قال سكان ومسعفون إن الطائرات الإسرائيلية كثفت هجماتها على وسط قطاع غزة اليوم الأحد في وقت تحتدم فيه المعارك وسط أنقاض بلدات ومخيمات لاجئين في الحرب التي قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنها ستستغرق “عدة شهور أخرى” قبل أن تنتهي.

ولا تشير تصريحات نتنياهو إلى أي هدوء محتمل في الحملة العسكرية التي قتلت الآلاف وسوت أغلب القطاع بالأرض بينما أثار تعهده بإعادة سيطرة إسرائيل على حدود القطاع مع مصر شكوكا جديدة بشأن حل الدولتين.

وأعلن الجيش الإسرائيلي تسريح بعض جنود الاحتياط الذين تم استدعاؤهم لقتال حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة، وهي خطوة قال اليوم الأحد إنها ستساعد الاقتصاد في الوقت الذي تستعد فيه البلاد لحرب طويلة الأمد.

واستهدفت ضربات جوية منطقتي المغازي والبريج في وسط القطاع مما أسفر عن استشهاد عشرة أشخاص في منزل واحد ودفع المزيد من السكان للفرار إلى رفح على الحدود مع مصر بعيدا عن خطوط جبهة تشتبك فيها دبابات إسرائيلية مع مقاتلين من حركة حماس.

وانطلقت صواريخ من غزة باتجاه وسط إسرائيل خلال الليل مما أدى إلى دوي صفارات الإنذار في جميع أنحاء وسط وجنوب البلاد. ونشرت وسائل الإعلام الإسرائيلية لقطات للعديد من عمليات الاعتراض. ولم ترد أنباء عن وقوع أي إصابات.

وقالت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، إن إطلاق الصواريخ يأتي “ردا على المجازر الصهيونية بحق المدنيين”.

وأظهر تسجيل مصور نشره الهلال الأحمر اليوم الأحد مسعفين يعملون في الظلام ويحملون طفلا مصابا من بين حطام يتصاعد منه الدخان في وسط غزة.

وقال مسؤولون في قطاع الصحة إن ستة أشخاص استشهدوا  في غارة جوية على منطقة المغراقة خارج مدينة غزة. وأضافوا أن هجوما آخر على منزل في خان يونس أدى إلى استشهاد شخص وإصابة آخرين.

وفي آخر أيام 2023، يدعو الفلسطينيون في غزة ربهم من أجل وقف إطلاق النار، لكن ليس لديهم أمل يذكر بأن عام 2024 سيكون أفضل.

وقالت زينب خليل (57 عاما) وهي من سكان شمال غزة لكنها تقيم حاليا في رفح “الليلة ستضاء سماء الدول في العالم بالألعاب النارية وأصوات الضحكات ستملأ المكان. ونحن في غزة سماؤنا الآن مضاءة بالصواريخ وقذائف الدبابات الإسرائيلية… فقط أمنية واحدة، لتتوقف الحرب وليتوقف القتل”.

وهدف إسرائيل المعلن هو القضاء على حماس بعد أن شنت هجوما مباغتا على بلدات إسرائيلية في السابع من أكتوبر تشرين الأول، والذي تقول إسرائيل إنه أدى لمقتل 1200 شخص واحتجاز 240.

وقالت وزارة الصحة في غزة اليوم الأحد إن 21822 فلسطينيا استشهدوا في الغارات الإسرائيلية على القطاع الفلسطيني منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول وسط مخاوف من أن يكون آخرون مدفونين تحت الأنقاض.

وأدت الحرب إلى نزوح كل سكان القطاع تقريبا وعددهم 2.3 مليون نسمة.

وتمنع إسرائيل دخول أغلب إمدادات الغذاء والوقود والدواء منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول.

وقالت إسرائيل اليوم الأحد إنها مستعدة للسماح بإيصال سفن من بعض الدول الغربية للمساعدات بشكل مباشر لسواحل قطاع غزة بعد عمليات تفتيش أمنية في قبرص.

وقالت جيما كونيل، المسؤولة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إن عشرات الآلاف من الأشخاص الذين نزحوا إلى رفح بلا ممتلكات أو مكان للنوم فيه.

وأضافت “أنا خائفة جدا من أن عدد الوفيات الذي نشهده سيزداد بشكل كبير بسبب هذا الهجوم المتواصل وأيضا بسبب هذه الظروف التي لا تصدق حرفيا”.

* إلى أين؟

حثت الولايات المتحدة حليفتها إسرائيل على تخفيف حدة الحرب وعبرت دول أوروبية عن قلقها إزاء نطاق معاناة المدنيين الفلسطينيين.

