استمر القتال في قطاع غزة اليوم السبت لليوم الثاني بعد انهيار محادثات لتمديد الهدنة التي استمرت أسبوعا بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، وقال وسطاء إن القصف الإسرائيلي يعقد المحاولات الرامية لوقف القتال مرة أخرى.

وقال مراسلو رويترز في خان يونس بجنوب قطاع غزة إن المناطق الشرقية من المدينة تعرضت لقصف مكثف عند انتهاء سريان الهدنة بعد وقت قصير من فجر الجمعة وشوهدت أعمدة الدخان في السماء.

وخرج السكان إلى الشوارع فارين بحثا عن مأوى في الغرب وهم يحملون أمتعتهم على عربات.

وقالت إسرائيل إن قواتها البرية والجوية والبحرية ضربت أكثر من 200 “هدف إرهابي” في غزة. وبحلول مساء أمس الجمعة، قال مسؤولو الصحة في غزة إن الغارات الجوية الإسرائيلية أودت بحياة 184 شخصا وأصابت ما لا يقل عن 589 آخرين وأضرت بأكثر من 20 منزلا.

وفي وقت مبكر من اليوم السبت، انطلقت صفارات الإنذار في البلدات الإسرائيلية في غلاف غزة، لكن لم ترد تقارير عن وقوع أضرار جسيمة أو إصابات. وسُمعت في لقطات مصورة لغزة، تم التقاطها من جنوب إسرائيل، دوي انفجارات وظهر دخان يتصاعد في السماء.

وتبادلت إسرائيل وحماس الاتهامات بالمسؤولية عن انهيار الهدنة من خلال رفض شروط تمديد الإفراج اليومي عن الرهائن الذين يحتجزهم المسلحون مقابل إطلاق سراح فلسطينيين من السجون الإسرائيلية.

وقالت الأمم المتحدة إن القتال سيؤدي إلى تفاقم حالة الطوارئ الإنسانية الشديدة. وقال ينس لاركيه المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في جنيف إن “الجحيم على الأرض عاد إلى غزة”.

وقال منسق الإغاثة بالأمم المتحدة مارتن جريفيث “في غضون ساعات، وردت أنباء عن استشهاد وإصابة العشرات. وصدرت أوامر للعائلات بإخلاء منازلهم مرة أخرى. وتبددت الآمال”، مضيفا أن الأطفال والنساء والرجال في غزة “ليس لديهم مكان آمن للذهاب إليه‭‭‭‭‭‬‬‬‬ أو ما يكفي للعيش”.

وتم تمديد الهدنة التي بدأت في 24 نوفمبر تشرين الثاني مرتين، وقالت إسرائيل إنها يمكن أن تستمر إذا أطلقت حماس سراح عشر رهائن كل يوم. ولكن بعد سبعة أيام تم خلالها إطلاق سراح نساء وأطفال ورهائن أجانب، لم يتمكن الوسطاء من إيجاد صيغة للإفراج عن المزيد ومن بينهم جنود إسرائيليون ومدنيون.

واتهمت إسرائيل حماس برفض إطلاق سراح جميع النساء المحتجزات لديها. وقال مسؤول فلسطيني إن الانهيار حدث بعدما طلبت إسرائيل أن تطلق حماس سراح المجندات.

وتعهدت إسرائيل بالقضاء على حماس ردا على الهجوم الذي نفذته الحركة في السابع من أكتوبر تشرين الأول وأدى بحسب ما أعلنته إسرائيل إلى مقتل 1200 شخص واحتجاز 240 رهينة.

وردت إسرائيل على ذلك بقصف مكثف وغزو بري أدى إلى دمار كبير في معظم أنحاء القطاع الذي تحكمه حماس. ووفقا لبيانات السلطات الصحية الفلسطينية التي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة أدى الهجوم الإسرائيلي لاستشهاد ما يزيد على 15 ألفا من سكان غزة وفقدان آلاف آخرين.

 

* قطر تقول المفاوضات مستمرة

قالت قطر، التي لعبت دورا محوريا في جهود الوساطة، إن المفاوضات لا تزال مستمرة مع الإسرائيليين والفلسطينيين للعودة إلى الهدنة، لكن تجدد القصف الإسرائيلي لغزة يعقد جهود الوساطة.

