسطينيون في غزة أنفسهم في تبعية كاملة ينعدم فيها أمل تحقيق تطلعاتهم الوطنية.

واضافت “من الواضح أن هذه ليست الخطة التي تناقشها إدارة بايدن مع الحكومات العربية”.

وقال نبيل أبو ردينة المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني لرويترز إن اقتراح نتنياهو مقدر عليه الفشل كأي خطط إسرائيلية لتغيير الواقع الجغرافي والديمغرافي.

وأضاف “إذا أراد العالم أن يكون هناك أمن واستقرار في المنطقة فعليه إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف”.

ويقترح نتنياهو، كي يضمن سيطرة على غزة، أن يكون لإسرائيل وجود على الحدود بين غزة ومصر جنوبي القطاع وأن تتعاون مع مصر والولايات المتحدة في تلك المنطقة لمنع محاولات التهريب، بما يشمل معبر رفح.

وتدعو الوثيقة إلى إغلاق وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) التابعة للأمم المتحدة التي دأبت إسرائيل على اتهامها بأنها تغطي على أعمال حماس واستبدالها بمنظمات إغاثة دولية أخرى.

واندلعت الحرب في غزة بعد هجوم لحماس في السابع من أكتوبر تشرين الأول على إسرائيل التي تقول إنه أدى لمقتل 1200 واحتجاز 253 رهينة.

وردت إسرائيل التي تتعهد بسحق حماس بهجوم بري وجوي على القطاع المحاصر مما تمخض عن استشهاد أكثر من 29400 فلسطيني، وفقا للسلطات الصحية الفلسطينية. ودفع الهجوم معظم سكان القطاع إلى النزوح وتسبب في انتشار الجوع والمرض.

ولم يتحقق تقدم يذكر في سبيل قيام دولة فلسطينية منذ توقيع اتفاقيات أوسلو في أوائل التسعينيات. ومن بين العقبات التي تعترض سبيل ذلك توسيع المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب 1967.

وتعتبر معظم الدول المستوطنات التي تعزل التجمعات السكانية الفلسطينية عن بعضها في مناطق كثيرة انتهاكا للقانون الدولي. وقالت إسرائيل أمس الخميس إنها ستقر بناء أكثر من ثلاثة آلاف وحدة سكنية جديدة في المستوطنات.