بعد فشل الحملة الصليبية السادسة لاحتلال القدس، ودخول الخوارزميين والأيوبيين إليها في يوليو/تموز 1244، بدأ الصليبيون يشعرون بخطر يهدد وجودهم في المنطقة، فقرروا التحالف مع بعض المنشقين من الأيوبيين في دمشق وحمص والكرك لمهاجمة معسكر الأيوبيين قرب غزة والتي أطلق عليها اسم “معركة غزة”، والتخطيط لدخول مصر وتقاسمها فيما بينهم.
فما قصة هذا التحالف الإسلامي الصليبي، وكيف كانت نهايته؟
معركة غزة 1244.. عندما تحالف الصليبيون ومسلمون منشقون عن الأيوبيين لاحتلال مصر!
معركة غزة، أو كما يطلق عليها أيضاً معركة لافوربي أو معركة هربيا نسبة إلى اسم المنطقة التي وقعت فيها المعركة، هي حرب كان طرفها الأول الصليبيين رفقة بعض المسلمين المنشقين عن الأيوبيين، بينما كان طرفها الثاني الأيوبيين بقيادة “أبو الفتوح” السلطان الصالح أيوب رفقة بعض الخوارزميين.
الأمر الذي مهّد لمعركة غزة، ووفقاً لما ذكره موقع History Maps التاريخي، هو دخول الأيوبيين إلى القدس، فشعر الصليبيون بالانهزام والضعف والتهديد، فقاموا بتجميع قوة مشتركة ضاربة مؤلفة من فرسان الهيكل وفرسان الإستبارية وفرسان التوتونيين وجماعة القديس لعازر والقوات المتبقية من مملكة القدس، إضافة إلى جيش من المسلمين المنشقين عن الأيوبيين تحت قيادة المنصور إبراهيم والناصر داوود والي حمص والناصر داوود حاكم الكرك وأيضاَ بعض من بدو الأردن.
الهدف من هذا الجيش كان تدمير موقع عسكري للأيوبيين في منطقة هربيا الواقعة شمال شرق غزة، ومن ثم الانطلاق لاحتلال مصر وتقسيم أراضيها فيما بينهم.
وضع هذا الجيش تحت قيادة والتر الرابع الذي كان كونت يافا وعسقلان، لينطلقوا من عكا في 4 أكتوبر/تشرين الأول 1244، ليصلوا إلى قرية هربيا حيث جرت المعركة في 17 من الشهر ذاته.
تألف الجيش الصليبي حينها من حوالي 1000 من الفرسان و6000 من جنود المشاة، إضافة إلى نحو 2000 خيال بدوي من الأردن تحت قيادة سنقر الظاهري.
في حين كان الجيش الأيوبي المصري بقيادة القائد ركن الدين بيبرس الصالحي (يجب عدم الخلط بينه وبين الظاهر بيبرس الذي أصبح سلطاناً) الذي كان أقل قوة وخبرة من خصومه.
بدأت المعركة في صباح يوم 16 أكتوبر/تشرين الأول 1244، عندما قام الفرسان الصليبيون بعمليات كر وفر لبعض مواقع الجيش الأيوبي الذي بقي متمسكاً بمكانه.
في صباح اليوم التالي، أرسل بيبرس الصالحي الخوارزميين إلى خط وسط الحلفاء لقتال القوات السورية واستطاعوا تدميرهم، قبل أن يذهبوا شرقاً للقضاء على القوات البدوية أيضاً.
ومن ثم هاجم رجال قبائل الخوارزميين مؤخرة وأجنحة القوات الصليبية، التي كانت تدافع عنها مشاة غير منظمة.
قاتل الفرسان المدججون بالسلاح بإصرار، واستغرق الأمر عدة ساعات حتى انهارت مقاومتهم، ومات أكثر من 16000 من الصليبيين، وأسر أكثر من 800 مقاتل، بما في ذلك والتر الرابع وويليام أوف تشاستلنوف، رئيس المستشفى، وشرطي طرابلس.
ومن بين قوات الفرسان، لم ينج سوى 33 من فرسان الهيكل، و27 من فرسان الإسبتارية، وثلاثة فرسان تيوتونيين؛ بينما كما هرب فيليب مونتفورت وبطريرك القدس روبرت نانت إلى عسقلان، وفقاً لما ذكره موقع Teutonic Order.
معركة غزة كانت بمثابة بداية نهاية الصليبيين
النصر الأيوبي على هذا التحالف الصليبي الكبير أدى إلى حالة من الانصعاق لدى الأوروبيين، وكان بمثابة علامة على انهيار وشيك للقوة الصليبية في الأراضي المقدسة؛ ما دفع البابا إنوسنت الرابع في مجمع ليون الأول عام 1245 إلى الدعوة إلى حملة صليبية جديدة وهي “الحملة السابعة”.
وفي عام 1249 قاد لويس التاسع ملك فرنسا الحملة السابعة ضد مصر في عهد السلطان الأيوبي الصالح نجم الدين أيوب، الذي توفي في أثناء احتلال الصليبيين لثغر دمياط شمال مصر.
بدأت الحملة باستيلاء الصليبيين على مدينة دمياط، ثم حاولوا الزحف نحو القاهرة، إلا أن قوات المماليك استطاعت إلحاق الهزيمة بهم عند مدينة المنصورة ثم فارسكور، وآلت الحملة إلى الفشل، وأُسِر الملك لويس التاسع، وانتهت برحيل الصليبيين عن مصر.
يشار اليوم إلى معركة غزة، على أنها أكبر نكسة للصليبيين منذ معركة حطين التي وقعت في 4 يوليو/تموز 1187، وذلك بسبب الهزيمة الساحقة ومقتل الكثير من النبلاء والمحاربين بمن في ذلك الآلاف من الفرسان المعروفين بقوتهم الكبيرة.