قد تجد أنه من السهل العثور على الفكاهة في لحظات الحياة المضحكة، لكن القدرة على الضحك على نفسك ليست دائما بهذه السهولة. ومع ذلك فإن الاستخفاف بعيوبك وحوادثك وتحديات حياتك يمكن أن يكون له عدد من الفوائد.
وعلى الرغم من أن الأمر قد يبدو مفاجئا، فإن القدرة على السخرية من نفسك يمكن أن تكون أمرا جيدا لاحترامك لذاتك، بل إنه قد يحسن علاقاتك ويساعدك على التعامل بشكل أكثر فعالية مع التحديات التي تفرضها عليك الحياة.
يقول الدكتور أحمد الشخانبة دكتور الصحة النفسية: “يتعرض الإنسان أحيانا إلى ضغوط نفسية، وهذه الضغوط تؤدي بدورها إلى اختلال في التوازن النفسي والصحي للإنسان، خصوصا إذا طالت فترة هذه الضغوط أو كانت شديدة الدرجة، عندها تبرز حاجة الإنسان للتكيف أو التعامل مع هذا الضغط للتخلص أو للتخفيف من آثاره السلبية”.
وتتسبب الضغوط في ظهور أعراض صحية جسدية ونفسية لديه، مثل:
- صعوبة النوم.
- فقدان الشهية.
- سرعة الانفعال.
- سرعة الغضب.
- ارتجاف اليدين.
ومن الإستراتيجيات التكيفية الضحك أو السخرية من الموقف، وهي إستراتيجية مفيدة وفاعلة، شرط عدم المبالغة في استخدامها أو الحرص على أن لا يؤثر استخدامها في قدراتنا على القيام بوظائفنا الحياتية. وتعمل هذه الإستراتيجية على تخفيف الألم النفسي وردة الفعل السلبية الناتجة عن الموقف الضاغط بالضحك والسعادة.
يقول الدكتور الشخانبة: “فرق كبير جدا بين السخرية من الذات والسخرية من الموقف، فالسخرية من الذات تؤدي إلى انخفاض تقدير الذات (الشعور بالدونية والنقص)، وتؤدي إلى تعميق الشعور بالاكتئاب، في حين أن السخرية من الموقف تؤدي إلى تحسين المشاعر نحو هذا الموقف الضاغط وزيادة تقبله”.
ويضيف: نحن كأخصائيين نفسانيين ننصح الناس دائما بلوم أو نقد الموقف أو الحدث وليس نقد الذات، فمثلا إذا أضاع الشخص مفاتيح سيارته ينتقد السبب الذي أدى إلى ذلك مثل الأشغال الكثيرة لهذا اليوم، وليس نقد ذاته بأنها غبية أو مغفلة ولو على سبيل المزاح أو الضحك.
ويعلل: لأن ذلك قد يصبح عادة ويُختزن في اللاشعور، ويؤدي لأضرار على الصحة النفسية، فنقد الموقف السلبي والضحك منه مفيد جدا شرط عدم المبالغة فيه، ونقد الذات والسخرية منها سلبي لا ينصح به.
اعتقاد خاطئ
وبدوره يقول الدكتور أسامة كنعان المختص في الطب النفسي: كان لدى العلماء في السابق اعتقاد بأن السخرية من النفس لها آثار سلبية على الصحة النفسية، وهذا ما تم نفيه من قبل باحثين، فقد لوحظ وجود ارتباط واضح بين الحرص على السخرية من النفس ودرجات عالية من السلام النفسي وزيادة السعادة والرضا عن النفس والثقة في النفس وزيادة الروح الاجتماعية.
ويضيف: يوجد مقولة شعبية أن “الجميع يرتكبون الأخطاء، والنظر إليهم بروح الدعابة يمكن أن يجعل التعامل معهم أسهل.
فوائد السخرية من النفس
ويعدد الدكتور كنعان فوائد السخرية من النفس، ومنها:
- تعزيز الثقة بالنفس: عندما تكون قادرا على قبول نقاط الضعف والأخطاء في شخصيتك والضحك منها، فإن هذا يمكن أن يزيد من ثقتك بنفسك، فهو يظهر أنك لا تأخذ نفسك بجدية دائما وأنك تستطيع التحلي بروح الدعابة.
- تقليل التوتر والضغط النفسي: عندما تكون قادرا على الضحك من نفسك ومواقفك، فهذا يمكن أن يقلل من التوتر والضغط النفسي. وإذا كان لديك القدرة على التحلي بروح الدعابة تجاه نفسك، فقد تكون أقل عرضة للتوتر في المواقف الصعبة.
- تحسين العلاقات الاجتماعية: القدرة على الضحك من نفسك يمكن أن تجعلك شخصا أكثر جاذبية وسهولة في التعامل. وإذا كنت قادرا على الضحك من نفسك بروح إيجابية ودون أن تنقص من قيمتك، فقد تكون هذه الصفة محل تقدير من الآخرين.
ومع كل هذه الإيجابيات فإنه يجب أن يتم استخدام السخرية من النفس بحذر، وفق الدكتور كنعان، معللا ذلك بأن هذه السخرية إذا لم تُستخدم بشكل صحيح فيمكن أن تؤدي إلى تقويض الصورة الذاتية وتقليل الثقة بالنفس. وعليه فإنه ينبغي عليك أن تتأكد من أن السخرية من نفسك لا تتجاوز الحدود، وأن لا تكون مدمرة لصورتك الذاتية.
وفي المحصلة كما يقول الدكاور كنعان، فإنه على الرغم من أن السخرية من النفس ليس بالأمر السهل دائما، فإنها يمكن أن تكون أداة قيمة لتعزيز احترام الذات وتكوين صداقات وتقليل التوتر.
ولحسن الحظ، هناك بعض الأشياء التي يمكنك القيام بها للعثور على الفكاهة في خصائصك وسلوكياتك ومراوغاتك، وهذه بعضها وفق ما نشر موقع “فري ويل مايند”:
- لا تأخذ نفسك على محمل الجد: وهذه إحدى أفضل الطرق للسخرية من النفس، فلا تأخذ نفسك على محمد الجد في المقام الأول، وإذا تمكنت من تعلم الضحك على نفقتك الخاصة، فسيكون السخرية من نفسك أسهل بكثير.
- ابحث عن الفكاهة في الأخطاء والحوادث: أحيانا يكون السخرية من نفسك أمرا بسيطا مثل العثور على الفكاهة في أخطائك. وعندما تتمكن من رؤية الجانب المضحك من الأشياء، يصبح السخرية من النفس أسهل بكثير.
- استخدم الفكاهة التي تستنكر الذات بحكمة: في حين أن السخرية من نفسك يمكن أن يكون لها بعض الفوائد، فمن المهم استخدام الفكاهة التي تستنكر الذات باعتدال. وإذا كنت تسخر من نفسك أكثر من اللازم، فقد يبدو ذلك بمثابة اصطياد المديح أو التقليل من شأن نفسك.