في اليوم الثامن من يوليو/تموز 2010 كانت سيارات الإسعاف تعمل على مدار اليوم لنقل عدد من جمهور حفل “ملكة البوب” ليدي غاغا، بعدما راحوا يتساقطون بأعراض تراوحت بين الصرع والإجهاد الحراري والتشنجات، حتى إن إحدى العاملات بخدمة الطوارئ ذكرت أنها وزميلتها أسعفتا وحدهما حوالي 20 شخصا، في الحفل الذي ضم الآلاف، جاء بعضهم من أماكن بعيدة، لرؤية غاغا.

وتتكرر القصة باستمرار مع تفاصيل مختلفة، لكن تبقى حالات التشنج والهيستريا الجماعية قاسما مشتركا بين الحفلات الجماعية الضخمة، لا تختلف في دول الغرب عنها في الشرق، وقد تكرر الأمر بأكثر من طريقة كما هو الحال في حفلات تامر حسني في لبنان، أصالة نصري في الكويت، عمرو دياب وأحمد سعد ومحمد حماقي في القاهرة.

وللسبب نفسه يتم إنهاء العديد من الحفلات قبل موعدها، كما جرى مع حفل الهالويين (عيد الهلع) بمدينة إشبيلية الإسبانية في العام 2022 بسبب حالات الإغماء الكثيرة.

تتعدد التأويلات بين سوء التنظيم والأجواء الحارة والتدافع، لكن وجهات نظر أخرى تتحدث عن نوعية التردد الموسيقى المستخدم، وصولا إلى المس الشيطاني، والهيستريا الجماعية، فما الأسباب الحقيقية؟

يعزو الموسيقار المصري شريف نور حالات الهيستريا الجماعية وما يتبعها من تشنجات، وإغماءات في الحفلات الصاخبة لنجوم الموسيقى على مستوى العالم، إلى استعمال ذبذبة 443 هرتزا، أو أعلى منها في الحفلات.

وضرب مثلا على ذلك بحفلات ترافيس سكوت، قائلا إنه من المعروف لدى صناع الموسيقى أن تلك النوعية من الذبذبة تصنع حالة من الهياج لدى الشباب، وتؤثر على العصب المركزي.

وأضاف أن الذبذبة قبل الحرب العالمية الثانية كانت 432 هرتزا، وهي متوافقة مع الطبيعة البشربة، وحركة الأكوان والدواب، وقد تم تغييرها إلى 440 هرتزا، وهي المتبعة حاليا في العالم.

وتدعم وجهة نظر “نور” العديد من الدراسات العلمية التي حاولت رصد الآثار الصحية لضبط الموسيقى على مستوى 440 هرتزا بدلا من 432، مثل تلك التي خلصت إلى أن الموسيقى ذات التردد 423 هرتزا يمكن أن تقلل معدل ضربات القلب وضغط الدم ومعدل التنفس وتشبع الأكسجين، كما أنها تؤثر إيجابا على الأحاسيس الجسدية والعاطفية، ومستويات التركيز، مع زيادة معدلات الرضا بشكل عام.

وقد تناولت مزيد من الأبحاث الأمر بشكل أكثر تعمقا، كان أكثرها دلالة تلك الدراسة التي أجريت عام 2020 عن تأثير الموسيقى عند 432 و440 هرتزا على ألم الأسنان ومستويات هرمون الكورتيزول في لعاب المرضى الذين يخضعون لخلع الأسنان، حيث ثبتت فاعلية التردد المنخفض في تقليل مستويات القلق السريري بشكل كبير.

وهناك أيضا دراسة ربطت بين الترددات العالية والإصابة بالصرع لدى الجرذان، لكن الترددات الموسيقية راحت ترتفع شيئا فشيئا حتى تخطت مستوى 470 هرتزا في بعض الأحيان، ما يفسر حالات الهيستريا الجماعية وسط الترددات الضخمة والصراخ المتواصل في الحفلات الجماهيرية، لكن الأمر بقي بحاجة إلى إثبات.