وقال مسؤول إسرائيلي في واشنطن إن إطلاق سراح أكبر عدد ممكن من الرهائن يمثل “أولوية قصوى”.

وأضاف “لهذا السبب، وبموجب الشروط المتفق عليها، فإن إسرائيل مستعدة لتقديم هدن إضافية… يمكننا التفاوض بينما نواصل القتال”.

وقال سكان ومسؤولون من حماس إن مقاتليها المسلحين بقذائف صاروخية اشتبكوا مع القوات والدبابات الإسرائيلية في حي الشيخ رضوان في شمال مدينة غزة.

ووردت أنباء عن سقوط شهداء في جنوب لبنان، وهو بؤرة صراع أخرى بالنسبة لإسرائيل. وقالت الوكالة الوطنية للإعلام إن القصف الإسرائيلي أدى إلى استشهاد ثلاثة أشخاص أمس الجمعة.

وقالت جماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران والمتحالفة مع حماس إن اثنين من الضحايا كانا من مقاتليها. وأضافت أنها نفذت عدة هجمات على مواقع عسكرية إسرائيلية على الحدود.

وقال الجيش الإسرائيلي إن المدفعية قصفت مصادر إطلاق نار من لبنان وإن الدفاعات الجوية اعترضت عمليتي إطلاق.

ولم تتمكن رويترز من تأكيد أي من الروايات المتعلقة بميدان المعركة.

 

* تبادل الاتهامات بين الولايات المتحدة وحماس

قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن في مؤتمر صحفي في كاليفورنيا “سنواصل العمل مع إسرائيل ومصر وقطر في الجهود الرامية إلى العودة إلى التهدئة”، ملقيا باللوم على حماس بسبب عدم الوفاء بشروط إطلاق سراح الرهائن وشن هجوم في القدس.

وقال السناتور مارك وارنر الذي يرأس لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ لرويترز إنه ينبغي لواشنطن أن تمارس ضغوطا على إسرائيل.

وأضاف “علينا أن ندفع إسرائيل إلى إدراك أن هذا ليس صراعا عسكريا فحسب، بل إنه صراع على قلوب وعقول الناس في العالم والناس في الولايات المتحدة”.

واتهمت حماس واشنطن بإعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل لشن “حرب إبادة جماعية وتطهير عرقي”.

وقالت في بيان “اليوم تردد بكل وقاحة الأكاذيب الصهيونية التي تحمل حماس مسؤولية استئناف الحرب وعدم تمديد التهدئة الإنسانية”.

وقال مسؤول أمريكي كبير إن الولايات المتحدة تعكف على وضع خطة مع إسرائيل لتقليل الأضرار التي قد تلحق بالمدنيين في أي عملية عسكرية في جنوب غزة.

وقال مسعفون وشهود إن القصف أمس الجمعة كان على أشده في خان يونس ورفح بجنوب القطاع. ويلجأ مئات الآلاف من سكان غزة إلى هناك بسبب القتال الدائر في الشمال.

وأسقط الجيش الإسرائيلي منشورات على المناطق الشرقية في خان يونس تأمر سكان أربع بلدات بالإخلاء، ليس إلى مناطق أخرى في المدينة كما حدث من قبل ولكن جنوبا إلى مدينة رفح.

وجاء في المنشورات المكتوبة باللغة العربية “عليكم الإخلاء فورا والتوجه إلى الملاجئ في منطقة رفح. مدينة خان يونس هي منطقة قتال خطيرة. لقد أعذر من أنذر”.

ونشرت إسرائيل رابطا لخريطة تظهر غزة مقسمة إلى مئات المناطق، وقالت إنها ستستخدم في المستقبل لتحديد المناطق الآمنة.

وفي رفح، أخرج سكان عدة أطفال صغار ملطخين بالدماء ويغطيهم الغبار من منزل تعرض للقصف. وقال ابن صاحب المنزل إنه يؤوي نازحين من مناطق أخرى.