جاءت دعوات المقاطعة خلال الأسابيع الماضية، كونها وسيلة شعبية للتعبير عن رفض سياسات الدول والشركات العملاقة الداعمة لإسرائيل في عدوانها على قطاع غزة، في وقت يواجه فيه دخول المساعدات الإغاثية والعلاج عبر المعابر الكثير من العقبات.

وفي الوقت الذي يتظاهر فيه الملايين من مختلف أنحاء العالم لوقف إطلاق النار على غزة، وإيقاف المجازر الجماعية ضد المدنيين، وجدت قطاعات من الشعوب العربية والمسلمة في المقاطعة سلاحا طويل المفعول، قد ينجح في إيصال أصوات الاحتجاجات لأصحاب القرار.

وتعرّف المقاطعة والنبذ الجماعي والمنظم بأنها أداة احتجاج على ممارسات تعدّ غير عادلة. وذكرت جامعة كانساس الأميركية أن تداول كلمة “مقاطعة” بدأ لأول مرة في أواخر القرن التاسع عشر، عندما قرر آلاف المستأجرين الأيرلنديين للتعبير عن غضبهم ورفضهم لسياسات التأجير المجحفة التي ينتهجها وكيل الأراضي الإنجليزي، ورفضوا استئجار الأراضي حتى تحقيق مطالبهم.

واستخدمت أداة المقاطعة عبر التاريخ من قبل المنظمات العمالية كتكتيك للحصول على أجور وظروف عمل محسنة من قبل الإدارة وأصحاب العمل.

كما انتهجت مجموعات وحركات الحقوق المدنية في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، المقاطعة واعتمدتها أداة اجتماعية وسياسية في الولايات ضد الشركات التي تمارس التمييز العنصري ضد السود بهدف الضغط عليها.

ومن أشهر الحملات عبر التاريخ التي أتت بثمارها تلك الحملة التي نظمها ناشطون في جنوب أفريقيا لإنهاء نظام الفصل العنصري، التي بدأت من بريطانيا عام 1959 واستمرت حتى إلغاء هذا النظام في 1994.

وخلال تلك السنوات دعت الحركة الحكام والشعوب إلى مقاطعة منتجات جنوب أفريقيا للضغط على حكومتها لوقف نظامه العنصري، وشارك الأوروبيون في الضغط على المحال التجارية لوقف بيع منتجات جنوب أفريقيا، وأجبر الطلاب البريطانيون بنك “باركليز” على الانسحاب من دولة الفصل العنصري، في حين فرضت الحكومة الأيرلندية حظرا كاملا على واردات جنوب أفريقيا، ورفض أغلب الفنانين آنذاك المشاركة في أي أحداث تدعم نظام الفصل العنصري.

وانتشرت الحملة بشكل واسع وغير متوقع، وبحلول منتصف الثمانينيات، كانت حملة المقاطعة يشارك بها 25% من البريطانيين، وأثرت تأثيرا بالغا جعل إنهاءها هو نقطة التفاوض الكبرى التي طالبت بها الحكومة مقابل إلغاء نظام الفصل العنصري.