منذ النكبة وإعلان استقلالها عام 1948، اتجهت إسرائيل لتنفيذ عمليات اغتيال طالت عددا هاما من العسكريين والسياسيين والعلماء العرب.

فأملا في وقف البرنامج النووي العراقي زمن صدام حسين، لم تتردد المخابرات الإسرائيلية باغتيال عالم الذرة المصري الأصل يحيى المشد.

وبالعام 1989، توفي المهندس المصري سعيد السيد بدير، المختص بمجال الاتصالات والأقمار الإصطناعية، بشكل غامض. وعلى الرغم من عدم نجاح المحققين في فك لغز وفاته بدقة، يرجح كثيرون مقتله على يد الموساد الإسرائيلي.

إضافة لهؤلاء العلماء، اتجه الموساد الإسرائيلي لاغتيال الأدباء. فبعد وائل زعيتر الذي اغتيل عام 1972 بروما، يذكر التاريخ الروائي والكاتب الفلسطيني الأصل غسان كنفاني، المصنف كأهم الأدباء الفلسطينيين، الذي اغتيل ببيروت سنة 1972.

مسيرة غسان كنفاني

ولد غسان كنفاني بعكا يوم 9 نيسان/أبريل 1936.

صورة لغسان كنفاني
صورة لغسان كنفاني

كان والده محمد فايز عبد الرزاق محاميا معروفا، شارك بالحركات الوطنية الفلسطينية، وناضل ضد الوجود البريطاني وسياسة هجرة اليهود.

وبسبب ذلك، تعرض للاعتقال وسجن مرات عدّة.

تلقى غسان كنفاني تعليمه الابتدائي بيافا بالمدرسة الكاثوليكية الفرنسية. وهنالك، أتقن الأخير اللغة الفرنسية.

مع اندلاع الحرب العربية الإسرائيلية سنة 1948، أجبرت عائلة غسان كنفاني على مغادرة الأراضي الفلسطينية رفقة عدد كبير من النازحين.

وبادئ الأمر، استقرت العائلة لفترة وجيزة بلبنان قبل أن تنتقل للعيش بسوريا.

بدمشق، حاول والد غسان كنفاني مواصلة عمله كمحام، وبسبب الدخل الضئيل، أجبر أبناءه على العمل لتلبية حاجيات العائلة.

أنهى غسان كنفاني دراسته الثانوية بإحدى مدارس الأونروا، التابعة للأمم المتحدة، المخصصة للأطفال الفلسطينيين.

وعام 1952، حصل الأخير على شهادة سمحت له بالتدريس.

صدام حسين رفقة عدد من العلماء والمختصين النوويين
صدام حسين رفقة عدد من العلماء والمختصين النوويين

حتى وفاته، ألّف غسان كنفاني نحو 18 كتابا وكتب عددا كبيرا من المقالات بالثقافة والسياسة حول القضية الفلسطينية.

وبحسب العديد من المصادر، جمعت رواياته وكتاباته بمجلد، عقب وفاته، وترجمت لنحو 20 لغة.

كما مثّل غسان كنفاني عضوا وناطقا رسميا باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وانضم عام 1953 لحركة القوميين العرب عقب لقائه بجورج حبش.

وقد انتقل كنفاني نحو الكويت حيث عمل بمجال التدريس قبل أن يتجه نحو لبنان ليعمل لصالح مجلة الحرية. لاحقا، أصبح غسان كنفاني رئيس تحرير جريدة المحرر اللبنانية وانتقل فيما بعد للعمل لصالح جريدة الأنوار تزامنا مع تأسيسه لصحيفة الهدف الناطقة باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

اغتيال غسان كنفاني

عقب عملية مطار اللد أواخر أيار/مايو 1972 والتي قتل خلالها 26 إسرائيلي، اتجهت إسرائيل للانتقام من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي تعاونت مع مقاتلي الجيش الأحمر الياباني لتنفيذها.

صورة لـ غسان كنفاني
صورة لـ غسان كنفاني

وبسبب ذلك، مثّل غسان كنفاني واحدا من أبرز الشخصيات التي طالب الموساد بتصفيتها حيث ضايقت كتاباته ونشاطاته العديد من المسؤولين الإسرائيليين.

ويوم 8 تموز/يوليو 1972، استعد غسان كنفاني لركوب سيارته التي كانت من نوع أوستن 1100 (Austin 1100) من إنتاج مؤسسة بريتش ليلاند (British Leyland). ولم يكن يعلم أن الموساد قد وضع له قنبلة، بلغ وزنها 3 كيلوغرامات، متصلة بالمفتاح.

ومع تشغيل المحرك، انفجرت سيارة غسان كنفاني ليفارق الحياة برفقة ابنة أخته لميس نجم البالغة من العمر حينها 17 سنة.