عندما طلبت إسرائيل من سكان غزة مغادرة منازلهم في القطاع الفلسطيني المكتظ بالسكان قبل هجوم بري متوقع، استذكرت فوزية شاهين (90 عاما) فصلا مظلما محفورا في وعي الفلسطينيين.

تحمل فكرة المغادرة أو الطرد من الأرض التي يريدون إقامة دولتهم عليها أصداء “النكبة” عندما فر الكثير من الفلسطينيين أو أجبروا على ترك منازلهم خلال حرب 1948 التي صاحبت قيام إسرائيل.

وقالت فوزية شاهين وهي تجلس في منزلها مع أحفادها تحت وطأة القصف الإسرائيلي المتواصل ونقص الخبز ومياه الشرب وانقطاع الكهرباء “مهما حدث لن نغادر. يضربوننا لكننا لن نترك منازلنا ولن نرحل”.

أمهلت إسرائيل سكان النصف الشمالي من قطاع غزة حتى صباح السبت للتحرك جنوبا. وقالت في وقت لاحق إنها ستضمن سلامة الفلسطينيين الفارين على طريقين رئيسيين حتى الساعة الرابعة عصرا (1300 بتوقيت جرينتش). ومع انقضاء الموعد النهائي، كانت القوات تحتشد حول قطاع غزة.

وقالت فوزية شاهين التي تعيش في زقاق داخل مخيم خان يونس للاجئين “تذكرت يوم تهجيرنا أول مرة وما يحدث لنا الآن. أمريكا هي السبب في كل هذا وكذلك الدول التي طبعت العلاقات مع اليهود (إسرائيل)”.

وأضافت “حتى لو تدخلت أمريكا أو إسرائيل أو أي دولة أخرى، فسنبقى في أماكننا ولن نترك منازلنا”.

نزحت فوزية شاهين في الأصل من قرية المجدل وانتهى بها المطاف في غزة، التي أصبحت الآن واحدة من أكثر الأماكن اكتظاظا بالسكان في العالم. وعاصرت حروب 1948 و1956 و1967 و1973 والصراعات بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس).

وتعرض نحو 700 ألف فلسطيني، أي نصف السكان العرب في فلسطين التي كانت تحت الحكم البريطاني، للتشريد والتهجير ونزح الكثير منهم إلى الدول العربية المجاورة حيث يقيمون هم أو العديد من أحفادهم. ولا يزال العديد منهم يعيشون في مخيمات اللاجئين.

وترفض إسرائيل الاعتراف بحقيقة طرد الفلسطينيين، مشيرة إلى إنها تعرضت للهجوم من خمس دول عربية بعد إنشائها.

 

*سنموت هنا”

تشن إسرائيل قصفا مكثفا، وتعهدت بالقضاء على حركة حماس التي تسيطر على غزة ردا على هجوم مقاتليها الذين اقتحموا بلدات إسرائيلية قبل أسبوع، وقتلوا المدنيين بالرصاص وعادوا إلى القطاع مع عشرات من الرهائن. وقُتل نحو 1300 شخص في أسوأ هجوم على المدنيين في تاريخ إسرائيل.

وتصف إسرائيل أمر الإخلاء بأنه لفتة إنسانية لحماية السكان من الأذى بينما تعمل على القضاء على مقاتلي حماس. وتقول الأمم المتحدة إنه لا يمكن نقل هذا العدد الكبير من الأشخاص بأمان داخل الجيب المحاصر دون التسبب في كارثة إنسانية.

وفر مئات الآلاف من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة من منازلهم لكنهم ظلوا داخل القطاع الواقع بين إسرائيل ومصر ويطل على البحر المتوسط.

ويشكل مصير اللاجئين الفلسطينيين إحدى القضايا الشائكة في عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية المتوقفة. ويقول الفلسطينيون والدول العربية إن الاتفاق يجب أن يشمل حق هؤلاء اللاجئين وأحفادهم في العودة، وهو ما ترفضه إسرائيل دائما.

ويشتبه شحاتة أبو دراز (80 عاما) في وجود مؤامرة أمريكية إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين إلى مصر، على الرغم من أن مصر لم تشر إلى أنها ستفتح أبوابها أمام السكان الفارين من غزة.

وأضاف “نقول لأمريكا وإسرائيل ومن يقف معها إننا لن نخرج من قطاع غزة أبدا. سنموت هنا”.

وتابع “لقد احتلت إسرائيل أرضنا عام 1948 وحتى الآن، وسنخوض معركة ضد إسرائيل إلى الأبد”.

وقال “على كل شعب يرزح تحت الاحتلال أن يقاوم الاحتلال مهما كان الثمن”.