استعدت القوات الإسرائيلية اليوم الأحد لهجوم بري على قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في إطار رد إسرائيل على هجوم غير مسبوق على أراضيها نفذته الحركة، فيما حذرت إيران من “عواقب واسعة النطاق” إذا لم يتوقف القصف الإسرائيلي.
وتعهدت إسرائيل بالقضاء على حركة حماس ردا على الهجوم الذي اقتحم فيه مقاتلو الحركة بلدات إسرائيلية في مطلع الأسبوع الماضي وأطلقوا النار واحتجزوا رهائن في أسوأ هجوم على المدنيين في تاريخها.
وقُتل حوالي 1300 شخص في الهجوم المباغت الذي أصاب إسرائيل بحالة من الصدمة بعد انتشار مقاطع مصورة عبر الهواتف المحمولة وتقارير طواقم الإسعاف والإغاثة عن “فظائع” ارتكبت في البلدات والتجمعات السكنية التي اجتاحها مسلحو حماس.
وردت إسرائيل بأعنف قصف على الإطلاق على قطاع غزة وفرض الحصار الكامل على الجيب الساحلي الذي يقطنه 2.3 مليون وتدمير جزء كبير من بنيته التحتية.
ولم يبدأ الهجوم البري المتوقع حتى صباح اليوم الأحد.
وقال مسؤول أمريكي إن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن عقد اجتماعا مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الرياض الساعة 7:30 صباحا (0430 بتوقيت جرينتش) في إطار سعيه مع حلفاء بالمنطقة للحيلولة دون تحول الحرب إلى صراع أوسع ومحاولة إطلاق سراح الرهائن.
وقال بلينكن إن اجتماعه في الرياض مع ولي العهد السعودي كان “مثمرا للغاية”.
جاء ذلك في إجابة من بلينكن على سؤال من مراسل رويترز لدى عودته للفندق الذي يستضيف الوفد الأمريكي في الرياض. وقال مسؤول أمريكي إن اجتماعه مع ولي العهد استمر ما يقل قليلا عن الساعة.
وقالت السلطات في غزة إن أكثر من 2300 شخص قتلوا، ربعهم من الأطفال، وأصيب نحو عشرة آلاف. وبحث عمال الإنقاذ باستماتة عن ناجين من الضربات الجوية الليلية. وتردد أن مليون شخص تركوا منازلهم.
كما حذرت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جماعة حزب الله اللبنانية ألا تبدأ حربا على جبهة ثانية، وهددت “بتدمير لبنان” إذا فعلت ذلك.
واتهم مسؤول إسرائيلي كبير اليوم الأحد إيران بمحاولة فتح جبهة ثانية من خلال نشر أسلحة داخل سوريا أو عبرها وذلك ردا على تدوينة على منصة إكس افترضت حدوث هذا الأمر.
وكتب جوشوا زاركا رئيس إدارة الشؤون الاستراتيجية بوزارة الخارجية الإسرائيلية “إنهم (الإيرانيون)”.
وحذرت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة في ساعة متأخرة من مساء أمس السبت من أنه إذا لم يتم وقف “جرائم الحرب والإبادة الجماعية” التي ترتكبها إسرائيل على الفور، فإن “الوضع قد يخرج عن السيطرة” وتكون له عواقب واسعة النطاق.
وتحظى حماس وحزب الله بدعم إيران.
وقالت حماس في بيان إن رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية التقى بوزير الخارجية الإيراني أمس السبت في قطر حيث ناقشا الهجوم الذي نفذته الحركة الفلسطينية في إسرائيل و”أكدا التعاون المستمر لإنجاز أهداف المقاومة والشعب الفلسطيني”.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه قتل خلال ضربة جوية لخان يونس قائدا من قوات النخبة بحركة حماس قاد هجوم السابع من أكتوبر تشرين الأول على قريتي نيريم ونير عوز الحدوديتين.
وحذر الرئيس الأمريكي جو بايدن وغيره من زعماء العالم من إقدام أي دولة على توسيع نطاق الصراع. ودعت المنظمات الدولية وجماعات الإغاثة إلى الهدوء، وتضغط على إسرائيل للسماح بدخول المساعدات الإنسانية.
وفي نيويورك طلبت روسيا من مجلس الأمن الدولي التصويت غدا الاثنين على مشروع قرار بشأن الصراع بين إسرائيل وحماس يدعو إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية ويدين العنف ضد المدنيين وجميع أعمال الإرهاب.
* تحذيرات من اتساع نطاق الصراع، ودعوات لتقديم المساعدات
اتصل بايدن أمس السبت بنتنياهو، وبينما أكد دعمه “الراسخ” لإسرائيل، ناقش التنسيق الدولي لضمان حصول المدنيين الأبرياء على المياه والغذاء والرعاية الطبية.
