يعد استخدام المكونات الإقليمية والموسمية، واحدا من نقاط قوة المطبخ الفرنسي. ويتميز في ذلك المطبخ الريفي تحديدا، حيث ولدت العديد من الأطباق المميزة والمشهورة عالميا بعيدا عن أضواء المدينة.

ويقول إيف ستابيل، وهو طاه ومالك لمطعم في “أنيس-إي-بوليو” بمنطقة بيريجور في جنوب غرب البلاد، “إننا محظوظون في فرنسا، لأن هناك مناطق زراعية مختلفة كل 100 كيلومتر تقريبا، ويمكن أن يعرف المرء ذلك من خلال الهندسة المعمارية، وأيضا تقاليد الطهي الخاصة بالمكان”.

ويوضح ستابيل، “لدينا منتجات متنوعة، إلا أن كل منتج يتم إعداده بشكل مختلف تماما بحسب المنطقة؛ فكل منطقة، من الشمال وحتى الجنوب، لها تخصصاتها وما يميزها”.

ويضيف خبير المطبخ الريفي الفرنسي، “تقع فرنسا على بحر ومحيط، وهما البحر المتوسط والمحيط الأطلسي. ولكن في نورماندي أو بريتاني، يتم إعداد الأسماك بشكل مختلف تماما عما هو عليه في منطقة الريفييرا”.

في نورماندي، تعتبر الزبدة والقشدة مكونين أساسيين في إعداد الطعام، أما في منطقة الريفييرا، فيكتسب زيت الزيتون أهمية كبيرة، ويستخدم لإثراء سلسلة كاملة من الأطباق المميزة.

وعلى سبيل المثال، تشتهر منطقة بيريجور بطبق البط كونفي دو كانار، وفي الألزاس هناك طبق الشوكروت، وفي كان ونيس نجد طبق البيسالاديير وهي إحدى أنواع البيتزا، إضافة إلى سلطة النيسواز. وفي تولوز، هناك الكاسوليت، وهو طبق مصنوع من الفاصوليا البيضاء، وفق ستابيل.

أما البط، فيعد جزءا لا غنى عنه في مطبخ بيريجور، حيث يتم تحضير كل شيء تقريبا باستخدام دهنه.

ولتحضير طبق “كونفي دو كانار”، يقوم ستابيل بنقع أرجل البط في ماء مملح مع أوراق الغار، وبذور الكزبرة لمدة 24 ساعة، ثم يقوم بطهيها ببطء في دهن البط وحفظها في برطمانات.

ثم أخيرا، يقوم بتحميرها في الفرن، للحصول على اللون الذهبي والقرمشة المميزين، قبل أن يقدمها مع البطاطس.

ويقول عن هذا الطبق الشهي، “إنه طبق عائلي نموذجي… ورغم أنه من السهل جدا تحضير الـ(كونفي دو كانار)، أقول دائما إن ما هو بسيط لا يمكن أن يكون عاديا”.

طبق الفقراء الذي أصبح عالميا

من ناحية أخرى، تعيش المدوّنة المتخصصة في شؤون الطعام والمؤلفة ساندي نويمان مع زوجها منذ عام 2018 بمنزل قديم في توشان، وهي قرية صغيرة في أوكسيتانيا بجنوب فرنسا.

وتقول نويمان، التي تعتبر نفسها “سفيرة الطهي لفرنسا”، إن الأطباق التقليدية عادة ما تكون بسيطة، وكانت نشأتها نتيجة الحاجة إليها.

ويعتبر حساء الـ”بولابيز” الذي تشتهر به مرسيليا، مهما جدا، حيث تقول نويمان، التي تتميز بتحضير حساء سمك شهي خاص بها على غرار حساء الـ “بولابيز”، إنه “كان في الأصل طبقا أعد خصيصا للصيادين الفقراء، وكان يتم صنعه مما تبقى من صيد اليوم”.

ويتطلب إعداد الحساء، إلى جانب السمك المطهي جيدا، بلح البحر، وأحيانا القشريات، ويتم إعداده في مرق، يكون مزيجا من الطماطم والبصل والثوم والشمر والزعفران. ويصاحبه بشكل كلاسيكي، صلصة الرويل المصنوعة من الثوم، وزيت الزيتون والزعفران والخبز.

كما توضح نويمان سوء فهم بشأن “سلطة نيس” الشهيرة، والتي تحمل اسم المدينة الواقعة على البحر المتوسط، فتقول “لقد كان هناك جدل منذ فترة طويلة بشأن ما يشتمل عليه إعداد طبق (سلطة نيسواز) جيد. لقد كان في الأصل طبقا للفقراء، وكان يتكون من الطماطم وزيت الزيتون والزيتون والأنشوجة؛ كما تتم إضافة الخضروات، وفقا لخضروات الموسم”.

أما اليوم، فتحتوي سلطة نيسواز “الحقيقية” على أوراق الخس الأخضر والطماطم والفلفل الأخضر أو الأحمر والفجل والبصل الأخضر والخرشوف الأرجواني، مع بيض مسلوق جيدا وزيتون أسود صغير. كما تتم إضافة شرائح الأنشوجة المتبلة بزيت الزيتون والخل والملح والفلفل.

ومن المعتاد أن يتم تقديم سلطة نيسواز الفرنسية في طبق عميق كبير.