لكن التصريحات التي أدلى بها نتنياهو أمس السبت تشير إلى أن الحرب لن تشهد أي تخفيف في أي وقت قريب. وقال في حديثه إنه لن يستقيل رغم إظهار استطلاعات للرأي تراجع التأييد لحكومته ودافع عن سجله الأمني رغم هجوم حماس.

وقال “الحرب في أوجها” وإن إسرائيل سيتعين عليها السيطرة بشكل كامل على حدود قطاع غزة مع مصر، وهي منطقة مكتظة الآن بالمدنيين الفارين من القصف العنيف في أنحاء القطاع.

ومثل هذه الخطوة ستمثل بحكم الأمر الواقع تراجعا عن انسحاب إسرائيل من غزة عام 2005، مما يثير تساؤلات جديدة بشأن مستقبل القطاع وآفاق إقامة دولة فلسطينية.

وقالت واشنطن إنه يتعين على إسرائيل السماح لحكومة فلسطينية بالسيطرة على غزة عندما ينتهي الصراع.

وقال جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض في مقابلة مع (إيه.بي.سي) “نتبنى وجهة نظر مختلفة تماما هنا فيما يتعلق بالشكل الذي يجب أن تكون عليه غزة بعد الصراع”.

وأجج وزير المالية الإسرائيلي المنتمي لليمين المتطرف بتسلئيل سموتريتش المخاوف حيال أهداف إسرائيل من الهجوم بدعوته اليوم الأحد الفلسطينيين إلى مغادرة غزة وإفساح المجال أمام الإسرائيليين الذين يمكنهم “تحويل الصحراء إلى أودية مزدهرة”.

وتعارض ذلك مع الموقف الرسمي للحكومة الإسرائيلية بأن سكان غزة سيكون بإمكانهم العودة إلى منازلهم. واستُبعد سموتريتش وغيره من الوزراء المتشددين في الائتلاف الحاكم من حكومة الحرب، لكنهم يبذلون قصارى جهدهم للمشاركة في القرارات المتعلقة بالصراع.

وفي أحدث تصريحاته قبل أن يترك منصب وزير الخارجية ويتولى منصب وزير الطاقة اليوم الأحد، قال إيلي كوهين إن الحدود هي المصدر المرجح للتسليح الذي حصلت عليه حماس عبر السنوات الماضية.

وقال حسين الشيخ المسؤول الكبير في السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة على موقع للتواصل الاجتماعي إن سيطرة إسرائيل على الحدود دليل على قرار “لإعادة الاحتلال بالكامل”.

وقالت أم محمد (45 عاما) من النازحات عند الحدود “جئنا هنا من خان يونس على أساس رفح مكان آمن. ليس هناك مكان في رفح لأنها مكتظة بالنازحين… إذا سيطروا على الحدود أين سيذهب الناس؟” ووصفت ذلك بأنه سيكون “كارثة”.

 

* هجوم على سفينة

تنذر الحرب بخطر انتشار الصراع في أنحاء المنطقة بمشاركة إيران وجماعات متحالفة معها في الشرق الأوسط.

وتتبادل إسرائيل وجماعة حزب الله اللبنانية المتحالفة مع إيران إطلاق النار بصورة منتظمة عبر الحدود وقال الجيش الإسرائيلي إنه ضرب أهدافا في لبنان اليوم الأحد.

كما ضربت إسرائيل أهدافا مرتبطة بإيران في سوريا، فيما شنت جماعات متحالفة مع إيران هجمات على أهداف أمريكية في العراق.

وقال الجيش الأمريكي إن حركة الحوثي في اليمن هاجمت سفينة شحن تابعة لشركة ميرسك. وتشن الجماعة هجمات على السفن في البحر الأحمر منذ أسابيع وتقول إنها رد على حرب إسرائيل في قطاع غزة.

وأضاف الجيش الأمريكي أن طائرات هليكوبتر تابعة للبحرية الأمريكية أغرقت ثلاثة زوارق من أصل أربعة تابعة للحوثيين استخدموها في الهجوم اليوم الأحد ودفعت الزورق الرابع إلى الفرار من المنطقة.

وتقول إسرائيل إن 174 جنديا قتلوا في المعارك في قطاع غزة لكن عملياتها تحرز تقدما بما يشمل تدمير بعض أنفاق حماس في القطاع.

وتقول حركتا حماس والجهاد الإسلامي إنهما ستواصلان استهداف القوات الإسرائيلية في قطاع غزة.