وتحدث بايدن أيضا مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي شدد على الحاجة الملحة لفتح ممرات أمام المساعدات الإنسانية العاجلة في غزة.
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية إن المجموعة الهجومية لحاملة الطائرات آيزنهاور ستبدأ التحرك نحو شرق البحر المتوسط للانضمام إلى مجموعة حاملة طائرات أخرى موجودة بالفعل.
وقال وزير الدفاع لويد أوستن إن ذلك “جزء من جهودنا لردع الأعمال العدائية ضد إسرائيل أو أي جهود لتوسيع نطاق هذه الحرب في أعقاب هجوم حماس على إسرائيل”.
وطلب الجيش الإسرائيلي يوم الجمعة من سكان النصف الشمالي من قطاع غزة، الذي يضم مدينة غزة، أكبر مدينة في القطاع، التحرك جنوبا على الفور.
وقال أمس السبت إنه سيضمن سلامة الفلسطينيين الفارين على طريقين رئيسيين حتى الساعة الرابعة عصرا (1300 بتوقيت جرينتش). واحتشدت القوات مع انقضاء المهلة.
وطلبت حماس من الناس عدم المغادرة، قائلة إن طرق الخروج غير آمنة. وأضافت أن عشرات الأشخاص قتلوا في ضربات على سيارات وشاحنات تقل لاجئين يوم الجمعة، وهو ما لم تتمكن رويترز من التحقق من صحته بشكل مستقل.
وقال بعض السكان إنهم لن يغادروا، واستعادوا ذكرى “النكبة” عندما أُجبر الكثير من الفلسطينيين على ترك منازلهم خلال حرب عام 1948 التي صاحبت قيام إسرائيل.
وقالت سيدة تجلس في منزلها مع أحفادها في مواجهة القصف الإسرائيلي المتواصل ونقص الخبز ومياه الشرب والكهرباء “لن نترك منازلنا ولن نهجّر”.
وتقول إسرائيل إن حماس تمنع الناس من المغادرة لاستخدامهم دروعا بشرية، وهو ما تنفيه حماس.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية في ساعة مبكرة من صباح اليوم الأحد، إن 300 شخص، معظمهم من الأطفال والنساء، استشهدوا وأصيب 800 في غزة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.
والطريق الوحيد للخروج من غزة ولا يخضع للسيطرة الإسرائيلية هو معبر رفح الذي يفصل القطاع عن مصر. وتقول القاهرة رسميا إن الجانب المصري من المعبر مفتوح، لكن حركة المرور متوقفة منذ أيام بسبب الضربات الإسرائيلية. وأعلنت مصادر أمنية مصرية أنه يجري تعزيز الأمن على الجانب المصري وأن القاهرة ليس لديها نية لقبول تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين.
وقال مسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية إن الولايات المتحدة تعمل على فتح المعبر للسماح لبعض الأشخاص بالخروج وإنها على اتصال بأمريكيين من أصل فلسطيني يريدون مغادرة غزة. وقالت واشنطن في وقت لاحق إنها طلبت من مواطنيها محاولة الوصول إلى المعبر.
وتقول إسرائيل إن أمر الإخلاء هو بادرة إنسانية بينما تعمل على القضاء على مقاتلي حماس. وتقول الأمم المتحدة إنه لا يمكن نقل عدد كبير من الأشخاص بشكل آمن داخل غزة دون التسبب في كارثة إنسانية.
* تحذير حزب الله
صاحب العنف في غزة أشرس اشتباكات على الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان منذ عام 2006، مما أثار مخاوف من امتداد الحرب إلى جبهة أخرى.
وقال حزب الله إنه أطلق صواريخ موجهة وقذائف مورتر على خمس مواقع إسرائيلية في منطقة مزارع شبعا المتنازع عليها. وشاهدت رويترز إطلاق صواريخ على موقع للجيش الإسرائيلي وسمعت قصفا من إسرائيل وإطلاق نار.
وذكرت هيئة البث الإسرائيلية العامة (راديو كان) أنه جرى تأمين خمس قرى حدودية تحسبا لتوغل من لبنان.
وقال تساحي هنجبي مستشار الأمن القومي الإسرائيلي إن إسرائيل “تحاول عدم الانجرار إلى حرب على جبهتين”، وطالب حزب الله بالبقاء بمنأى عن القتال.
وأضاف “نأمل ألا يتسبب حزب الله فعليا في تدمير لبنان، لأنه إذا اندلعت حرب فلن تكون النتيجة أقل من ذلك”، في إشارة إلى التهديدات الإسرائيلية المستمرة منذ فترة طويلة بشن ضربات مكثفة على لبنان.